قراءة في محكمة الألوان

قراءة في محكمة الألوان

للدكتور طارق البكري

جميل السلحوت

[email protected]

" محكمة الألوان " قصة اطفال للدكتور طارق البكري ، قرأناها في أكثر من موقع الكتروني ، ولا نعلم إن صدرت في كتاب أم لا ، لأننا نحن القابضين على جمر تراب المتاح لنا من فلسطين الذبيحة ، معزولون عن امتدادنا العربي ، مع أن بلادنا تمثل قلب الوطن العربي .

والدكتور طارق البكري لبناني يحمل شهادة الدكتوراة في أدب الاطفال من الجامعة اللبنانية ، ويعمل في الكويت ، كتب مئات القصص للأطفال ، وصدرت له عشرات الكتب التي تحتوي هذه القصص ، كان آخرها " خمسون قصة للأطفال " كما أن له دراسات وأبحاث كثيرة حول الأطفال ، وآخر ما انبثق من قريحته " إقتراح أصدار جريدة يومية للأطفال العرب " وقد كتب تصورا شاملا حول هذا المشروع الذي نأمل أن يجد من يدعمه كي يرى النور .

وأبداعات الدكتور طارق البكري ليست بعيدة عن القارئ الفلسطيني ، فقد أعادت صحيفة " دنيا الوطن " الألكترونية والتي تصدر في قطاع غزة، ويرأس تحريرها الأستاذ عبد الله عيسى نشر عشرات القصص له ، ومن ضمنها نشر كتابه " خمسون قصة للاطفال " بكامله . كما أن مجلة " أدب الأطفال العربي " الألكترونية والتي يرأس تحريرها الدكتور رافع يحيى كانت هي الأخرى سباقة في نشر قصص الدكتور البكري، يضاف الى ذلك أن للدكتور البكري موقعا الكترونيا متميز ينشر ابداعاته ، وهو موقع مفتوح للجميع وبإمكان الجميع الدخول اليه والإشتراك فيه وعنوانه هو : www.bakri.ws

وسبق لندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني في القدس أن ناقشت قصة " صانع الاحلام " للدكتور البكري ، وقد نشر ما دار في الندوة حول هذه القصة في اكثر من صحيفة مطبوعة والكترونية .كما ان الدكتور البكري ينشر ابداعاته في عدة صحف عربية مطبوعة والكترونية ومنها مجلة الفاتح الالكترونية.

ومن خلال متابعتي المتواضعة لبعض ما يكتبه الدكتور البكري فقد وجدت نفسي امام مبدع متألق عملاق ، يتحلى بتواضع العلماء ، يقبل النقد سواء كان ايجابيا أم سلبيا .وأحسب أن شعاره هو " لا يزال العالم عالما حتى يقول علمت ، فعندها يبدأ جهله ".

 ما علينا سوف نعود الى قصة الدكتور البكري " محكمة الالوان "

لماذا الألوان :

سبق وأن قرأت عددا من قصص الأطفال عن الألوان منها ما يحضرني الآن مثل قصة : " قوس قزح " للأديب فاروق وادي ، ومنها قصة " نافذة الألوان " لعدد من الكتاب الصادرة عن مركز التطوير التربوي في جامعة بيت لحم ، ومنها قصة " دموع اللون الاصفر " للأديب خالد جمعة الصادرة عام 2000 عن دائرة التربية والتعليم في وكالة غوث اللاجئيين الفلسطينين " الأنروا "

ويوجد " تناصّ " ما بين قصة الدكتور البكري وقصة خالد جمعة ، فالأول قرر بطل قصته الاستغناء عن اللون الأبيض، بينما الثاني استغنى عن اللون الأصفر وكلا البطلين وقع في مشكلة مع بقية الألوان ، حتى أعاد اللون الذي استغنى عنه وفي المحصلة فإن قارئ القصتين يصل الى نتيجة مفادها ، أن الحياة لا تكتمل إلا بأشكالها المختلفة ، و " التناصّ " بين الكاتبين لا يعني أنهما كتبا بالأسلوب نفسه ، فالمضامين والبناء القصصي بينهما مختلفة ، وإن كانت النتائج واحدة .

وواضح أن الألوان تستهوي كتاب الأطفال ، لأنها تستهوي الأطفال انفسهم ، فالطفل في سنواته الأولى كثير الاسئلة ، ويريد معرفة كل شيء ، وأول ما يلفت انتباهه هو الألوان التي يحاول معرفتها ، والتفريق بينها ، والأباء والأمهات يتجاوبون مع الأطفال في هذا الأمر ، ويحاولون جهودهم لتعريف ابنائهم بهذه الألوان ، وكثيرا ما نجدهم يفاخرون بأن طفلهم يعرف ويميز الألوان وهو في سن الثالثة مثلا ، فإن كتاب الأطفال عندما يكتبون إبداعا للطفل عن الألوان إنما يستجيبون لواقع ورغبات الطفل نفسه .

مضمون القصة :

تتحدث قصة " محكمة الالوان " عن طفل اسمه مسرور ، يهوى الفن والرسم ، وواضح أن والديه استجابا لهوايته ، فزودّاه بأدواتها مثل : الريشة ، اللوحة ، الفرشاة ، وأقلام التلوين المختلفة ، فانغمس " مسرور " في هوايته التي بانت معالمها عليه حيث تظهر الألوان على يديه ووجهه ، وشعره ، وملابسه ، وحقيبته ، وطاولته وغرفته ، وبدت الأسئلة تدور في رأس " مسرور " عن معاني الألوان ، ساحبا إياها على بعض موجودات الطبيعة ، لكنه لم يستطع فهم جدوى وجود اللون الأبيض، فقرر القاءه في كيس أسود أي في القمامة ، فاختفت جميع الألوان من غرفته تضامنا مع زميلها الأبيض ، مما اضطره للعودة الى اللون الأبيض معتذرا ، إلا أن الألوان الأخرى قررت محاكمة " مسرور " ، واختارت اللون الأبيض أن يكون القاضي ، وبعد اعتراف " مسرور " بذنبه وتقديمه الاعتذار ، عفا عنه القاضي شرط " أن يجعل اللون الأبيض شعار حياته ، وأن يحترم جميع الألوان ...... ويقدر عاليا اللون الاحمر .... لون الدم .... رمز البطولة والشهادة والفداء" وتقدير لون الدم والبطولة والشهادة عند الاطفال قضية يجدر التوقف عندها ، والتساؤل عن جدوى تعليمها للأطفال ، فلماذا لا نترك أطفالنها يعيشون طفولتهم ببراءة ؟؟

البناء القصصي :

بطل القصة طفل اسمه " مسرور " يتقاسم البطولة مع الألوان المختلفة ، لكن الكاتب في الجزء الأخير من القصة وعند بدء المحاكمة ، أضاع اسم بطله واستبدله باسم " مسعود " وواضح أن مسعود هنا ليس شخصا آخر ، بل هو مسرور نفسه ، ويبدو أن الكاتب وفي حميّة السرد القصصي لم ينتبه لذلك ، وعدم الإنتباه في هكذا أمور مشكلة خصوصا في الكتابة للأطفال .

وواضح أإن الكاتب كان يتدخل في شخوص قصته ، ويوجههم حسب فهمهه هو لا فهمهم هم ، ولم يتركهم يتحركون ويفكرون وحدهم ، ومن المواقف التي تدخل فيها الكاتب قوله " فكر مسرور ..... للألوان حياة ..... للألوان روح .... ولكل حياة ولكل روح معنى وهدف .... صار يبحث عن معنى الألوان " وهذا طرح فلسفي عميق للحياة وللطبيعة ، وهو فوق المستوى الفكري والعقلي للأطفال ، وحتى للبالغين غير " المثقفين "

أهداف القصة :

للقصة اهداف تعليمية وتربوية وتعليمية منها :

- تعليم الاطفال اسماء الالوان : ابيض ، ازرق ، احمر ، اخضر ...الخ

- تعليم الاطفال صفات الالوان مثل : مائية ، زيتية...الخ

- تعليم الاطفال أسماء بعض أدوات الرسم : ريشة ، لوحة ، فرشاة .... الخ

- تعليم الاطفال أن الحياة تكتمل بأشكالها المختلفة وتناقضاتها ...

- حث الاطفال على التفكير واكتشاف ما يجهلونه .