سِجّادة الخضر

أحمد عمران الحجاجي

ثنائية الفلسفة والتصوف والحب والموت!

اشتملت على ثلاثمائة حوار

وتسعمائة حكمة رفيعة

أحمد عمران الحجاجي

مجموعة (سجادة الخضر) القصصية، هي أول قصص ازدحمتْ بالصراعات العقائدية والمذهبية، والمناقشات حول القديم والجديد، والواقع والمثال، والفلسفة والتصوف ... لذلك؛ فقد حبستْ أنفاس القارئ، حتى جعلته يتصبب عرقاً، بلْ جعلته يزرف الدموع أحياناً، ويطلق الضحكات في أحايين أخرى!

 (سجادة الخضر) استطاعت أن تخطف الأبصار، وتجر القارئ إلى ميادين الأدب والفكر والفلسفة، بلْ استطاعت أن تعيد للأدب رونقه، وتعيد للثقافة نكهتها، وتعيد للتصوف مكانته. حتى صار القارئ مشدوهاً من أول سطرٍ إلى آخر كلمة فيها ... لِمَا حوته من حِكَمٍ رفيعة، ومواعظ بليغة، وأدلة وحجج وبراهين وشواهد وقرائن لا حصر لها! 

(سجادة الخضر) احتوتْ على حوالي 900 حكمة صوفية وفلسفية مجازية!

(سجادة الخضر) اشتملتْ على 300 حوار شائق وجذاب بين الظالمين والمظلومين، بين الجلادين والضحايا، بين ما يلزم وما لا يلزم!

(سجادة الخضر) الصادرة عن دار (المصرية للنشر والتوزيع) للأديب الاسلامي/ محمد عبد الشافي القوصي، تحتوي على 20 قصة قصيرة، وإنْ شئتَ قلْ: تحتوي على 20 لوحة فنية فائقة الروعة والجمال!

(سجادة الخضر) استدعتْ أشهر شخصيات عرفها التراث والتاريخ، كالملائكة والأنبياء والأولياء والعارفين، والشعراء والفلاسفة. فاستطاعت (سجادة الخضر) في أن تنقل القارئ من عالم المادة إلى عالم الروح، من الدنيا إلى الآخرة! كما نجحت (سجادة الخضر) في الجمع بين الخير والشر، وبين الحقيقة والخيال، بلْ في تحقيق معادلة الفن الرفيع!

تعتبر (سجادة الخضر) أول وأنضج حوارية أدبية، للمصالحة بين الحداثة والتراث، وبين الفلسفة والتصوف، وبين الخير والشر!   

مكث (المؤلف) في عزلة قرابة عشر سنوات لانجاز (سجادة الخضر) على هذا النحو الشائق البديع الذي جعل الناس يقرأونها بنهم شديد، كما الصائم الذي يرتوي بالماء لحظة الافطار!

في مجموعة (سجادة الخضر) تطل علينا شخصية "الخضر عليه السلام" في كل قصة في ثوبٍ جديد، وموقف فريد، وبشارة عجيبة، ففي قصة "المكاشفة" رأينا المريد يقبل على شيخه بفرح كفرح موسى بلقاء الخضر! وفي قصة "الدرويش" كان الناس يلتمسون عنده البركة والدعاء كما الخضر في زمانه! وفي قصة "الرؤيا" استقبل القرويون الصياد الغائب منذ ثلاثين سنة بحفاوة بالغة كأنه الخضر! وفي قصة "العمران" جاء رجل من أقصا المدينة يسعى كأنه الخضر في صلاحه وتقواه! وفي قصة "الأعمى" اختفى الرجل فجأة كما اختفى الخضر عن موسى! وفي قصة "الصناديق المغلقة" اقتنع الناس بكرامات الرجل كما اقتنع موسى بكرامات الخضر وخوارقه!  وفي قصة "الحيلة" قال الشيخ لتلميذه: يا ولدي كن مع خالقك كموسى مع الخضر! وفي قصة "الفرج" رآه قائماً يصلي في المحراب على سجادة لا شرقية ولا غربية كسجادة الخضر! وفي قصة "الأعرج" قفز على السفينة وهو يقول: يا بركة سيدي الخضر!  وفي قصة "المسافرون" حزن الهدهد على سيده، كحزن موسى على فراق الخضر! وفي قصة "ومن العشق ما قتل" قالت الزوجة بامتعاض: دعك من التفاخر الكاذب بعشقنا، وكف الحديث عن الخضر وسجادته! وفي قصة "سجادة الخضر" يقول الحاجب للمريد: استغفر كل ليلة ألف ألف مرة لكيْ تحظى بالجلوس على سجادة الخضر ليعلمك بعضاً من أسرار البسملة! وهكذا ظلَّ الخضر قاسماً مشتركاً في جميع القصص، وإنْ لم يكن شخصية جوهرية في صناعة الأحداث، سوى في قصة واحدة وهي "الفرص الضائعة" حيث التقى موسى بالخضر بعد أربعة آلاف سنة من الفراق!

  لعلَّ الحِكَم والأمثال هي أجمل وأمتع ما حوته هذه المجموعة القصصية العجيبة، منها على سبيل المثال: الحقُّ ليس بمحجوب، إنما المحجوب أنتَ عن النظر إليه! واللهِ ما عَرفَ الله إلاَّ الله! اللهمَّ إنِّي أستغفركَ من كل إثْمٍ اقترفه أحد من خَلْقِكَ وَنَسِيَ أنْ يَستغْفِرَ منه!

"إلهي! إلهي! اقبلني لأنَّكَ مَلِكٌ لطيف، وارحمني لأنِّي عَبْدٌ ضعيف"! لا يُدْرَك النَّعِيمُ إلاَّ بتركِ النَّعِيم! الدنيا جِيفَة، والأُسْدُ لا تَقِفْ على الجِيَف! احذر لُجَّة البحر، ولا تَغْتَرَّ بسكونه، وعليكَ بالساحل، ولازِمْ حِصْن التقوى!! إذا استغْنَى الناسُ بالدنيا فاستغْنِ أنتَ بالله، وإذا فرحوا بالدنيا فافرحْ أنتَ بالله، وإذا أَنِسُوا بأحبابهم، فاجْعلْ أُنْسَكَ بالله. إيَّاكَ .. إيَّاكَ والمعاصي؛ فإنَّها أَذَلَّتْ عِزّ ]اسجدوا[ وأَخْرَجَتْ إقطاع ]اسكُن[! يارَبِّ أين تُقامُ جَهنّم للظالمينَ غداً وللأشرار .. فَلَمْ يُبْقِ عفوُكَ في السماواتِ ولا في الأرضِ شِبْراً خالياً للنَّار؟!! العاشِق الحق هو الذي يَتَخَلَّى عن روحه طَواعيةً من أجل محبوبه! قُلْ لِمَنْ لا يُخْلِص العمل، لا يُتْعِب نفسه!  وللصَّابِر على الفقر ثواب الصَّابِر على المرض! وَمَنْ تَفَكَّرَ في عواقب الدنيا أخذ الحَذَر، ومن أَيْقَنَ بطول الطريق تَأهَّبَ للسفر! وَيْلٌ ثمَّ وَيْلٌ لمنْ لَمنْ يعلم ولَمْ يعمل مرة. وَوَيْلٌ لِِمَنْ عَلِمَ ولَمْ يعمل سبعين مرة! يُغْفَر للجاهل سبعون ذنباً قبل أنْ يُغفَرَ للعالِمِ ذَنٌب واحد!

ليس هذا فحسب؛ بلْ ضَجَّتْ المجموعة القصصية بأجمل العبارات، وأرق الألفاظ القرآنية وأعذبها، مثل: قنوان، صنوان، مدهامتان، حصحص، صكَّتْ وجهها، يا ويلتى، يومٍ ذي مسغبة، مزامير داود، ألواح موسى، أصحاب الكهف، فيل أبرهة، شجرة الزقوم، وغيرها.

كما احتفتْ المجموعة القصصية بذكر أكبر عدد من الأنبياء والأولياء والصالحين، خاصة؛ آدم ونوح، وأيوب ويونس، ويوسف ويعقوب وموسى وعيسى، وداود وسليمان، وزكريا ويحيى. وذي القرنين ولقمان، وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة وأبي ذر. وآسية وبلقيس وزليخا ورابعة!

العجيب أن -الكاتب- افتتح المجموعة القصصية بتنبيه ونداء، يقول فيه: لا يقرب قصَصَنا مَنْ ليس مِنَّا..!

والعجيب أيضاً؛ أن –المؤلف/ محمد عبد الشافي القوصي- أهدى هذه القصص إلى (امرأة العزيز)! فقال: اهداء إلى (الهَانِم) التي هَتفَتْ بأعلى صوتها قائلة: ]الآنَ حَصْحَصَ الحَقُّ[!