سعد عبد الرحمن.. شاعراً

مصطفى محمود علي

[email protected]

"سعد عبد الرحمن" شاعر ثائر بحق، يقول عنه رئيس تحرير مجلة أبيض وأسود، أول مجلة سينمائية متخصصة تصدر عن هيئة قصور الثقافة: تعرفت على الشاعر سعد عبد الرحمن فى نهاية عام ٢٠٠٧م، حين كنت فى مرحلة التحضير لأول عدد من المجلة .. وكانت علاقتنا لا تتعدى كوني رئيس تحرير لمجلة وكونه أمين عام النشر بالهيئة، وإحقاقاً للحق كان الرجل متعاوناً، ومتفهماً، وكريم الخلق لدرجة جعلتني أحترمه بلْ وأحبه، ويشهد على ذلك الفنان الدكتور أحمد نوار، رئيس الهيئة وقتها والذي من الصعب أنْ يملأ مكانه رئيس آخر لها.

وهو نفسه الذي ساهم عبر جهوده المتواصلة وسنوات عمله الطويلة، فى إثراء الحركة الثقافية في أسيوط بصفةٍ خاصة وصعيد مصر بصفةٍ عامة، بمعاونة أصدقائه وزملائه، وهو الأمر الذي لفت أنظار وأثار إعجاب الكثيرين خلال أكثر من ربع قرن من الزمان.

وهو نفسه الذي فرح به العاملين بهيئة قصور الثقافة فور علمهم بترشيح د/ عماد أبوغازي وزير الثقافة – الأسبق - له، ليتولى قيادة الهيئة التي تعد الأقدم ضمن مؤسسات وزارة الثقافة، وقالوا في بهجة وسرور "مبروك علينا سعد عبد الرحمن".

من ينظر فى رحلته العلمية والعملية يجد فيها إخلاصاً للقضية، وتحملاً للمسؤولية، ولا يعتبر عمله في وزارة الثقافة مجرد عمل، بقدر ما هو رسالة منوطة به وعليه أنْ يتحمل تبعاتها، من ضرورة المضي بالثقافة المصرية إلى الأمام، عبر فتح الأندية، وعقد المؤتمرات والندوات، ونشر الكتب، والعمل على تذليل العقبات أمام المواهب الشابة، والتشجيع المستمر للمبدعين والكتاب على الاستمرار فى هذا المجال.

فمنذ بداية عمله أخصائياً ثقافياً في مديرية ثقافة أسيوط بعد تركه مهنة التدريس، وآثر على نفسه أنْ ينهض بقدر الإمكان بالثقافة ولمْ يوقفه الروتين الحكومي الممل على أنْ يواصل ما بدأه، فكان متميزاً في عمله الأمر الذي جعله يتولى رئاسة قسم الثقافة العامة بهذه المحافظة، وطارت سمعته إلى الخليج العربي فسافر إلى الإمارات ومكث يعمل بها لمدة سبع سنوات في مدارس وزارة الدفاع، وكانت إسهاماته واضحة على الحركة العلمية هناك، فكونه شاعراً وجد مجالاً خصباً لأنْ يجمع حوله المحبين للشعر فى ندوات لا تنقطع، وعلى أثر عودته عين مشرفاً على النشاط الأدبيْ والثقافي بمديرية ثقافة أسيوط.

وقبل الخوض فى حياته داخل أروقة وزارة الثقافة سواء فى القاهرة أو فروعها فى الصعيد، نلقى الضوء على أهم ما تميز فيه من الناحية الأدبية، فهو أحد شعراء أسيوط المهمين، بدأ حياته الشعرية مبكراً من خلال الإذاعة المدرسية، وظلَّ الفتى ينشد أشعاره حتى أصبح يشار إليه بالبنان، وهو قارئ جيد استوعب كثيراً من خلال قراءاته المتعددة، فكان تركيزه في البداية على الأدب والشعر، إلَّا أنَّ تيار القراءة ما فتئ أنْ جرفه إلى مجالات أخرى كثيرة ومتنوعة، كالتاريخ، والتراجم، والفلسفة، والتصوف وغيرها.

فقرأ خلال دراسته الإعدادية "على هامش السيرة" لطه حسين، وأنا و"القانون والفن" لتوفيق الحكيم، و"محمد الرسالة والرسول" لنظمي لوقا، و"اشتراكية الإسلام" للدكتور/ مصطفى السباعي وآخرين، إلَّا أنَّ كاتبه المفضل والذي كان له تأثير عليه هو الكاتب العملاق عباس محمود العقاد، الذي قرأ له في هذه المرحلة المبكرة بعضًا من عبقرياته كعبقرية محمد، وعبقرية عمر، وعبقرية خالد.

على أية حال؛ بدأ سعد عبد الرحمن كتابة الشعر والقصة القصيرة مبكرًا، منذ كان في المرحلة الإعدادية، ولكن موهبته لمْ تنضج وتستوِ على عودها إلَّا في المرحلة الثانوية حيث كانت قصائده تلقى رواجاً كبيراً، ويتمتع بذاكرة قوية مكنته من حفظ قصائد بأكملها وهو الأمر الذي أصقل موهبته.

وفى عام 1972م فازت قصيدته "أشجان" بأحد المراكز الأولى على محافظة أسيوط، ورغم أنَّ بعض المتقدمين إلى المسابقة كانوا من أساتذته إلَّا أنَّ هذا التقدم عزز من مكانته وأفاده خبرة وحنكة من خلال كثرة اللقاءات بالشعراء، فطوال فترة السبعينيات كان دائم التردد على المكتبات العامة بمدينة أسيوط، فقرأ كثيرًا من الكتب، ودواوين الشعر في مكتبة جمعية الشبان المسلمين، كما كان زبوناً دائماً فى مكتبة قصر ثقافة أسيوط، ومكتبة مديرية التربية والتعليم، والمكتبة العامة بجامعة أسيوط.

ولمْ يكد ينتهي عام 1974م حتى تقدم بقصته القصيرة (من أجلك يا سيناء) إلى المسابقة المركزية للثقافة الجماهيرية وفاز بالمركز التاسع على مستوى الجمهورية، وكان آنذاك أصغر الفائزين، وأرسلت إليه وزارة الثقافة خطابًا على قصر الثقافة بأسيوط تدعوه لاستلام جائزة وشهادة تقدير، من السيد/ يوسف السباعي وزير الثقافة آنئذ، وكان من المفترض أنْ يستمر سعد في كتابة القصة القصيرة إلَّا أنه تحوَّل عنها لكتابة الشعر وركز كل اهتمامه في هذا الأمر.

وخلال عام 1976م استجاب سعد ومجموعة من أصدقائه من الأدباء وهواة الأدب، لحضور أمسية شعرية كان ضيفها الشاعر الراحل الكبير "طاهر أبو فاشا"، وعقب الندوة عرض إسماعيل كيلاني على الأدباء الشباب وبقية الحضور، فكرة تأسيس نادي للأدب يكون بمثابة لقاء أسبوعي في شكل ندوة يناقش فيها الأدباء بعضًا من أعمالهم، ويتبادلون من خلال ذلك خبراتهم الأدبية والنقدية.

وفي هذا التوقيت نستطيع القول: بأنَّ عام 1976م شهد ميلاد نادي الأدب بقصر ثقافة أسيوط، ومما ساعده على الاستمرار بعد ذلك هؤلاء الشباب وغيرهم من الأدباء الزائرين، وكان لهذا النشاط أكبر الأثر في ازدهار الحركة الأدبية في أسيوط، كما لا يمكن إغفال الدور الكبير الذي قام به كل من الشاعر الكبير فوزي العنتيل، ودرويش الأسيوطي .. وسيد سليم بعد ذلك وغيرهم، من جيل الشباب الموهوبين.

تميز سعد عبد الرحمن بأسلوبه الشعري الخاص، فتهافتت عليه المجلات والجرائد لنشر قصائده الشعرية، وكان مايزال طالباً فى الجامعة، وهذا إنْ دل على شيء إنما يدل على أنه كان أحد أبرز الشعراء الشباب، ومن أهم الجرائد والمجلات التي نشر فيها مجلة: مجلة الهلال، والكاتب، والثقافة الجديدة، كما لم يكتفِ بالنشر فى المجلات المصرية فحسب، بلْ نراه ينشر فى بعض المجلات العربية كمجلة العقيدة العمانية وغيرها.

وفى هذا الإطار؛ استطاع سعد عبد الرحمن وصديقاه الشاعران عزت الطيري - كلية الزراعة - ومصطفى رجب - كلية التربية – تصدر المراكز الأولى في المسابقة الثانوية بإدارة النشاط الثقافي بالجامعة، وساهم مع أعضاء نادي الأدب من الشعراء، وكتاب القصة القصيرة، في تنشيط الحركة الأدبية والثقافية بالجامعة، فكثرت فيها الندوات والأمسيات الشعرية، وعلى غرار نادي الأدب بثقافة أسيوط، ساهم في تأسيس نادي الأدب والفكر بكلية التربية الذي شهد إقبالاً رائعاً من الأدباء.

تأتي مؤلفات "سعد عبد الرحمن" على درجة كبيرة من الأهمية وخاصة دواوينه الشعرية، فأهم مؤلفاته ديوان "حدائق الجمر" الذي صدر ضمن مطبوعات إقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي عام 1998م، وديوان "النفخ في الرماد" الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب في سلسلة إشراقات جديدة عام 2001م، وديوان "المجد للشهداء"، وديوان عبارة عن قصائد مختارة من دواوينه الثلاثة المذكورة وهو بعنوان "نزيف الكمان"، وله عدة مؤلفات أخرى مثل كتابه "التعليم المصري في نصف قرن" عن تاريخ التعليم، وقد صدر في سلسلة الرواد عام 2002م، بالإضافة لكتب نقدية ودراسات ومقالات أدبية وثقافية متنوعة.

تناول بعض النقاد شعر "سعد عبد الرحمن" فكتب عنه كل من: الدكتور/ محمد على رزق خفاجي، و د/ مجدي توفيق، و د/ مصطفى الضبع، و د/ محمد حسن عبد الله، والشاعر السوداني/ محمد عبد القادر وغيرهم، وبعض هذه الكتابات تتناول أعمالاً مفردة للشاعر كاختيار أحد القصائد، وبعضها الآخر يتناول دواوينه مثل: "النفخ في الرماد"، الذي كتب عنه الشاعر الراحل/ عبد المنعم عواد يوسف يقول: "ديوان جدير بالحفاوة لما يتضمنه من قصائد تنبئ بمدى تمكن صاحبها من أدواته الفنية، من حيث الشكل والمضمون، ولتعدد المحاور التي تدور حولها هذه القصائد ما بين الهموم الوطنية، والقومية، والاجتماعية، والذاتية، من خلال لغة شعرية رفيعة المستوى، وتعامل مع الموسيقى، يؤكد تمكن الشاعر التام من ناحية الإيقاع خارجيًا وداخليًا عموديًا وتفعيليًا".

وهذه بعض نماذج من شعره:

فيقول في إحدى قصائد ديوان النفخ في الرماد:

يا أيها القلم المعبأ بالنوايا الطيبات .. وبالوداد
هذا زمان لا يليق بنا 
هذا زمان لانهيارات المطامح 
وانتحارات المنى 
هذا زمان للسلوك الرخو
واللفظ المخنث والفساد
هذا زمان للجراد
فابلع مدادك .. لم يعد يجدي العناد
كل الذي سطرت من شعر
طوال العمر
نفخ في الرماد

ويقول فى قصيدته" العاشق المسكين":

أعرفه بوجهه المجعد الحليق
وزيه الأنتيكة الأنيق 
كنت أراه مقعيًا كل مساء
في مدخل المقهى العتيق
يشرب شايه بدون سكر
ويرقب الطريق
لعلها تمر فجأة أمامه
بين النساء
فقلبه الذي يدق في عناء
مازال مفعماً بالشوق نحوها
وبالحنين
برغم كل هذه السنين
لم يكن المسكين
يعلم أنها تزوجت
وأنجبت
وماتت وعمرها يناهز الستين

ويقول أيضاً في قصيدة بيجماليون .. الحقيقة:

ذكراكِ والكأسُ والأحزانُ والقلقُ

فكيف يرحلُ عن أجفانِيَ الأرقُ!!؟

مسافر تحت جلد الليل منفرداً

تكاد من حُرقتي.. ألنارُ تحتــــــــرق

لعلني أجد السلوى أسامرُهــــــــا

أو ينفث العزم فيّ الصبح ينبثـــــق

كم كنت أحسب أني قد نفضت يدي

من قصة الأمس .. لا شكوى ولا حُرَق

وأن قلبيَ ما عادت تجاذبه

منك الفتون .. ولن يلقاك يصطفق

فإذ بما أنا فيه محض أخيلة

وقصة الأمس .. ما زالت بها رمق

وعندما توفى صديقه "شوقي أبو ناجي" رثاه بقصيدة تدل على مدى إخلاصه وحبه له فيقول:

لم يبق لا ضحك ولا أفراح

حلَّ الوجوم وحطت الأتراحُ

نبع البشاشة غاض قبل أوانه

فتفجرت غصص بنا وجراحُ

من ذا سيمزحُ كي يبددَ حزننا

هل بعد شوقي يُستطاب مزاحُ؟

كانت هذه بعض النماذج الشعرية من أعمال الشاعر سعد عبد الرحمن، وننتقل الآن إلى رحلته فى وزارة الثقافة وأهم الأعمال والمناصب التي تقلدها فى هذه الوزارة المهمة.

*   *   *

فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011م، جاء الشاعر سعد عبد الرحمن رئيساً للهيئة العامة لقصور الثقافة، فكان معروفاً بكفاءته وخبرته، كما أنه لمْ يدخل فى مصادمات سياسية، وربما لأنه لم ينتمِ لأيْ تيار هذا بالإضافة لمعرفة النظام الحكم بأنه من مؤيدي الثورة، ومن جمهور التحرير، وكما يذكر بعض من قابلوه بعد تولى هذا المنصب الكبير والمهم بأنه: "لمْ يتغير ولمْ يصيبه الغرور بلْ ازداد تواضعه، وظهر عدله وتبلور من خلال أحلامه بإعادة الحق لكل مظلوم"، لذلك عمت الفرحة معظم العاملين بالوزارة لأنهم وجدوا فيه بغيتهم المنشودة، وخاصة أولئك الموظفين المطحونين، الذين لا يتقاضون مرتبات عادلة، فكان أملهم مُنصَب عليه فى إعادة ترتيب الثروات وتوزيعها بالعدل، وهو ما كان ينشده ولأجل ذلك آثر أنْ "يفتح صفحة جديدة مع الجميع على أسس وقواعد جديدة وجدية"، وهذا هو سبب حبهم له فيما نعتقد.

تولى "سعد" العديد من المناصب الهامة فى وزارة الثقافة، فتولى رئاسة الإدارة المركزية للدراسات والبحوث للشئون الثقافية، بالهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر، وعلى أثر عودته من الخليج تولى مسئولية قسم الثقافة العامة فرع ثقافة أسيوط ثم إدارة الخدمات الثقافية، وكانت حصيلة هذا المنصب دسمة للغاية، إذْ ركز جهده فى إقامة بعض المهرجانات والمشروعات مثل: مهرجان الموسيقى الشعبية الدولي الأول، كما أسهم مع زميله الراحل/ محمد صفوت عبد الكريم مدير المكتب الفني بإقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي، في تأسيس مجلة (الحوار) لتكون المجلة الأدبية للإقليم.

كما أصدرا عدة سلاسل ثقافية مثل سلسلتي (الرواد) و(الإبداع الأدبي) اللتين أصدر من خلالهما العديد من دواوين الشعراء الراحلين كعبد الحفيظ النسر، وأحمد منصور نفادي، وأحمد الخياط، وسيد النخيلي .. وغيرهم كما أصدر عدداً من الأعمال الأدبية لمجموعة من أدباء الإقليم منهم محمد بخيت الربيعي، وعبد المجيد طه، وعبد الناصر هلال، ودرويش الأسيوطي وغيرهم.

وساهم أيضاً في تأسيس مشروع النشر بالإقليم فأصدر كتابي (الشعر والقصة) لمجموعة من شعراء وكُتَّاب القصة المتميزين في محافظات الإقليم المختلفة، ويعد هذان الكتابان باكورة إصدارات مشروع النشر بإقليم وسط وجنوب الصعيد.

وفى هذا السياق؛ واصل ما انقطع من تنظيم المؤتمرات والمهرجانات الأدبية حول أعلام أسيوط، كما أشرف على تنظيم العشرات من الندوات الأدبية والثقافية العامة، والأمسيات الشعرية في مختلف المواقع الثقافية بالمحافظة، أشرف أيضاً على إصدار العديد من الأعمال الأدبية لأدباء أسيوط، بالإضافة إلى مساهمته في تأسيس المؤتمر الأدبي لإقليم وسط وجنوب الصعيد الثقافي، الذي مازالت دوراته تنعقد كل عام وغيره من الأنشطة الثقافية المتميزة.

بعد هذا الجهد الجبار نشب خلاف بينه مع مديرة عام فرع ثقافة أسيوط في نهاية عام 1998م، وكان هذا الخلاف مادة خصبة للصفحات الثقافية في مختلف الصحف لعدة شهور، لكنه لمْ يستمر طويلاً إذْ سرعان ما انتقل للعمل مديرًا للشئون الثقافية بالإقليم عام 1999م، وفى العام التالي انتدب أمينًا عامًا للإقليم، وظل بهذه الوظيفة خمس سنوات، ولمْ يكد عام 2005م ينتهي حتى انتدب مديراً عاماً للثقافة العامة بالهيئة بالقاهرة.

وفي فبراير 2006م أصبح مدير عام ليكون بذلك أول مدير عام رسمي للثقافة العامة، التي كانت مجرد إدارة رغم أنها من أقدم إدارات النشاط بالهيئة، بلْ إنها كانت موجودة منذ أن كانت الهيئة تعرف باسم الثقافة الجماهيرية، وفي أثناء انتدابه مديراً عاماً للثقافة العامة انتخبه الأدباء أميناً عاماً للدورة العشرين من مؤتمر أدباء مصر، التي انعقدت بمدينة بور سعيد خلال الفترة من 26 إلى 28 ديسمبر 2005م، تحت عنوان "الثقافة السائدة والاختلاف"، كما انتدب فى أبريل عام 2007م وكيلا لوزارة الثقافة وعين في ذلك المنصب بقرار السيد وزير الثقافة في نوفمبر 2008م.

وأثناء عمله بوزارة الثقافة ساهم فى علاج كثير من المشكلات المتراكمة والمعقدة التى تعج بها الوزارة، فهو يمتلك رؤية خاصة لحل هذه الأزمات المزمنة نظراً لخبرته الطويلة بسراديب الوزارة، فيقول: "بعد 25 يناير أصبح هناك أفق جديد فيه مناخ جديد، لابد أنْ تتواءم معه الهيئة فلا بد من فتح كل المواقع الثقافية (قصور، بيوت، مكتبات) لكافة التيارات الموجودة في المجتمع المصري وبصفة خاصة الشباب، فهناك مثلاً جماعات شبابية إبداعية مستقلة فنية، وثقافية، وأدبية، هؤلاء الشباب لمْ يحصلوا على فرصة لتقديم أعمالهم في المواقع، ونسعى لأن ننفتح على هؤلاء الشباب ونقدم إبداعاتهم بدون تحيز لتيار معين، بشرط ألَّا تستغل الهيئة في حدوث فتنة طائفية أوْ احتقان اجتماعي، ولكن في إطار الحرية المحروسة بإحساس قوي بالمسئولية، وهذه الرؤية تتفق مع الدكتور "عماد أبو غازي" وزير الثقافة – الأسبق". ومن منطلق هذه الرؤية يعمل سعد بكل طاقاته من أجل خلق جو أفضل، لتفعيل الحراك الثقافي بين فئات الشعب المختلفة.

تولى "سعد عبد الرحمن" مؤخراً بالإضافة لعمله "رئيسًا للهيئة العامة لقصور الثقافة"، رئاسة الإدارة المركزية للشئون الثقافية، والإشراف على الإدارة المركزية للدراسات والبحوث بالهيئة، كما تولى مسئولية أمين عام النشر بالهيئة، ومن خلال هذه المسئولية أصبح يشرف على العديد من السلاسل الثقافية التي تصدرها الهيئة، والتي تصل إلى أكثر من 20 سلسلة، وأصدر في أكتوبر عام 2008م بمناسبة احتفال الهيئة بالعيد الماسي لرحيل الشاعرين الكبيرين/ أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، كتاباً بعنوان (مختارات من شعر شوقي) للأطفال، وكتب مقدمته التي كانت بعنوان "على درب لافونتين".

كما قام سعد بالتقديم لعدد من الكتب المُهمة التي أعادت الهيئة طباعتها، عبر أكثر من سلسلة مثل كتاب "أسيوط بحث في بيئتها بين الماضي والحاضر" تأليف عثمان فيض الله، وكتاب "حياة مجاور في الجامع الأحمدي" تأليف محمد عبد الجواد، والجزء الأول من كتاب "الإسلام في عصر العلم" تأليف محمد فريد وجدي، وكتاب "من توجيهات الإسلام" تأليف الشيخ محمود شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق، وقد صدر الكتاب أول مرة عام 1959م وغيرها.

له عدة أنشطة أخرى منها: ممثل وزارة الثقافة في مجلس إدارة المؤسسة الثقافية العمالية، ممثل وزارة الثقافة في لجنة الثقافة العلمية بالمجلس الأعلى للثقافة، وهو عضو اتحاد كتاب مصر، وعضو المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، وأحد شعراء معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين.

ولد سعد عبد الرحمن أحمد عمر، فى الثالث من يناير عام 1954م، بقرية نجع سبع مركز أسيوط، وانتقل مع والديه عام 1958م إلى قرية موشا، حيث حصل على الشهادتين الابتدائية والإعدادية، ليلتحق بعد ذلك بمدرسة ناصر الثانوية بأسيوط، ثم كلية التربية بجامعة أسيوط التي تخرج فيها عام 1979م، وكان خلال كل إجازة صيفية إبان المرحلة الابتدائية يلحقه والده بكُتَّاب القرية، وفيه حفظ سعد بعض أجزاء من القرآن الكريم، وبخاصة الأجزاء الثلاثة الأخيرة منه.

بعد تخرجه عمل مدرساً للغة العربية لمدة سنتين, ثم انتقل إلى وزارة الثقافة ليعمل في مديرية ثقافة أسيوط أخصائياً ثقافياً - كما مر بنا سابقاً - ونشر أعماله في المجلات والصحف المصرية والعربية مثل مجلة الثقافة, والكاتب, جريدة الأهرام, جريدة الاتحاد بأبو ظبي, جريدة الوحدة, وجريدة الخليج.

وتتويجاً لرحلته حصل على الكثير من الجوائز في مسابقات الثقافة الجماهيرية, وكان أولها جائزة القصة القصيرة عام 1974م, كما شارك في أغلب المسابقات الشعرية التي كان ينظمها قصر ثقافة أسيوط, وحصل منها على عدة جوائز.

ومازال عطائه مستمراً، وفق الله الجميع لخدمة العلم ورفعة الوطن.