ثريّات فتاة الجبل لعائشة أبو جمعة

موسى أبو دويح

صدرت ثريّات فتاة الجبل في تشرين الثاني سنة 2010 عن دار الرّسالة في القدس في 168 صفحة.

وكأنّي بعائشة قد استوحت عنوان خواطرها أو مواضيعها الإنشائيّة من الثريّا. جاء في لسان العرب في مادّة (ثرا) 1/400: (والثُّرَيَّا من الكواكب سُمّيت لغزارة نَوْئها وقيل سمّيت بذلك لكثرة كواكبها مع صغر مَرْآتِها، فكأَنها كثيرة العدد بالإِضافة إِلى ضيق المحل لا يُتكلَّم به إِلا مصغرًا وهو تصغير على جهة التكبير وفي الحديث أَنّه قال للعباس يَمْلِك من ولدك بعدد الثُّرَيَّا. الثُّريا النّجم المعروف ويقال إِن خلال أَنجم الثُّريا الظاهرة كواكبَ خفيّة كثيرة العدد).

ولقد أصابت الكاتبة في اختيار اسم الكتاب فهو خواطر نثريّة أو نصوص أدبيّة أو مواضيع إنشائيّة. كتبتها في فترات زمنيّة بين حزيران 94 وتمّوز2010 وثلث الكتاب تقريبًا كتب في سنة 2007م.

غرض الكاتبة من الكتاب جاء واضحا على الغلاف الأخير، حيث جمعت فيما كتبت على الغلاف الأخير سبعة عشر عنوانًا من عناوين كتابها الستة والأربعين صاغتها بشكل يوجز هدف الكتاب ووضعتها تحت عنوان (في هذا المشوار) وفيه تمرّد وثورة وحبّ واعتذار وعشق وتحدّ للمجتمع الذي يسمّونه (مجتمع الذكور) وهذه هي موضة العصر، حيث نجد كثيرا من كُتّاب هذا العصر يركبون هذه الموجة بحجة الانتصار للأنثى المظلومة وإنصافها من الذكر الظالم، إلى درجة أنّه نبت لكثير من نساء هذا العصر قرون تنطح بها، بل وحطّمت كثيرا من قرون الذكور.

وعودا إلى النصوص التي كثرت فيها الأخطاء، لدرجة لا تغتفر لأيّ كاتب. وأنا هنا سأتناول عددا منها على سبيل المثال لا الحصر، فإنه يتعذر حصرها والحديث عنها جميعها. ففي الصفحة الثانية جاء):كافّة حقوق الطبع محفوظة) وكافّة هذه لا تستعمل إلا منصوبة؛ لأنّها تعرب حالا. قال تعالى:( وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافّة) فكافّة في الموقعين منصوبة على الحال.

جاء في القاموس المحيط:( وجاءَ الناسُ كافَّةً، أي: كُلُّهُم، ولا يقالُ: جاءَتِ الكافَّةُ، لأنه لا يَدْخُلُها ألْ، ووَهِمَ الجوهرِيُّ، ولا تُضافُ). و جاء في لسان العرب لابن منظور وقال في قوله تعالى:(وقاتلوا المشركين كافة) منصوب على الحال.

ويكفي أن أتناول العنوان الأوّل في الكتاب وأبيّن ما جاء فيه من خلل:

جاء في السطر 2 صفحة 9:(فمن حولنا يثيرون داخلنا الإحساس للكتابة؛ البشر، الحيوانات، والجمادات. كلّها تؤثّر بباطننا،) والأحسن يثيرون داخلنا الحاجة للكتابة؛ فالبشر والحيوانات والجمادات كلها تؤثّر بباطننا.

وجاء في السطر 13صفحة9:(لذا قبل العامين والنّيّف) والأحسن لذا، قبل عامين ونيّف.

وجاء في السطر 4 صفحة10:(كما لم يثيرني إنسان من قبل) والصّحيح لم يثرني إنسان. فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون وحذفت ياء الفعل (يثير) لالتقاء الساكنين.

وجاء في السطر 10 صفحة10:(لذا تروني) والصحيح: لذا ترونني؛ فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة.

وجاء في السطر 17 صفحة10:(أتجادل أطراف الحديث) والصحيح أتجاذب أطراف الحديث.

وجاء في السطر 1 صفحة11:(أوشم قبلتي الأخيرة والأولى) والصحيح أشم لأنّ الفعل وشم مضارعه يشم وليس يوشم، مثل: وصف يصف وليس يوصف، ووقف يقف وليس يوقف. فتقول أشم وأصف وأقف، ولا نقول: أوشم وأوصف وأوقف. ولقد تكررت هذه الكلمة (أوشم) مراتٍ كثيرةً في الكتاب.

جاء في السطر 6 صفحة11:(طوال الطريق) والصحيح: على طول الطريق. فالطول للمكان، وطوال لا تكون إلا للزمان جاء في لسان العرب لابن منظور: (الطَّوَالُ مَدَى الدهرِ يقال لا آتِيك طَوَال الدَّهْر).

وبعد كل هذا، جاءت هذه المقدّمة للكتاب بلا تاريخ، وهي أحوج المواضيع للتاريخ.

وأيضًا جاء معظم الكتاب مشكولا، وليته لم يشكّل؛ لكثرة الأخطاء التي جاءت في الشكل:

ففي صفحة 13،14 جاءت كلمة:(حَلُمْتُ) أربع مرّات والصحيح حَلَمْتُ.

وفي صفحة19:(وخانتني مراتٍ عديدةٍ عبراتي) والصحيح عديدةً.

وفي صفحة22:(حتي يأذن لي الله وأفتحُها) والصحيح وأفتحَها.

وفي صفحة26:(واخلعي عنك العاداتَ البالية) والصحيح العاداتِ البالية.

وفي صفحة32:(أدرك مدى فضولـَـكِ) والصحيح مدى فضولِكِ.

وفي صفحة36:(ولست دكتاتوريّة مثلُك أنت) والصحيح مثلـَـك.

وفيها أيضا:(ربّما فضوليّةً كما تقول) والصحيح فضوليّةٌ.

وفي صفحة38:(في الرفض أو القُبول) والصحيح القَبول بفتح القاف.

 وفي صفحة54:(مازال تخطي الخطوطَ الحمراءَ) والصحيح الخطوطِ الحمراءِ؛ مضاف إليه ونعت مجرور.

وفي صفحة55:(وتخطي الحدودَ دون جوازات) والصحيح الحدودِ.

وفي صفحة56:(لكنها كانت كلماتٌ قاسيةُ عليه) والصحيح كانت كلماتٍ قاسيةً.

وفي صفحة57:(دون أن أنبُس ببنت شفة) والصحيح أنبِس.(أنظر لسان العرب لابن منظور).

وفي صفحة58:(وعاد إلى العادية والتفوهَ) والصحيح والتفوّهِ.

وفي صفحة63:(عِقد من الزمان ولّى) تكررت أربع مرات. والصحيح عَقد وهو عشر سنين.

أمّا العِقد فهو القلادة وبه سمّي كتاب العقد الفريد. وقال ابن الروميّ:

توخّى حمامُ الموت أوسطَ صبيتي فلله كيف اختار واسطة العِقدِ

وفيها:(تناثروا كحبات عُقد) والصحيح عِقد.

وفي صفحة68:(رغما عن كل البشر) والصحيح رغم كل البشر أو رغم أنوف البشر.

وفي صفحة98:(ذهبت أنقّب تائهةٌ) والصحيح تائهةً؛ حال منصوبة.

وفي صفحة100:(وهل استطاع الغوصَ إلى أعماقها وكشفِ أسرارها وإيجادِ روحه التائهة) والصحيح وكشفَ وإيجادَ لأنّهما معطوفتان على منصوب.

وفي صفحة102:(وثمّة أوراقٍ كثيرةٍ مبعثرةٍ) والصحيح أوراقٌ كثيرةٌ مبعثرةٌ.

وفي صفحة104:(دعيني كلماتٍ ملقاةٍ على قارعة الطريق) والصحيح ملقاةً نعت منصوب لمنعوت منصوب.

وفي صفحة112:(تذاكرٌ وجوازات سفر) والصحيح تذاكرُ لأنها ممنوعة الصرف من صيغ منتهى الجموع، لا تنون.

وفي كثير من الصفحات جاءت الشدة على الحرف وفوقها سكون وهذا لا يكون أبدا.

وكذلك جاءت همزة انّ مفتوحة بعد القول (أنّ) والصواب: إنّ لأن همزة إنّ تكسر بعد القول. وتكررت تسع مرات في عنوان كانوا يقولون. وتكررت في الكتاب قريبا من مئة مرة.

وفي صفحة115:(سترتقب فيه مثلُنا) والصحيح مثلَنا.

وفي صفحة121،120:(بنّيّةَ العينين توهّجت) والصحيح بننيةُ لأنّها مبتدأ مرفوع وليست منادى مضافا. ولقد تكررت كلمة بنية ست مرات.

وفي صفحة124:(تسعةُ شهور عاش في أحشائها) والصحيح تسعةَ لأنها نائب عن الظرف منصوب ولقد تكررت ثلاث مرات في الأسطر الثلاثة الأولى.

وفي صفحة126:(كعجوزٌ) والصحيح كعجوزٍ.

وفي صفحة128:(أحلاما يمكن تحقيقَها) والصحيح تحقيقُها.

وفي صفحة131:(أنّ هناك شيئا ما.. أمرٌ يكتنفه الغموض.. أو أمر يحاك في الخفاء ضدنا). والصحيح أمرا أو أمرا لأنهما بدل منصوب من (شيئا).

وفي صفحة137:(تواريخٌ) والصحيح تواريخُ؛ لأنها ممنوعة من الصرف لا تنون.

وفي صفحة139:(وصورة بحُضن الوالدة الراحلة) والصحيح بحِضن.(أنظر اللسان).

وفي صفحة141:العنوان (هل جرّبت أن تكون إنسان؟) والصحيح إنسانا خبر تكون منصوب.

وفي صفحة162:(حسب قوانينَ لعبتك) والصحيح حسب قوانينِ لعبتك؛ لأن الممنوع من الصرف يصرف إذا أضيف.

فكل هذه الأخطاء وغيرها لو لم يوضع عليها الشكل لكانت صحيحة، والشكل الخاطئ هو الذي جعلها خطأ.

أمّا الأخطاء في النحو وفي الصرف فهي كثيرة أيضا منها:

وفي صفحة13:(على حواجز أحد البلدات) والصواب إحدى البلدات؛ لأنّ مفردها بلدة.

وفي صفحة13:(وأن لا تتوه بين أزقّة الطرقات) والصحيح تتيه جاء في لسان العرب لابن منظور:(وتاه في الأَرض يَتِيهُ تَوْهاً وتَيْهاً وتِيهاً وتَيَهاناً والتِّيه أَعَمُّها)، وتكررت مرات.

وفي صفحة15:(ولكن لا يلتقيان، ويفترقا ثانية) والصحيح ويفترقان.

وفي صفحة17:(اقتربت إلى النهاية) والصحيح اقتربت من النهاية.

وفي صفحة24:(عد أدراجك ثانية واختفي مع الأثير) والصواب واختفِ؛ فعل أمر مبني على حذف الياء. وفيها:(واأسفاه) والصحيح يا أسفى على؛ لأنه لا يستغاث بالأسف وإنما ينادى عليه.

وفي صفحة25:(شرعي الأبواب على مصراعيها) والصحيح مصاريعها لأن للباب مصراعين وللأبواب مصاريع.

وفي صفحة26:(ولا تخشي عتبْ) والصحيح عتبا؛ مفعول به منصوب.

وفي صفحة30:(في بيت يدعى وطن) والصحيح وطنا؛ مفعول به ثان منصوب.

وفي صفحة31:(ليس هناك ثمّة ما أكتبه) فهناك وثمّت بمعنى واحد فإحداهما تغني عن الأخرى. جاء في لسان العرب:(وثمّ بمعنى هناك وهو للتبعيد، بمنزلة هنا للتقريب. قال أبو إسحق ثَمّ في الكلام إشارة بمنزلة هناك زيد وهو المكان البعيد منك ومنعت الإعراب لإبهامها وبقيت على الفتح لالتقاء الساكنين وثمت أيضا بمعنى ثـَمّ(.

وفي صفحة32:(وأظل أزرع فيك الفضول لمعرفته لكنك لن تعرفيه) والصحيح أزرع فيك الفضول لتعرفيه).

وفي صفحة33:(أكثر من كونه سؤال) والصحيح سؤالا؛ خبر كون منصوب.

وفي صفحة36:(ولا تستعجب) والصحيح ولا تعجب.

وفي صفحة40:(ينعتونك بأنك لست منهم ويظنوا أنّك معتوه) والصحيح ويظنون؛ فعل مضارع مرفوع لم يسبق بناصب ولا جازم.

وفي صفحة45:جاءت كلمة (الحكايا) جمعا لكلمة الحكاية، وهذا الجمع لا أصل له والصحيح الحكايات. ولقد تكررت الحكايا كثيرا في الكتاب.

وفي صفحة46:(ولا يعود هناك أصلا لتلك الحكاية) والصحيح أصل؛ فاعل للفعل يعود.

وفي صفحة48:(وأختي التي تهتم لي) والصحيح تهتم بي.

وفي صفحة52:(كنا سليبات الإرادة) والصحيح كنا مسلوبات الإرادة.

وفي صفحة61:(والدمعة جاحدة متلبدة في الأحداق) والصحيح جامدة.

وفي صفحة73:(فنزلت آهاتها إلى سابع أرض) والصحيح الأرض السابعة.

وفي صفحة77:(لحين الإيذان بالمرور) والصحيح الإذن أو الأذان.

وفي صفحة81:(موعد مع اكتمال القمر) والصحيح موعد مع غياب القمر لأن المحبين يلتقون في الظلام.قال عمر بن أبي ربيعة: وغاب قمير كنت أرجو غيابه وروّح رعيان ونوّم سمّرُ

وفي صفحة91:(من بئره لأرتشف منه) والصحيح لأرتشف منها؛ لأن البئر مؤنث.

وفي صفحة92:(وعدنا خالين الوفاض) والصحيح خاليي الوفاض؛ لأن نون الجمع السالم والمثنى تحذفان عند الإضافة.

وفي صفحة100:(علّه يلمح خلالها ملامحها أو تعابيرًا) والصحيح أو تعابيرَ لأنها ممنوعة من الصرف لا تنون.

وفي صفحة103:(تركني أصحابي سنين طوال) والصحيح طوالا؛ نعت منصوب.

وفي صفحة107:(تلاقي روحاني) والصحيح تلاقٍ أو لقاءٌ.

وفي صفحة138:(الدمعة والفرحة يتراقصا بخطى ثابتة) والصحيح يتراقصان؛ فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون لأنه من الأفعال الخمسة لم يسبق بناصب ولا جازم.

وفي صفحة148:(الهيبة والوقار يتربعا) والصحيح يتربعان؛ لأنّها كالفعل السابق.

وفي صفحة161:(شيدتها بكلتي يديك) والصحيح بكلتا يديك؛ لأن كلا وكلتا تعربان إعراب المثنى إذا أضيفتا إلى الضمير، أمّا إذا أضيفتا إلى الاسم الظاهر فتعربان بالحركات إعراب الاسم المقصور.

وفي صفحة162:(تشترى الجواري من سوق النخاس) والصواب سوق النخاسة.

 أمّا لغة الكتاب فهي لغة شاعريّة، وما هي بشعر، وتعترف الكاتبة بذلك فتقول في الصفحة التاسعة:(ما كنت يوما شاعرة ولا كاتبة شعر).

 ولقد استعملت الكاتبة لفظة القدَر أو الأقدار كثيرًا في مواضيعها: (رواية حكاية)، و(رحلة مع الطفلة الشقيّة)، وجاء معنى القدر غائمًا غير واضح. والقدر أو ما عرف عند المتكلمين من المسلمين بموضوع القضاء والقدر، أو ما اعتاد الناس على القول عنه:(هذا قدرنا، أو هذا قدري، أو هذا قدره، وما شابه، يقصد منها كلها ما قدّره الله وقضاه، وهو كل أمر لا دخل للعبد به، وإنّما هو مكتوب ومفروض عليه، لا يُغيَّر ولا يُبدَّلُ، فلا رادَّ لقضاء الله وقدره. ومثل هذه الأفعال المقدّرة من الله ليست محلا للثواب ولا للعقاب؛ لأنه لا إرادة للعبد فيها، مثل المرض والموت والاعتقال والسَّجن، وكلّ فعل يقع على الإنسان ولا يستطيع دفعه.

 وختامًا، يشفع للكاتبة أنّها كاتبة ناشئة، وهذا الكتاب هو باكورة إنتاجها. إلا أنّه كان بالإمكان أن يكون هذا الإنتاج أحسن بكثير.