تقديمي لديوان الشاعرة هاله إدريس

* صدى الحنين *

عندما قرأتُ البيتَ الأولَ من ديوانِ " صدى الحنين " عرفتُ أني أمام بحرٍ متلاطِمٍ  ، كيف لا والشاعرةُ هالة إدريس هي ابنةُ البحرِ، ابنة الدرِّ والصدفِ واللؤلؤِ والمرجانِ والغوصِ والإبحار. 

نعم جميلٌ جداً أن يقرأ المرءُ شعراً صيغَ من بحرينِ ، فالقصيدةُ في " صدى الحنين" لها بحرانِ ، بحرُ اللاذقيةِ وبحرُ الشعرِ.

استهلتْ الشاعرةُ ديوانَها بقولها :

( بكيتُ وذقتُ مريرَ المذاقِ ،، وقلبي يتوقُ لبعضِ العناقِ 

أداوي جروحي بهمسِ حروفي ،، ويغزو قصيدي عويلُ الفراقِ)

القصيدةُ جاءت على متقاربِ الخليل بن أحمد الفراهيدي والذي كان له أوفر الحظِّ في الديوان ، ويتضحُ جلياً من الوهلةِ الأولى أنه شعرُ معاناةٍ وألم ، وكأنها تريدُ أن تصلَ رسالتها من البداية. 

- عنوانُ القصيدةِ الثانية في الديوان هو :

" طالَ الفراقُ " تعودُ الشاعرةُ لمرتينِ على التوالي لتتحدثَ عن ألمِ فراقِ الوطنِ الذي عاشَتهُ في غربتها.

( وإنْ طالَ الفراقُ وزادَ شوقي ،، سأعصرُ خمرَ ودّي في إناءِ

وأشربُ كأسَ أوجاعي بصبرٍ ،، يهزُّ القلبَ من وقْعِ البلاءِ )

وكانت من بحر الوافر الذي له النصيب الأوفر أيضاً من الديوان 

- ثم تأتي العناوينُ تترى تُنبئُ بالألمِ والجراحِ فمنها :

فؤادي جريحٌ ، دُمَى بلا قلب، ثم جرحُ القلبِ الذي قالت :

( رحى الأيامِ تطحنُ في عنادٍ ،، وتفنيني بتقطيعِ الوريدِ 

ويغرقني الحنينُ بلا بحارٍ ،، فيحرمني من العيشِ الرغيدِ )

- ثم قالت في قصيدةِ "قلاع الحنين" 

( أكابدُ ليلي وكلي جنونٌ ،، ومازالَ دمعي رهين رضاكا 

قلاعُ الحنينِ تروادُ صبري ،، فيغفو الأنينُ بيومٍ يراكا )

وفي قصيدةِ "صبري قليلٌ " :

( سأبحرُ رغمَ الهمومِ وأمضي ،، شراعي حنينٌ وخطوي قتيلْ 

تركتُ النفاقَ لأهلِ النفاقِ ،، فصدقُ المساعي لديَّ بديلْ )

وقصيدةُ  "سجينةُ منفى" :

( وتلكَ الديارُ تنادي الغوالي ،، محالٌ خضوعي لزيفِ الدخيلِ

رياحُ الحنينِ وجمرُ اشتياقي ،، أذاقا فؤادي مريرَ العويلِ )

يتجلَّى للقارئِ بالضَّرورةِ إصرارَ الشاعرةِ على قولِ " حنين " فيما مرَّ وفيما تجاوزتُ عرضَهُ على أنَّ الديوانَ هو " صدى الحنين " حقا .

- ثم يتقلَّبُ الديوانُ بين وجعِ الفراقِ وصدى الحنينِ حاملاً في طيَّاتهِ بعضَ قريضِ الغَزَلِ فمنهُ قول الشاعرة :

( يا ساكناً قلبي ألا تسمعْ ،، بي من بقايا الشَّوقِ ما يشفعْ )

وقولها :

( ترفَّقْ يا فؤادي في ملامي ،، سِهامُ البعدِ زادتْ من سقامي 

وموجُ الشَّوقِ كم أردى غريقاً ،، أساءَ الغوصَ في بحرِ الغرامِ )

- إلى ما هنالكَ من مزيجِ الحبِّ والألمِ حتى وُلِدَ " صدى الحنين " فختمتهُ الشاعرةُ بـ " يا صرخة مخنوق " وهي التي صرختْ في وجه الغربةِ على بحرِ الكامل :

( يا صرخةَ المخنوقِ يا في رجعِ الصَّدى 

 يـا قبـلةَ   المشــتـاقِ    كـلَّ   صبـاحِ

مـن ألـفِ قـافـيـةٍ يدثـرنـي اللـظـى 

شَـغـفـاً   ويثـمـلنـي   بــلا أقـداحِ )

- رحلةُ " صدى الحنين " تهمُّ كلَّ أنثى مغتربة ، كلَّ فتاة عاشقة ، كلَّ سيدةٍ طامحة . 

وفي الختامِ أسألُ اللهَ التوفيقَ والسدادَ للشاعرةِ في دينها ودنياها وأنْ يحفظها وأولادها ويسعدها في الدارين. 

و الحمد لله رب العالمين 

      براء بربور 

مؤسس نخبة شعراء العرب

وسوم: العدد 711