مزين برقان تبدع رواية الحب

جميل السلحوت

[email protected]

بعد حكاية"يوم ولد قيس" و "رواية"كلمات على رمال متحركة" صدر في الأيام القليلة الماضية رواية"لحظات خارجة عن الزمن" للأديبة المقدسية مزين برقان، وتقع الرواية في 303صفحات من الحجم المتوسط، ويحمل غلافها الخارجي الأول لوحة للفنان بشار حروب.

والرواية من الغلاف الى الغلاف تدور أحداثها حول الحب واشكالياته، ملذاته ومتاعبه.

بطل الرواية بهاء شاعـر فلسطيني لاجئ في مخيم عين الحلوة في لبنان، متزوج لم ينجب أطفالا، يعشق لينا طبيبة الأسنان المتزوجة والأمّ لطفلين، يمارس الحب مع زوجته بلا شهوانية، لكنه يحب لينا من جانب واحد، يكتب لها أشعار الحب ولا تقرأها، تتعامل معه بلطف من خلال مهنتها كطبيبة، وكلما اقترب من البوح بحبه لها كلما أبعدته عن ذلك بعفوية متناهية، بينما زوجته تقرأ أشعاره وتطرب لها، وتزداد حبا له ظنا منها بأنه يتغزل بها...وصديقه عماد يتزوج وينجب أطفالا، ويلفت انتباهه الى الهام التي تحبه، لكنه لا يعيرها انتباها، وكأن أحداث الرواية توصلنا الى الاقتناع بأننا قد نحب من لا يهتمون بنا، ولا نعير انتباها لمن يحبوننا، وكأن الملل هو نصيب الأزواج، أو أن المؤسسة الزوجية غير مقنعة للأزواج، خصوصا الذكور منهم، فالمرأة وفيّة مخلصة محبة  لزوجها، يظهر ذلك جليا من خلال زوجة الشاعر ايهاب، وطبيبة الأسنان لينا، بينما الشاعر بهاء تتعلق عواطفه بالطبيبة لينا، وهي امرأة متزوجة، فهل هو طمع الرجال في النساء اللواتي لسن لهم ولا يمكن أن يكنَّ لهم؟ أم هو جنون الشعر وخيالات الشعراء ونرجسيتهم وعدم استقرارهم؟

اللغة: من خلال الرواية يتضح للمرء أن أديبتنا تمتلك لغة شاعرية جميلة، فيها كل الأصناف البلاغية من تشبيهات واستعارات وكنايات وتورية وغيرها.

الأسلوب: يبدو واضحا في هذه الرواية كما يتضح في رواية أديبتنا السابقة"كلمات على رمال متحركة" أنها متأثرة بأسلوب الروائية الجزائرية المبدعة أحلام مستغانمي، فالأسلوب من السهل الممتنع، يتلاعب بجماليات اللغة فيسحر القارئ ويجذبه لمتابعة الرواية، وعنصر التشويق جارف بشكل واضح، والكاتبة تمتلك خيالا خصبا، مع أن روايتها واقعية حتى النخاع، بطلها يتحدث بلغة"الأنا" مما يجعلها حميمية بشكل كبير، وقد لجأت فيه الى الاستدلال بكثير من الحِكَمِ والأمور الفلسفية، لتدعم ما تريد طرحه من قضايا الحب بين الرجل والمرأة.

والأديبة تركت شخوص روايتها يتحركون كما هم، دون تدخل منها، مما يعطي السرد الروائي مصداقية عالية، وواضح أنها استفادت من تجربتها في أعمالها السابقة، فـ"يوم ولد قيس" هي حكاية أكثر منها رواية، و"كلمات على رمال متحركة" شكلت قفزة نوعية هائلة لصالح الكاتبة، فكان فيها سرد روائي واضح، وقليل من الحكي، بينما جاءت هذه الرواية خالية من الحكي الى درجة كبيرة، فالسرد الروائي ينساب كجدول مياه عذبة، حتى عندما مرّت على رواية النكبة"بلاد الشمس" للروائي اللبناني الياس خوري، وقصيدة القدس للشاعر تميم البرغوثي، وبعض الأعمال الأدبية الأخرى، لم يكن هذا المرّ اقحاما، ولم يكن خروجا عن النص، فالمرء العاشق لا تخلو حياته من الهمّ السياسي أيضا، مع التذكير بأن بطل الرواية الرئيس الشاعر بهاء هو لاجئ فلسطيني في لبنان، ويعاني ما يعانيه اللاجئون في ارض الشتات.