رسمتـكَ أخلاقُ السماءِ

عبدالله علي الأقزم

عبدالله علي الأقزم

[email protected]

قرأتـْكَ يا عبَّاسُ أعلامُ الـهـدى

مـثـلاً يـُضـمُّ لأجـمـل ِ الأمـثـال ِ

ما زلتَ رحَّالاً لكلِّ حقيقةٍ

و صدىً لبسملةِ الشّـذا المُتتالي

و قصيدةً خضراءَ مِن عبقِ التقى

تأبى الخضوعَ لهذهِ الأوحالِ

ما ذلكِ العطشُ الكبيرُ سوى الإبا

و الترجمانِ لوقفةِ الأبطالِ

بلَّلتَ بالعطشِ الكبيرِ ضمائراً

فتوقَّدتَ لغةً لأجملِ حالِ

مِنْ جانبيكَ سحائبٌ ألوانُها

وثباتُ حرفٍ ساطعٍ جوَّالِ

و خطاكَ بين فواصلٍ و عواصفٍ

نبعُ الحياةِ و خلقُ خيرِ رجالِ

ما زالَ فكرُك هادراً متمكِّناً

و طريقُهُ فتحٌ لكلِّ سؤالِ

كم ذا قلبتَ المستحيلَ كواكباً

لم تنطفئْ بتآكلٍ و محالِ

حـرَّرْتَ عطرَ الـصَّـالحـاتِ ولم تـزلْ

بـهداكَ مفترقاً لـكلِّ نـزال ِ

رسـمتـْكَ أخـلاقُ الـسَّـماءِ و أنتَ في

خيرِ الخِصال ِ وصالُ خيرِ خِصَال ِ

هذي الأهلَّة ُ كلُّها لم تنغلقْ

و ضياءُ روحِكَ فتحُ كلِّ هلالِ

و يداكَ للصلواتِ واحةُ رحمةٍ

و يداكَ للظلماتِ شرُّ وبالِ

و على نضالِكَ كربلاءُ تتابعتْ

ألقاً و مرآةً لكلِّ نضال ِ

وُلـِـدَتْ عـلى حمـلاتِ نورِكَ قصَّةٌ

هيَ مِن صلاتِكَ روحُ كلِّ جمالِ

هـيَ مِنْ صداكَ تلاوة ٌ قـدســيـَّـةٌ

و تـلاقـحُ الأقـوال ِ بالأفـعـال ِ

ما كان ظلُّكَ و هو ينتخبُ الهدى

إلا بيانَ تواصلٍ و فِصالِ

يا سيِّد الطلعاتِ فكرُكَ لمْ يزلْ

سِفْرَ المياهِ و نبضَه المُتتالي

كمْ ذا أقمتَ لنا الجراحَ شوامخـاً

و أمـتَّ غـطرسة َ الخنا المُتعالي

مـِنْ كـلِّ جـرح ٍ فـيـكَ تـُولـَدُ قِـمـَّةٌ

لا تـنـحـنـي أمـجـادُهـا لـزوال ِ

عبَّاسُ يـا قـمرَ الدجـى و سـبـاقـَهُ

يـا مـنـتـهـىً لـخـُلاصـةِ الأجـيـال ِ

ما كانَ إسمُكَ حينما اقـتحمَ المدى

إلا زلالاً صُبَّ فوقَ زلال ِ

ما أنتَ إلا صورةٌ لمْ تُكتشَفْ

أجزاؤها إلا لكلِّ كمالِ

إنِّي وجدتـُكَ نهضةً أبعادُها

لم تشتركْ يوماً بدربِ ضلالِ

فـأخذتُ مِنْ معناكَ أجنحةَ السَّما

و نسجتُ منكَ معالمي و ظلالي

و قرأتُ ذاتَـكَ أحرفاً أنفاسُها

كمحطةٍ لـتـشـكِّـل ِ الأبـطـال ِ

كم أشرقتْ مِنْ جانبيك مناهجٌ

لـم تـنـفـتـحْ إلا بأحـسنِ ِ حـال ِ

أنطقتَ ملحمةَ الإبـاء ِ روائعاً

و بعثـتها فتحاً لكلِّ مجالِ

مِنْ كلِّ معـنى منـكَ يـظهـرُ لـؤلـؤٌ

لقطاتِ فكر ٍ عاطر ٍ سيَّال ِ

هذا جمالُكَ عالَمٌ متصاعدٌ

لم يرتفعْ إلا لكلِّ جمَال ِ

ما أنتَ في عطشِ المياهِ و ريِّها

إلا نضالٌ جاء بعد نضالِ

ما الماءُ إلا أنْ يعيشَ مُحلِّقاً

و نقاطُهُ خرجتْ مِنَ الأغلال

هذي الفضائلُ لا تُضيءُ لهمَّةٍ

حتى تسيرَ بهذهِ الأثقالِ