القدس في شعر حيدر الغدير

clip_image002_47f5a.jpg 

إن القدس والأقصى وقبة الصخرة وبيت المقدس وفلسطين، وما تضمه من مدن ومواقع، وما تمتلكه من تاريخ مجيد وبطولات خالدة وانتصارات حددت مسارات التاريخ، كلها رموز تترادف في دلالتها العامة، وإن كان لكل منها دلالة خاصة.

وإذا تخطينا ما حفلت به دواوين شعرائنا القدامى من حديث عن هذه المدينة وما فيها وما  حولها، فلن نجد نهاية للحديث عنها في دواوين شعرائنا المعاصرين، وما أكثرهم، وما أوسع تناولهم لها ولقداستها ولمعاركها الماثلة في حاضرنا وفي وجداننا، ولكننا نجتزئ من هذا الاهتمام بها ما قدمه لنا شاعرنا الدكتور حيدر الغدير.

فقد اختار شاعرنا عنوان ديوانه الثاني (غداً نأتيك يا أقصى)(1) ليعبر به عن مدى تعلّقه بهذا المسجد المبارك والمدينة المقدسة وأرض المحشر والمنشر، وقد كان هذا هو عنوان قصيدته الأولى في هذا الديوان.

فهو يحز في نفسه ما أصاب القدس من احتلال العدو الصهيوني لها وإهاناته التي ألحقها بمسجدها ففجرت انتفاضتها الثانية، وتطاولُ الزمن على تقاعس العرب والمسلمين عن تحريرها فيعاهد الأقصى على عدم نسيانه، وعلى تحريره:

لعهدك أيها الأقصى

وعهدك جمرة فينا

 وحلم في مآقينا

ينادينا فلا ننسى

وكل خلية فينا هي الأخرى تنادينا:

إلى الأقصى إلى الأقصى.

وهو في تلبية هذا النداء، وفي الوفاء بهذا العهد لن يكتفي بالكلام، بل سيكون حرباً على العدو تقضي على علوّه وجبروته:

سنأتي في غد ناراً

وبركاناً وإعصاراً

 لنصنع مرة أخرى،

وقد لاحت لنا البشرى،

بعون الله حطيناً.

ويجمع بين رمز حطين التي كانت مفتاح تحرير القدس من الصليبيين ورمز خيبر التي قضي فيها على الوجود اليهودي الكياني في الجزيرة العربية:

ونغضب غضبة كبرى

ونصنع خيبراً أخرى

ونحمي الأرض والدينا.

وإذا كانت حطين تحطيماً للقوى الصليبية قديماً فستكون حطيننا الحديثة وخيبرنا الجديدة تحطيماً للكيان اليهودي الصهيوني في فلسطين:

نتبّر كل ما شدتم

وما قلتم وما خنتم

 ونمحوكم ونجعلكم حديثاً مر كالهمس

وآلاً لاح كالأمس.

فهو متفائل بالنصر، ولم تويئسه الهزائم التي ارتكبها المتخاذلون، فلا يطيل البكاء على ما فات ولا الندب على المصاب، ويحدد عوامل النصر التي نحملها قيماً ومبادئ:

غداً نأتيك يا أقصى

كتاب الله في يدنا ينادينا لموعدنا

وموعدنا صباح ظافر ضاحكْ

وموعدهم مساء خاسر حالك

وإن الصبح آتينا وآتيكم

ليرديكم ويبقينا

ولن تمنع هؤلاء الصهاينة حصونهم التي يختبئون وراءها، ولا دباباتهم التي يحبسون فيها أنفسهم، ولا جُدرهم الواقية التي يحيطون بها مستوطناتهم:

 سنأتيكم مع الفجر

لنجعل صرحكم بدداً، ولا نبقي به أحداً

ولا يحميْكمُ سور، ولا شجر ولا حجر،

ولا نفق ولا حصنٌ

ولا إنس ولا جن، ولا حقل من الغرقدْ

 ظننتم فيه مخبأكم ومثواكم وملجأكم،

فإن صباحكم أنكدْ

وإن مساءكم أربدْ

فموتوا حيثما كنتم، وموتوا في حمى الغرقدْ

فوعود الله للمؤمنين بالنصر ووعيده لبني إسرائيل بالهزيمة وإساءة الوجوه والتتبير... في طريقها إلى التحقق، وهو واثق تماماً بأن النصر قادم يتمثل بالمآذن التي تصدح بالشهادتين، وبكل المعالم والمدن الفلسطينية:

سنلقى نصرنا طلقاً

يعانق حسنه الحقا

ويقفو رعده البرقا

على أهداب مئذنةٍ

وفي أوراق سوسنة

وفي أحلام رابية، وفي ماء وساقيةٍ

 وفي يافا وفي عكا وفي صفد وفي الرملةْْ

 وفي النارنج والليمون والتفاح والفل

سقاها الطل في الليلِ

وفي الخيل التي تعدو

وفي الطير التي تشدو.

فكل هذه المعالم والمرابع تحتفل بالنصر الذي تتلاقى فيه رايات الفتوحات والانتصارات السابقة واللاحقة:

فنلقى الفاتح الأولْ

أبا حفص بهيبتهِ

ونلقى الفاتح الثاني

صلاحاً في وضاءتهِ

نلقى الفاتح الثالثْ

فنعرفه بطلعته، وقامته التي شمختْ، وسطوته ورحمتهِ.

هذا الفاتح الثالث الذي ما زلنا ننتظره ونرقبه؛ لنسجد حينئذ شكراً لله الذي يهب كتائبنا وزحوفنا نصره المؤزّر.

وإذا كانت قصيدته هذه قد استوعبت كل ما في القدس وحاضرها، ومصابها، والآمال المعقودة على تحريرها وتطهيرها من دنس المحتلين، فإن قصائده الأخرى التي نظمها في مناسبات عربية وإسلامية، احتلت فيها القدس والأقصى وفلسطين أماكنها، فهي شغله الشاغل ومحركه الدائم وحافزه إلى التفاؤل الواثق الذي يظهر في كل قصائده.

ففي قصيدته (أمـل)(2) يتحدث عن أحلامه السابقة، التي صارت واقعاً حياً، وعن آماله وأمانيه التي يتفاءل ويستبشر بتحققها قريباً:

أحلامـنا بالأمس واقـع يومنا

وغـداً أماني يـومـنا تـتـحـقـّق

أملي الذي ملأ الجوانح بهجة

ومشى بما أرجو وأزهو يغدق

وأمله هذا أن تثأر فيالق المجاهدين وقادتهم ذوو الهمم القعساء، فتقضي على الصهاينة حديثاً كما قُضي على وجودهم السياسي في عهد الرسالة، فيقول:

أني سمعـت الثأر يدعــو أمتي

فإذا صـداه، وقــد تهادى الفـيـلق

يمضي به ويــقـوده ذو هـمـّة

للنصــر فيه أو المـمات تشــوّق

يطوي اليهود كما طوتهم خيبر

وطوى قريظةَ يوم خانوا الخندق

وكل ذلك كائن في ميعاد قريب ومكان موعود محدّد، يتمثلّ فيه استكبار إسرائيل، ونشرها الفساد والظلم والطغيان، وعلوّها على من حولها، ولا بد أن تكون الراية حينئذ ترفع كلمة التوحيد وتدعو إلى الأخذ بتعاليمه:

والموعد «الأقصى» وراية أحمد

ستجوز آفاق السماء وتَخفق

وهذا القائد ذو الهمة يحقّق الله على يديه النصر المبين، وتعنو وجوه الصهاينة لأمره وتخضع لحكمه فيهم، وهو متواضع بعيد عن التكبر، وبذلك ترتفع على مآذن الأقصى نداءات (الله أكبر) معلنة دخول المسلمين للمسجد كما دخلوه أول مرة:

ولسوف يعـلـو فـوق مـنـبره ضحى

للناس فـيه تشــوّف وتعلُّــق

والمسلمـون بـكـل أرض سُــجـّّد

والله يحـفظ أمـرهم ويـوفـّـق

والفاتـح المنصـور بيــن جنــوده

بالنـصـر زاه، بالـوقـار مطوّق

عنتِ الـيهـود لأمره، وجـبـيـنـُه

لله عـان مستـكـيـن مـطـرق

وعـلا عـلى الأقـصى الأذان مـظفراً

فإذا العـيـون بـدمـعها تغرورق

وتتراءى له القدس في كل ميدان، وفي كل مشهد يدل على القوة والفروسية، فها هو يرى في قصيدته (صباح مؤمن)(3) فارساً على صهوة جواده، فيشغله هذا المشهد من مشاهد القوة والفروسية، فيرى في هذا الفارسِ أحدَ قادة المسلمين الفاتحين، فينسى آلامه وأحزانه التي تلفه وتلف القدس والديار المحيطة بها، ويجري معه حواراً عن هويته والآمال المعلقة عليه، فيقول:

ولمحت في الظلماء صـهـوة فارس

يعـدو فيسبق نفسه حتى دنا

"من أنت؟" قلت: أخالد أم طارق؟

أم سعدُ أم عمرٌو؟ أجبني. إننا

نهـفو لمثلك، نحن حـولك أمـة

طالت مواجعها وطال بها العنا

والقدس ترقب مثل سيفك ظافراً

والناس، والتاريخ يرقب والدّنا

ماذا؟ ومن؟ ومتى؟ وأين الملتقى؟

فأجاب: حيث المسلمون، وههنا

وشاعرنا يرى أن القدس يحررها بالسيف شهم مثل هذا الفارس، يتحدى الخطوب فيثخنها جراحاً، ويجعلها مثل خيبر، ويستأصل جذور الفساد فيها والاغتصاب والعدوان:

القــدس للشــهم الــذي يأتي لها

وبها كما يأتي من الليـل الســنا

القــدس للشــهم الـذي يأتـي لها

بطلاً يفـدّيـها بأنفس ما اقـتـنى

للقدس يـوم مثل خـيـبـر ظافـر

يأتي به شـهم شـجاع ما انحنى

يا قـدس، مـوعـدنا صباح مـؤمن

يأتي به الأنجـاد نضـراً مـؤمنا

وهو دائماً يرى أن هذا الفتح والتحرير لن يتما إلا بالقوة التي تقضي على الاحتلال، وتعمل لإعلاء كلمة الله، وبالإيمان الذي يصنع العجائب في نفوس حملته فيكونون جديرين بنصر الله تعالى لهم، بعد أن يكونوا قد نصروا دينه، وأعلوا كلمته، فهم قد أتوا بهذا الصباح المؤمن و:

صنعـوه من نصـر تـزيّـن بالتّـقى

وتــزيّـنوا للقـائـه وتــزيّـنا

هـم مؤمنون ومحسنون، فهـل تـرى

نـصـراً لـهم إلا نـبـيـلاً محسناً؟

وهو هكذا دائماً متفائل، لا تقنطه قوة عدو، ولا يوهنه ضعف حاكم مسلم، ولا تخاذل من يثبّط الهمم، فالمسلمون إلى خير وإلى نصر وإلى عودة إلى المجد، فيقول في قصيدته (وَسَلِ الزمان):

ما زلت رغم غـوائل الظـلمات

والـبـغـي، أُقسم إن صبـحي آت

آت، وإن جار العـداة وأسرفـت

أنـيـابهـم في الأهـل والحـرمات

المسلمون هم الخلـود، وسل بهـم

مر الـزمـان قـديـمـه والآتـي

وفي قصيدته (إلى الثالث الميمون)(5) التي تناهز مئة بيت يضع مقدمة نثرية يتحدث فيها عن «الذي سينقذ القدس من الاحتلال اليهودي»، ويكرر فيها اسم القدس ورموزها فلسطين والأقصى... ثلاث عشرة مرة، ويستعرض ما قدمه الفاتح الأول عمر، وما صنعه الفاتح الثاني صلاح الدين، ويبحث عن ثالثهما:

وثالثهم لم أبصر اليوم وجـهـه

   ولكنـه بـدر السمـاء إذا تـمّـا

من الثالث الميمـون؟ اَلله وحـده

   سيأتي به نعمى ويأتــي به رغـما

أناديه: أقـدمْ، إن حولك أمـة

   رأتـك الأبَ المـقدامَ والخالَ والعمّا

فيا أمّتي تيهي، ويا مجـد كـن له

سواراً، ويا أعـراس كـوني له يـومـاً

ولا يقتصر تناول شاعرنا لقضية القدس على ما ورد في ديوانه هذا، فهو في قصائد ديوانه الأول (من يطفئ الشمس؟)(6) أيضاً لا يغفل الحديث عن فلسطين، على رغم غلبة الإخوانيات والروحانيات على قصائد هذا الديوان، فهو في قصيدته (أين المفر؟)(7) يتحدث عن انسحاب الصهاينة من غزة عام 2005م، تحت ضربات المقاومة، وتخريبهم بيوتهم بأيديهم قبل أن تصل إليها أيدي المؤمنين، وبكاء شارون والصهاينة على انسحابهم، فيقول:

يا من بكى دمـعة خـرساء حمـراء

غـداً ستبـكـي دمـاً صبـحاً وإمساء

فأنت من جـاء للأقـصى فدنّـسه

وأوسع النـاسَ تـنـكيلا وإيـــذاء

وهو يبدي تفاؤله واستبشاره بالتحرير القادم عاجلاً، بدءاً من غزة التي تحررت، وقد جاءت الأحداث في بداية عام 2009م، تؤكد أن قوة الجيش الصهيوني تحطمت على صخرة صمود المقاومة والشعب في غزة، فيقول:

في غزة بدأ التحــرير رحــلته

مواكبـاً لا تـرى فيهـن إبـطـاء

حتى يحـرر كل الأرض منـطـلقاً

كالـرعد محتـدمـاً، والبـرق وضّاء

ويحفل الديوان الثالث للشاعر د. حيدر الغدير (عادت لنا الخنساء)(8)، بعدد من القصائد التي تناولت القضية الفلسطينية عامة، والقدس والمسجد الأقصى خاصة، فعنوان الديوان يرمز إلى الأم الفلسطينية التي تدفع بأبنائها إلى الجهاد في القدس وأكنافها ضد اليهود الغاصبين معيدة سيرة الصحابية الجليلة الخنساء، وفخرها باستشهاد أبنائها في القادسية.

فقد عبر الشاعر عن هذه الأم المجاهدة في قصيدته (أودعتك الله)، وصاغها بلسانها، ويوجه قصيدته (الشهداء) إلى الشهيدة آيات الأخرس، ومثيلاتها وأمثالها.

وله قصيدتان يخاطب فيهما (شارون) الذي ارتكب أبشع الجرائم في حق الشعب الفلسطينية، وهما (الصبح موعدكم)، و (احفر ضريحك)، وله قصيدتان يخاطب بهما الحاخام اليهودي الحاقد عوفاديا الزعيم الروحي لحزب شاس، والذي دعا إلى إبادة الفلسطينيين علنا، وهما (ونحق الحق)، و(أعماك حقدك).

ونلحظ هنا توزعا في اهتمامات الشاعر بالقضية الفلسطينية وأحداثها ومستويات شخوصها الصديقة والمعادية.

غير أن قصيدتيه (بل أنت يا أقصى لنا)(9)، و(يا حماة الأقصى)(10)، ذواتي علاقة مباشرة بموضوعنا عن القدس. فقد جعل الأولى منهما برقية شعرية إلى المسجد الأقصى المبارك في ذكرى إحراقه راصداً فيها ملامح يوم قادم في الأفق، فيه بشير ونذير، أما البشير فإنه يحمل للمسلمين أناشيد النصر، وأما النذير فإنه يحمل لليهود أصوات الناعين, وتبدأ القصيدة بقوله:

بل أنت يا أقصى لنا

والدهر يشهد والسنا

ويتكرر الشطر الأول مع كل مقطع ليكون لازمة إنشادية بإيقاعها الحماسي السريع، لتنتهي بهذين البيتين:

بل أنت يا أقصى لنا

وتظل يا أقصى لنا

أما اليهود فربما

يجدون قربك مدفنا

وتأتي قصيدته الأخرى (يا حماة الأقصى) تحية إلى الذين يؤدون أشرف الواجبات أصالة عن أنفسهم ونيابة عن الأمة، في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك وحمايتها مما يدبره اليهود سرا وإعلانا من الكيد له وتدميره فيفتتح القصيدة بقوله:

يا حماة الأقصى عليكم سلام

أنتم السيف سله الإسلام

ويختم هذه القصيدة بنداء من هؤلاء الحماة الكماة إلى المسلمين قائلا:

أيها المسلمون لا تخذلونا

نحن دين وإخوة وذمام

انصرونا فنحن للقدس قمنا

إنما ينصر الكرامَ الكرام

قد دعانا إليه أغلى مناد

فأجيبوا فإنه الإسلام

وأخيراً، إذا كان بعض أصحاب القرار وبعض حملة الأقلام يرون أن تحرير القدس بعيد، أو لا يتم إلا بالتفاوض أو التنازل، فإن شاعرنا الدكتور حيدر الغدير لا يرى غير جهاد المحتلين الصهاينة حلاً لتحرير القدس، فيقول من قصيدة وجهها لشارون بعنوان (أيها المعتدون)(11):

أيها الـراكضون في القـدس تـيـهاً

أنــتــم الـواهمون والأغــبياء

أيها المعـتـدون، مـا دام ظـلــم

ولد الظــلــم وهــو داء عياء

فاحذروا إننا طـلائـــع زحــف

جنـده الأروعــون والأتــقـياء

وارحلـوا قبـل مـوتكم أو فمـوتوا

حـيـث شئـتـم فسيفـنا المحّــاء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

(*) حيدر الغدير شاعر سعودي ولد عام 1939م، عمل في مجالات متعددة آخرها المجلس الأعلى للإعلام حتى عام 2003م.

(1) ديوان (غدا نأتيك يا أقصى)، نشر مكتبة البستان، عمّان، الأردن، ط1، 1427هـ/2007م، والقصيدة ص9 من الديوان.

(2) السابق، ص 71.

(3) السابق، ص 88.

(4) السابق، ص 93.

(5) السابق، ص 97.

(6) ديوان (من يطفئ الشمس؟)، نشر دار المؤيد، الرياض، ط1، 1427هـ/2006م، ص 71.

(7) السابق، ص 157.

(8) ديوان (عادت لنا الخنساء)، نشر دار المؤيد، الرياض، ط1، 1430هـ/2009م.

(9) السابق، ص53.

(10) السابق، ص59.

 (11)  ديوان (غدا نأتيك يا أقصى)، ص105.

وسوم: العدد 685