ديوان "حروف على أشرعة السّحاب"في اليوم السابع

clip_image001_c714d.jpg

القدس:23-4-2016 ناقشت ندوة اليوم السّابع في المسرح الوطنيّ الفلسطينيّ ديوان "حروف على أشرعة السّحاب" لابن قرية بيت صفافا المقدسيّة نعيم عليان.

ويقع الدّيوان الذي صمّم غلافه محمد حلمي الرّيشة وقدّم له رائد الحوّاري في 100 صفحة من الحجم المتوسّط، وصدر في أواخر العام 2016.

بدأ النّقاش جميل السلحوت فقال:

بعد قراءتي لهذا الدّيوان لاحظت الفارق الكبير بينه وبين ثلاثة الدّواوين السّابقة للشّاعر وهي: "نقش الرّيح" و"رقص الضّوء" و "أجنحة الأنين".

ففي هذا الدّيوان ارتقى الشّاعر بلغته وبجملته وصوره الشّعريّة بطريقة لافتة، وهذا يدلّل بأنّ الشّاعر قد استفاد من تجاربه السّابقة، فقدّم للقارئ ما يستحقّ القراءة. وما يستحقّ الوقوف عنده.

وقد لفت انتباهي عنوان الدّيوان" حروف على أشرعة السّحاب" فماذا يقصد بها الشّاعر؟ فهل يعني أنّه بهذا الدّيوان قد أصبح يحلّق في سماء الشّعر مثلا؟ أم أنّه استمدّ عنوانه من مقولتنا الشّعبيّة "كلام بطيره الهوا"؟

ثمّ يهدي ديوانه إلى :" إلى .......أولئك الذين سكنت أرواحهم حلاقيم الطّيور"وحسب النّص الدّينيّ فإنّ أرواح الشّهداء هي التي تسكن "حواصل طيور خُضر".

وتوزّع مضامين القصائد بين الغزل وحبّ الوطن، وجمال الطّبيعة، والبكاء على الأطلال.وأغراض أخرى مثل الحرّية، فمثلا في قصيدة "سلاسل الخوف" ص45، جاء:

حين حملتني روحي العطشى

حيث يسكن النّسر

صغرت في عيوني

امبراطوريّة الغربان

المسكونة بسلاسل الخوف"

فروح الشّاعر تطمح للمعالي حيث تسكن النّسور قمم الجبال الشّاهقة، فصغرت في عينيه الدّنيا، وهو هنا يتوق إلى الحرّيّة. ونرى مدى تأثّر الشّاعر بالحرب الكونيّة على سوريّا لتدميرها وقتل وتشريد شعبها، وتبلغ المأساة ذروتها بالطفل الكرديّ السّوري"عيلان" الذي قذفه البحر جثّة هامدة على شواطئ تركيا، فيكتب قصيدته المؤثّرة  بعنوان "عيلان" فيختم قصيدته قائلا:

" عيلان لا تحزن

جدّك الأيّوبيّ منتظر

طيرا إلى الجنّات صاعدا" ص44.

وفي قصيدته "العشاء الأخير" ص25 يختزل معاناة الفلسطسيني الذي يولد وبيمينه شهادة ميلاده، وبيسراه شهادة استشهاده.

أمّا الغول وما صاحبه من جماليات فقد ورد في أكثر من قصيدة.

وقالت آمال القاسم:

حروف على أشْرعَة السّحاب  ديوان شِعر صَدر عام 2016 للشّاعِر" نَعِيم علّيان"  ،حيث أنّ الغِلاف والتَّصميم الخّارجِي لمحمد حلمي الرّيشة .

 يُطّلُ عَلينا الشّاعِر برومَانسِية عَالية من خلال قَصيدة أرجُوحة يقول :

"أحطّ أرجوحَتي

بين الرّموش وأغفو

أقْتسِم الحُلم

بيْني وبَينَك"

ومِن ثمّ ينتقلُ إلى الذّكرَيات، وكذلك إلى الطَبيعة؛ مستّخدِماً البَحر، والمَوج، والبّر، والبيّلسان، والمطّر، والسّحاب.

كان الحُضورُ الكَبير لتاءِ التّأْنيث جليّا، والحَبيبة، ولوحِظَ اعتّدال الشّاعر في التعبير عن مشاعر الفّرح والحّزن والتّفاؤل والتّشاؤم من خلال اسْتخدام اللّونيين الأبيَض والأسْود.

في الصفحة(14) أراد الشّاعر التعبير عن حاجته للسلام والأمن والأمان، وأخلاق التسامح من خلال الحضور الواسع للمَرأة والذي يعّبر بلا شكّ عن الوطّن، وأيضا الجّمال. هذا ويعبِر الشّاعر عن فكره القّومي واليّساري ، وتمسّكه الكامل بتراب الوطّن  فلسطين، وكأنّه يلمِح إلى  حجم التّنازلات التي لم تبق من الوطن شيئا؛ مُشيرا إلى أنّ هذا الحُلم يحتاج فقط إلى معجزة لتحقيقه  معبرا عن ذلك من خلال قوله"ص18": "وفي العيون رسالة

من البر للبحر

ومعجزات"

كما ذكّرنا الشّاعر بعَهد الرّشيد  ومجون أبي  نُواس وليالي التّرف وبداية الانهيارات واصفا حال الأمّة وما آلت إليه من كثرة الكلام، وقلّة الأفعال، واستمرار انتشار الرذّيلة(ص23) من خلال قوله :

"ما زال أبو نّواس

 يغْمسُ ريشَته

في قاع الرّذيلة

 حتى النّخاع"

ويستمر هذا الرثاء لحال الأمّة العَربية وعالمُ التسحيج، وذلك بالعودة إلى زمن القبيلة، وزمن أبي جهلٍ زمن الكفر والابتعاد عن الدّين حيث أصبحنا نمسح الغبار عن الأحذية،  والأخطر من ذلك أقلام المارقين المأجورة  وتأثيرها السلبي على ثقافة واختلاق قيم المجتمع .

في الصفحة(35-36) أبدع الشّاعر في استخدام التّشبيه في قصِيدته الجَوفُ المُشتاق حيث يقول :

"كما الحقيقة

عارية أنت

إلا من حبي المجنون

كرذاذ المطر

في خط الاستواء

يجتاح جسدك المحموم

ثم يرحل

يجف

مثل أوراق الجوز

وقشر الرمان

اصعد كالوعاء

على كفيك

وجوفك المشتاق

فلا شيء كالليل يستر الخيل الجموح

و البرتقال المسفوح"

هنا استَخدم تعبير مَسفوح للدلالة على فعل الفاحشة، فالسّفاح يكون من ذوي القربى المحرّمين، والبرتقال استخدم للدلالة على يافا التي اشتهرت بالبرتقال، فعبر بشكل خلّاق عن رغبته القول بأننا نحنُ من أضَاع يافا، ونحنُ من قامَ بالسّفاح مع البرتقال .

يبّشر ويطّمئن المسيح يسُوع بعودة صَلاح الدّين الأيّوبي قادما من جديد ليقود التحرير، ربما هنا أراد أن يعبر عن يأسه الشّديد وفقدان الأمّل من الإنعِتاق والتّحرر الا بعودة صلاح الدّين الأيّوبي بالدلالة على استحالة الأمر .

وفي (ص45) تكرر استخدامه لكلمة النّسر للدّلالة على الأمّة العربية التي تستخدم شعار النّسر رمز القّوة، وكأنّ روحه حلقت بالعالي حيث تسكن النّسور؛ ليرى كل ما دونه صغيرا حتى إمبراطورية الغّربان، والغّربان هنا فألُ شرّ، فقد انتّشرت بحيث أصبّحت إمبراطورية.

 "الشر أصبح إمبراطورية، ولكنها مسكونة بالخوف" بالإشارة إلى ضعف هذه الإمبراطورية ويبعث فينا الأمّل بان النّسر يهدد هذه الإمبراطورية، وكأنّه يحثّنا على التّحليق مع النّسور والابتّعاد عن إمبراطورية الغّربان في قصيدة سلاسل الخوف من خلال قوله:

"حين حملتني روحي العطشى

حيث يسكن الّنسر

صغرت في عيوني

إمبراطورية الغّربان

المَسكونة

بسلاسلَ الخوف"

كم أتساءل في (ص51) هل هي حقيقة المرأة بالنسبة للشّاعر الحبيبة والمخّلصة من كل العذابات؟ هل حقا تؤخذ المرأة من حياتك هذا الاهتمام؟ أم ترى هي ازدواجية الرجل الشّرقي الذي يرى سحر المرأة فقط بالأحلام، وما أن تشرق شمس الشّرق ويصحو من أحلامه الرومانسية حتى يسير على إيقاع شرقيته؛ معتدّا بذكورته وفاردا شاربيه، ومرتديا عباءته التي ستتدّثر بها الحبيبة؛ ليستر جسدها الذي لا ينفكُ يراه عاريا تماما إلا من حبّه وعَباءته.

وينتقل الشّاعر بنا ليرينا بأن كل الألوان هي ألوان الموتّ والحيّاة الأبيضُ والأسَود والأحْمر فلا قداسَة للونٍ دون الآخر.

لنتساءل مرة أخرى في (ص53) حيث الأبيضُ المقدّس، هل هي القدس التي تشتاقها وتعانقها بكل جوارحك؟هل هي ذاتها بتول العذراء التي اغتصبت، بينما آنت خلف الأبواب تسترق السمع؟ وهل ستقف عاري الصدر أمام الزناة ؟

إذا كانت هي القدس التي أراها أنا فهي لا زالت شامخة كأشجار النخيل وأكثر.

أما في(ص58) "عباءةٌ وجُفون " وقد وصَفتَ المرأة بأنّها المخلّص من كل العذابات فما خطبك؟ أليست هي المرأة التي حملتك وأنجبتك، والتي أرضّعتك طفلا وكبرتك رجلا، وعلمتك فتجدها وفّرت لك الأمن وسهرت عليك باللّيل، ونصبت أرجوحتك بين جفونها مدللا؟

أتأتي اليوم  لتهزمك شرقّيتك من جديد، تجدها ليس لها إلا عباءتك الشّفافة تتدثر بها، وتستر جسدها العاري في الأحلام، وفي عينيك تريدها ان تبقى تحت جناحِك تعريها أنت، وتسترها أنت، أيها الشّرقي لملم أذيال عباءتك وارحل فأنا قد وجدتُ نفسي في حورية لن اقبل أن أعيش في جلابيب أحد .

وشارك في النّقاش عدد من الحضور منهم: نسب أديب حسين، بكر زواهرة وعبد الكريم الشويكي.

وسوم: العدد 713