مهرجان القلب الشاعري 2015

د. عبدالله بن أحمد الفَيْفي

رُؤى ثقافيّة 152

(1- 3)

أ. د. عبد الله بن أحمد الفَيْفي

[email protected]

-1-

بدعوة من (منظمة سوكا جاكاي الدولية- فرع الخليج العربي) كانت لي مشاركة شِعريَّة في مهرجان الشِّعر "القلب الشاعري ٢٠١٥"، الذي نظَّمته المنظمة للعام الرابع على التوالي، في مدينة دُبي (الإمارات العربيَّة المتَّحدة)، خلال الفترة من السبت ٧ فبراير إلى الأحد ٨ فبراير ٢٠١٥أقيم المهرجان في القاعة الرئيسة من جمعية الندوة الثقافيَّة العِلميَّة في (الممزر)، وتضمَّن خمس فقرات شِعريَّة وموسيقيَّة وقد تمحورت موضوعات الشِّعر هذا العام، كما في الأعوام السابقة، حول السلام والتناغم الكوني والبيئة مع التأكيد على موضوع "الصداقة" الإنسانيَّة.

كانت التجربة جميلة ومثيرة، بحضور شعراء من معظم دول العالم، ومشاركة الشاعر (جاسم الصحيح) من السعوديَّة.  لكن الشاعر في ذلك المهرجان كان أمام تحديين: كيف يقدِّم قراءة مُرْضِيَة في عشر دقائق؟ وكيف يقدِّم ترجمةً معقولةً لشِعره لغير الناطقين بالعربيَّة؟  فالشِّعر لا يُترجَم، اللهم إلّا بالمعنى، وحينئذٍ لا يعود شِعرًا، وإنْ هو أشبه الشِّعر، لم يشبه الشاعر.

مهما يكن من أمر، فقد اخترتُ ثلاث قصائد، اكتفيت بترجمة أولاها.  هي "ذاكرة الموسيقى"، وتفضَّلتْ بترجمتها (الأستاذة وفاء أبو شميس)، و(الأستاذ مفيد شيخة)، من (جامعة النجاح) في (فلسطين).  للأسف لم يُورِد المنظِّمون اسمَيهما في العرض المرئي.  والقصيدة من مجموعتي الشِّعريَّة الأُولى (إذا ما الليل أغرَقَني، (الرياض: دار الشريف، 1991)، ص51- 57).  أمّا القصيدة الثانية، فهي "صوت القادم من سواد الأسئلة"، من مجموعتي الشِّعريَّة الثانية (فَيْفاء.. هَبَّة الطفولة، (ط.1، دمشق: اتحاد الكتّاب العرب، 2005، ط2، بيروت: الدار العربيَّة للعلوم/ نادي جازان الأدبي، 2012)، ص59- 67)، والقصيدة الثالثة "راقصة التَّنْغُو"، من المجموعة الشِّعريَّة الثالثة (متاهات أوليس/ قيامة المتنبي"، (الدار البيضاء/ بيروت: المركز الثقافي العربي/ نادي الرياض الأدبي، 2015).  وراعيتُ في الاختيار أن يتفق مع طبيعة المهرجان، من التمحور حول قضايا الإنسان عمومًا.

-2-

ذاكرة الموسيقى

تَـنسابُ  نُـورًا  سَلْسَلِـيَّ  الاِنهمارْ **  تَـمْتاجُ كالعـزمِ  اعـتـلاءً  وانحدارْ!

رُوحٌ مُحَـلِّـقَـةٌ بـنا.. في جُـنحِـهـــــــا **  أرواحُـنا تسمـو على دُنـيا الصَّغـارْ!

من ثَغرِ  ما خلفَ الوجودِ تَسلَّـلـتْ **  وسَقَتْ بكأسٍ ما تَـمَـلُّ منَ الدُّوارْ!

نـاجـتْ بآمـالِ الحـياةِ ويـأسِـهــــــــــــا **  وحكـتْ لـنا  سِـرَّ  انـبناءٍ  وانهـيارْ!

هيَ نغْمـةٌ قد مازجتْ نفـــسي، فلم **  أُدركْ لهـا نبعـًا ولم أَكــشِفْ سِـتـارْ!

هيَ عُنْصُري  مُـذْ كنتُ ثَمَّ عجـينةً **  من طِـيـنـةٍ  أزلـيَّـةٍ  أو من غُــبـارْ!

سالتْ إليها مهجتي.. سارتْ لأصـ **  ــداء  تُـناديهـا  إلى  ما  لا قَــرارْ!

عـادتْ  بـتِمـثـالي  إلـى  ذرَّاتِـهِ  الــ **  أُولَـى ورُوحي في ذُهُولٍ  واحتيارْ!

فوجـدتُ  في سِـفْـرِ الخـيالِ لَذاذتـي **  محـفـوفةً في كـلِّ كــأسٍ  بـالـمـَرارْ!

وشَهِدتُ كيف تكاثرتْ في خاطـري **  عَبْرَ العُصورِ بناتُ فِكري كالشَّرارْ!

ووجدتُ جَدِّي في النعيمِ.. سألـتُـهُ: **  لِـمَ  يا أبي تجـتاز هاتـيكَ الثِّمـارْ؟!

فـأشـارَ  نحـوَ الأُمِّ  حَـوَّاءِ  الجمـيــ **  ـلةِ مُوْمِـئًا.. يا ويلتا ما صارَ صارْ!

ورأيـتُ قـــابـيـلَ بـنَ  آدمَ مُـشْـرِعــًـا **  بالمَوْتِ صَدْرَ أخيهِ مَشْبُوبَ السُّعارْ!

: إِنِّـي أنـا قـابـيـلُ وَحـدي ها هـــنا **  سأُدَمِّـرُ الدُّنـيا.. ودُنـيايَ انـتِـصــــــارْ!

ورأيـتُ أنـسالَ الفَـناءِ، من الحَـصا **  ةِ إلى النَّـواةِ، وعَصْرِ فُجْـرٍ وانفِجارْ!

وشَهِـدتُ منَ بِـدَعِ الغَـرامِ روائـعًـــا **  وارتعتُ من ضِغْنِ الأَنـامِ  المُستَطارْ!

واستيقظَ السَّاري.. وها قد طُـرِّزَتْ **  أسمــالُ ثَــــوبـي  بالنَّجـيعِ  وبالـنُّـوَارْ!

فبكـيتُ بـين خـيوطِهـا لَـوْنَ الفَــــــرا **  شَةِ.. شَوَّهَتْها في دَياجي البَغْيِ نـارْ!

The Memory of Music

Poet: Prof. Dr. Abdullah Bin Ahmad AlFaify

Translated by: Wafa Abu Shomais, Mufeed Shaikhah

 

It flows as strands of light subsequently

Sweeping like determination undulating; ascendingly falling!

A hovering soul we are all there winged

Higher over diminutives our souls transcend!

Sneaking out through the mouth behind being

Drunken a glass never tired of circulating!

Conversing the hopes of life and its despair

And narrating secrets of constructing and impair!

A tune it is, so deep it mingles myself within

Neither did I reach a fountain for nor its hidden!

It's been the material for me and the element

Since eternal dough of clay, I was, and a little dust!

The inner heart of me streamed to it and streaked slowly

Towards echoes that reflected calling endlessly!

It brought my original statue back to its initial atoms

To my beginning, and my soul set bewildered in maze!

So did I find in the book of illusions my pleasures

In each cup surrounded all by bitterness!

And I witnessed how, in my mind, thoughts

Of passing days multiplied as fire sparks!

My father in paradise, I found... I asked

Why, father, that fruit you passed?!

Nodding and towards the charming Eve he pointed

Alas! Lamenting! What to happen inevitably happened!

And I saw Cain, son of Adam, fire flaming

With death on his brother's chest initiating!

"It is me, Cain, and here I am alone

Shall destroy the world and victory is mine!"

And I saw the mortals from pebbles to nucleus

And so did I see a banging age of licentious!

And I witnessed wonders of love splendors

But shocked in fear for malice and vicious!

And the night traveler woke up… and there I saw my dress fold

Embroidered with flowers and blood!

So I cried between its strings for the butterfly color

Which distorted, in the darkness, by oppression and fire!

وفي المقال التالي نواصل عرض حكاية "القلب الشاعري"، ونصوصه الشِّعريَّة.

* [الكاتب: أ.د/ عبدالله بن أحمد الفيفي، عنوان الموضوع: «مهرجان القلب الشاعري 2015: 1»، المصدر: صحيفة «الراي» الكويتية، الثلاثاء 31 مارس 2015، ص28].