اللغة القرآنية

اللغة القرآنية تختلف عن لغتنا التي نكتب بها في أنها مُحكَمة لا خطأ فيها ولا نقص ولا زيادة ..

وقد كَثُر الكلام عن الآيات الكونية التي تحدثت عن النجوم ومساراتها والأرض وخلقها والحياة وبدايتها .. وكيف جاءت العلوم الحديثة بالجديد المبهِر مِن الحقائق خلال مئات السنين التي أعقبت التنزيل القرآني فلم تخرق حرفًا قرآنيًا واحدًا ولم تنقُض آية .. بل اتفقَت جميعها مع كلام القرآن وزادته توكيدًا .

كما جاء القرآن في نظم الحُكم وفي الاقتصاد وفي الأخلاق وفي حقوق الإنسان وفي الأسرة وفي الزواج والمرأة والشرائع بالكلمة النهائية الجامعة.

كما انفرد بذَروة في البلاغة، وقمة في البيان، وجمال في الأسلوب لم يطاوله فيه كتاب .. وقد أفاض القدماء في هذا وأغنونا .

لكن يظل هناك وجه مُعجِز من وجوه القرآن ربما كان أهم من كل هذه الوجوه يحتاج إلى وقفة طويلة .. وهو ما أسميته بالمعمار أو البِنية الهندسية أو التركيب العضوي أو الترابط الحي بين الكلمة والكلمة ..

•• وما أشـبـــــــه القرآن في ذلك بالكائن الحي .. الكلمة فيه أشـبـــــــه بالخلية ..

فالخلايا تتكرر وتتشابه في الكائن الحي ومع ذلك فهي لا تتكرر أبدًا .. وإنما تتنوع وتختلف .. وكذلك الكلمة القرآنية فإننا نراها تتكرر في السياق القرآني ربما مئات المرات .. ثم نكتشف أنها لا تتكرر أبداً رغم ذلك .. إذ هي في كل مرة تحمل مشهدًا جديدًا ..

وما يحدث أنها تخرج بِنا من الإجمال إلى التفصيل .. وأنها تتفرع تفرعًا عُضويًا .. تمامًا مثل البذرة التي تعطي جِذرًا وساقًا ثم أغصانًا ثم أوراقًا ثم براعم ثم أزهارًا ثم ثِمارًا .. وهي في كل مرة لا تخرج عن كونها نبات البرتقال ..

وذلك هو الترابط العضوي أو المعمار الحي .. 

والقرآن بهذا المعنى يـشـبــــــه جسمًا حيًا، والكلمة القرآنية تـشـبـــــه كائنًا حيًا أو خلية جنينيّة حية .. فهي تتفرع عبر التكرار الظاهر لتعرِض مشاهد تُكمِل بعضها بعضًا، تمامًا كما تنقسم خلية الجنين لتعطي خلايا الرئتين والقلب والكبد والأحشاء والعظام والجهاز العصبي، إلى أن تعطينا في النهاية إنسانًا كاملًا .. وقد جاء كل هذا التنوع من خلايا متشابهة .. فذلك هو التفصيل الذي كان مجملًا في الخلية الأولى للجنين .

وسوم: العدد 704