القصة القصيرة في غزة

القصة القصيرة في غزة

يسري الغول

[email protected]

انتهت الحرب، فقررت كمهتم بمجال الإبداع الأدبي بجمع مادة نثرية عن تلك الحرب الضروس في كتاب يوثق المعاناة التي مني بها قطاع غزة مركزاً على الجانب الإنساني. ثم شرعت في الطلب من بعض الأصدقاء بإحضار ما تم كتابته خلال الحرب من نصوص نثرية وقصص قصيرة لتضمينها في مجموعتنا القصصية المشتركة، وقد أعطيت مدة شهر لمن لم يكتب أو يرغب بالمشاركة.

ورغم أن مدة الشهر قد أوشكت على الانتهاء، إلا أنه لم يصل إلا القليل من المشاركات، حتى طلبت النصوص النثرية أياً كانت بعد أن كنت مصمماً أن تكون مجموعتي المشتركة عبارة عن قصص قصيرة. ولعل ذلك يبرز أزمة قديمة جديدة، طرأت خلال العقدين الأخيرين من توجه كثير من الشبان نحو الشعر من جهة والرواية والمسرح من جهة أخرى. في حين تم تجاهل القصة القصيرة، حتى معظم المسابقات العربية والدولية باتت تركز على الرواية في حين تجاهلت فن القصة القصيرة.

والسؤال المهم اليوم: ما هو دور المؤسسة الرسمية تجاه فن القصة القصيرة؟ وأقصد هنا دور وزارة الثقافة. وما هو دور اتحاد الكتاب ورابطة الكتاب والأدباء؟ وما هو دور الكتاب والأدباء أنفسهم في ظل غياب دور المؤسسة الرسمية والأهلية؟

للأسف، لم يتم عقد الدورات المتخصصة في مجال القصة القصيرة إلا نادراً خلال العقد الأخير من الزمن، حيث قام البعض بعمل دورات في ذلك المجال لإدراكهم بأن القصة تتجه نحو الاندثار أو الانزواء. ولقد أسعدني وأحزنني في ذات الوقت أن يقول لي بعض أصدقائي بأنني آخر إسبرطي في عالم القصة القصيرة في غزة وغيرها من كلمات الثناء. التي تحمل وجهاً آخر للحكاية، وهي ندرة كتّاب القصة القصيرة في قطاع غزة وفي فلسطين عموماً.  

وللعل الباحث سيكتشف بأن الجيل الجديد من كتّاب القصة القصيرة في قطاع غزة وفلسطين ثلة نادرة وتحديداً، ففي غزة لن تجد سوى أسماء قليلة مثل نجوى غانم ورشا فرحات ومنى أبو شرخ ودولت المصري ونجلاء عطالله وسيد اسماعيل وآخرين ما زالوا في مرحلة الهواية. في حين أن غزة تعج بالشعراء الذين لا تستطيع حصر عددهم وكذلك كتاب الرواية المحترفون والهواة.

ويظن البعض أن الرواية أصعب في عوالمها من كتابة القصة القصيرة، ولذلك فمن الممكن توجه الروائيين نحو القصة وهو ما نرجوه. لكن الراجح أن كاتب القصة يستطيع أن يكتب الرواية ولكن ليس بالضرورة أن يصبح كاتب الرواية قاص، فالقصة تختزل الأحداث وتعتمد على تكثيف الحدث بينما تستطرد الرواية في أحداثها، فتنساب الخيوط ولا تبين دون أن يحاسب عليها بعض النقاد.

خلاصة القول: أننا بحاجة حقيقية وماسة لإعادة الروح للقصة القصيرة، والترويج لها ودعم المكتبات بالأعمال القصصية للكتاب الفلسطينيين والعرب، وهي رسالة لوزارة الثقافة أن تشرع ببناء جسر بينها وبين كتاب القصة وتحفيز الجمهور على الكتابة من خلال الدورات وورشات العمل.