فاروق أوهان في نخيل بلا رؤوس

كتب .. كتب .. كتب :

د. حسين سرمك حسن

إنّ الكم الكبير بل الهائل الذي يصدر عن دور النشر العراقية والعربية المختلفة هو علامة صحة وحياة على الجسد العراقي الممزق على كافة الصعد ولكن المتماسم بقدرة مبدعيه وسماحة الإبداع ثقافياَ . لا يستطيع علراقي الآن زيارة معرض تشكيلي والقول أن هذا اللون أو ذاك طائفي .. والعراق باكمله يهتز للسياب من الموصل إلى البصرة ويُدرّس للجميع . يبدو أن خط الإبداع هو آخر متاريس العراقيين ولن يسلم من مخطط التمزيق أبداً لأن المقرّر في عقل الأمريكان والصخلينة الأنجاس هو جعل العراق ذكرى في عقول أبنائه وحلماً في خيالات مبدعيه .

المهم ـم هذا الكم الهائل من الكتب التي تضخها دور النشر العراقية والعربية كل يوم هي علامة صحة مصيرية علينا أن نتابعها ونلاحقها ونحتفي بها . وقد جعلت قراءة النتاجات الجديدة في مختلف فروع المعرفة همّاً من همومي الثقافية وانشغلا رئيسيا من انشغالاتي بالرغم من ملاحظات بعض الأخوة على أن هذا الإنشغال سوف يضر بمشروعي الثقافي الرئيسي .

عشرات الكتب وصلتني من داري ضفاف (الشارقة،بغداد) وتموز (دمشق) كنت ومازلت حريصاً على التوقف عندها لعرضها ونقدها أو لمتابعتها كخبر حين تحول ظروف قاهرة عن القراءة النقدية المتأنية . والأهم في كل قراءة أن أشير إلى جانب متفرّد أو لمحة مهمّة تفيد المختّصين كل حسب اهتماماته .

ملاحظة : سبق أن عرضتُ عشرات الكتب الصادرة حديثاً ، كما عرضتُ في الحلقة السابقة رواية د. عباس العلي "الرجل الذي أكله النمل.

ثانياً  – فاروق أوهان : نخيل بلا رؤوس

عن دار ضفاف (الشارقة/بغداد) للطباعة والنشر صدر آخر أعمال المبدع القاص والروائي والناقد والممثل والمخرج المسرحي الراحل الكبير (فاروق أوهان) ، وهو (نخيل بلا رؤوس) (136 صفحة من القطع المتوسط) ، وقد ضمّ مسرحيتين هما :

القفز إلى العدم

والعوم في المستنقع

عن مسرحية "القفز إلى العدم" كتب الراحل أوهان ملاحظة يقول فيها : (إسم المسرحية الأصلي "العبور إلى المستقبل" مقتبسة عن قصة العريس ليوري ناغبين ، قّدمت لصالح مركز النشاط المدرسي / مديرية تربية بغداد – الكرخ بقصد إخراجها في نهاية العام الدراسي 1978 – 1979 ولكن الصعود إلى المنافي حتّم علي تركها ، وقد أعدتُ كتابتها في سبتمبر - نوفمبر 2003 (ص 5) .

تقع أحداث المسرحية في جنوب العراق في منطقة الأهوار حيث يقوم أحد البحاثة العلميين بمعية جمعية علوم الحياة بالسفر إلى هناك لدراسة طبيعية عن موسم هجرة الطيور ، ويلتقي هناك بأكثر من باحث في مجالات علمية مختلفة ، كما يلتقي بأهالي القرى ، ويتعرف على الحالة الاجتماعية والبيئية ، يتوصل إلى ما لم يكن قد تصوره عن البيئة هناك . غايته دراسة هجرة أنواع معينة من الطيور ، لكن رحلته تنتهي باستنتاجات مغايرة ووقائع مختلفة عن هجرة وتهجير الإنسان نفسه .

أمّأ المسرحية الثانية "العوم في المستنقع" فتتحدث عن الحب وخيبات القلب البشري وصمود الإنسان بالرغم من جسامة هذه الخيبات في زمن الاحتلال الأمريكي القذر لوطننا ، عن حكاية القلب الوحيد التي يكتبها صاحبها لتتحوّل من حكاية عن امرأة إلى حكاية عن بلدة ثم حكاية تحكي مآسي وطن . يقول بطلها "سعيد" :

(حكايتي بحبرها الأخضر ، ضاعت في صناديق الوطن ، وسُجنت خلف أسوار الاحتلال ، حبرها الأخضر ما زال يشع ، أسماء خبّأها المحتلون وأعوانهم ، تبرق عباراتها لكل المغبونين والمحرومين . حكايتي لم تضع ، ولن تمّحي ، فهي باقية لتخضرّ في تربة الوطن قريباً .. قريبا ... وليس من تأجيل ، بل بأجل (الغلاف الأخير).

أصدر الراحل فاروق أوهان العديد من الكتب منها : ثلاث مجموعات مسرحية ، وخمس مجموعات قصصية ، وأربعة كتب نقدية وبحثية .

وفي سيرته أنه ترك بعد رحيله أكثر من أربع عشرة مخطوطة بين قصة ورواية ومسرحية وكتاب نقدي .. فمن سيهتم بها ويعمل على إصدارها؟!