قراءة نقدية ونظرة شاعرية في قصائد عبد الرحمن يوسف

قراءة نقدية ونظرة شاعرية

في قصائد عبد الرحمن يوسف

محمد أبو النصر

دائما أحادث نفسي بأنه لا مانع من أن تكون لنا وجهة نظر فيما يقال طالما أن صاحبها قد سمح لنفسه بالقول وكتب لها شهادة ميلاد فعليه أن يقول ولنا أن نتأول

صاحبنا شاعر ركب البحور الشعرية وأمسك بذمام اللغة وله نبرة خطابية واضحة

سأحاول هنا تناول بعضا من أعمال هذا الشاعر كما يحلو لي في المقام الأول لأنه من الجرم كبت النقد بداخلنا في عصر لا يسكن اللسان مكانه ولا تقبع الكلمة دارها فالكل عراء وسط الصحراء .

يقول صاحبنا :

الهَاتِكُ بأمْـر اللهِ !!!

يَا مَنْ لِعِرْضِي هَتَكْ … فَقَدْتَ شَرْعِيَّتَكْ

مِنْ رُبْع ِقَرْن ٍكَئِيبٍٍ … لَعَنْتُهَـا طلْعَتَكْ

أموَالُنَا لَكَ حِـلٌّ … فَامْلأ بِهَا جُعْبَتَكْ

خَلْفَ الحِرَاسَةِ دَوْمَا ً… مُسْتَعْرِضَاً قُوَّتَكْ

صاحبنا جاءت قصائده مباشرة تقريرية مما أفقدها كثيرا من جوانب الجمال فالشعر إذا تساوى مع النثر فالنثر أولى

** حشو الكلمات و الألفاظ فنجد مثلا ((خلف الحراسة دوما )) و(سجدت للغرب دوما )

** القصيدة تفتقر الوحدة العضوية فمن السهل اللعب بمكوناتها فإنك تستطيع أيها القارىء العزيز أن تأخذ ببيت أو أكثر وقذفه خارج الديوان أو خارج القصيدة لقصيدة أخرى ولن تحس بتغيير ملحوظ كل هذا لأن النغمة السياسية ووحدة الالفاظ و الصور جعلت قصائده تمتلكه فلا نجد لغة الحوار التي عاهدناها مع الشعراء

** ((كل أبناء شعبي --- قد شاهدت قسوتك ))

المشاهدة وحدها تصوير ضعيف فكان عليه أن يقرن القسوة بفعل التذوق أو المعايشة

** ((يوم الحساب قريب -- ترى فيه خيبتك ))

الخيبة أيضا مظهر ضعيف ولكن الخزي أشد وطأة على النفوس

** وجدت أيضا ان الشاعر يتحدث بصيغة الأنا وكأنه نصب نفسه متحدثا رسميا عن الشعب فالمواجهة بينه وبين الاخر تأتي بالأنا فقد ذكر كلمة ((شعبي )) أكثر من مرة

(( مع العدو كليل -- لكن بشعبي فتك ))

(( وكل أبناء شعبي -- قد شاهدت قسوتك ))

(( تعطي لنسلك أرضي )) أين شعبنا / أرضنا ؟!!

ويفسر فكرتي هنا هذه الجملة (( هذي الجموع ))

**أموَالُنَا لَكَ حِـلٌّ … فَامْلأ بِهَا جُعْبَتَكْ

سَوَادُ قَلْبِكَ بَادٍ … فَاصْبُغْ بـِهِ شَيْبَتَكْ

يَأتِيكَ دَعْمُ عَدُوِّى .. فَاصْلُبْ بِهِ قَامَتَكْ

انظر لهذه الأبيات والصيغ وكأنها وصاية من الشاعر لمن يخاطبه

خَلْفَ الحِرَاسَةِ دَوْمَا ً… مُسْتَعْرِضَاً قُوَّتَكْ

تُبْدِى مظَاهِرَ عِزٍٍ … تُخْفى بِهَـا ذِلَّتَـكْ

سِلاحُ جَيْشِكَ دِرْعٌ .. تَحْمِى بهِ عُصْبَتَكْ

مَعَ العَدُوِّ كَلِيـلٌ … لَكنْ بِشَعْبي فَتَكْ !

وانظر للأبيات هنا لماذا جاءت دون الوصية ؟؟ فكان من الأفضل له أن يأتي بها كلها على هذه الشاكلة

** هذه كلها إرهاصات نقدية لصاحبنا فشعره حل لي وجعبتي مازالت فارغة

القصيدة التالية (يحيا الرئيس إلى الأبد )

يحيا الرئيس إلى الأبد..

يحيا هو الفرد الصمد!!

له صفات ربنا.. لكنه له ولد..

به نعوذ من جوى وحاسد اذا حسد..

به نلوذ دائما من فاقه ومن كمد!!

نراه مع عدونا يشع صبرا وجلدا!!

لكنه مع كل أهل ارضنا.. كما الاسد!!

نحبه بالطوع أو بالكره ذلك الرشد....

يعيش فى تقشف وفى الفلوس قد زهد!!!

لذلك ربى خصه...بأرصده بلا عدد..

مكتمل وكامل لذلك لا ينتقد..

الصالحون حوله....وليس فيهم من فسد..!!

دوما يصون مالنا وصادق اذا وعد..

قد كان دوما كادحا والحق والجد وجد..

قد كان دوما نابغا وليس فيه من عقد...

وفكره فى صادق القرأن فعلا قد ورد..

واقرأ اذا كذبتنى أخر سوره البلد......!!!!!!!

يا رب طول عمره وعهده ..... الى الابد........

أيها القارىء العزيز لنا رجعة ووقفة بسيطة مع قصيدة أخرى لنسلك من خلالها عالم شاعرنا وما هو بشاعر ولا ضير في هذا فلعل الشاعرية بالنسبة له تهمة قد لا يصبر عليها المهم دون كثرة الكلام نأتي بالدليل ونسوقه إليك عسى أن تشاركنا الرأي .

في هذه القصيدة ألفاظ وكلمات يعترض عليها الكثير منا ولكن دعك من هذا وأترك نفسك معنا لنلعب لعبة المكعبات التي قد روجت فكرتها بالأمس البارحة فكيف لنا نقذف ببيت خارج القصيدة لقصيدة أخرى دون عناء ودون مجاهدة ودون تغيير يصيب القصيدة هيا لنلعب .

** يقول في قصيدته

نراه مع عدونا يشع صبرا وجلدا!!

لكنه مع كل أهل ارضنا.. كما الاسد!!

يقابلها في القصيدة الأولى

مَعَ العَدُوِّ كَلِيـلٌ … لَكنْ بِشَعْبي فَتَكْ !

** وانظر معي ما قلناه سابقا وهذه هى اللعب الثانية

كم عدد كلمة ((دوما في القصيدة )) ؟؟؟ هناك جوائز لمن يجيب

كم عدد ألفاظ الحشو في القصيدة ؟؟ وما هى ؟؟

هل هناك فقد للوحدة العضوية ؟؟؟

هل هناك تقريرية مباشرة للعبارات وللصور ؟؟؟؟

هل هناك فرق بين هذه القصيدة والقصيدة السابقة سواء في الألفاظ أم في المعنى أم في الصور ؟؟؟؟