أخي الأسير أيمن أبو داود...

لليل ساعات ويرحل

فؤاد الخفش

لا أعلم أي أثر ذلك الذي تركه الأسير أيمن أبو داود في بضع دقائق تحدث إليّ بها قبل ساعات من قراره التاريخي والصعب بالدخول في إضراب مفتوح عن الطعام حتى انتزاع حريته وخروجه من سجون الظلم .

قال لي قررت بعد التوكل على الله والاستشارة والاستخارة خوض غمار معركة الأمعاء الخاوية لانتزاع حريتي وددت أن  اقول لك ذلك وكلّي أمل بعد التوكل على الله أن تساندونا في هذه المعركة .

تبعثرت الكلمات ولم أدر بم أجيب وماذا أقول وغابت عني كل مفردات اللغة فكرر حديثه طالباً المساندة فقلت له ومن نحن يا أخي حتى نكتب عنكم وأنتم من زينتم التاريخ بجهادكم ونضالكم وتاريخكم وشرفكم الله بأن خرجتم بعز عزيز بصفقة الوفاء للأحرار أعدكم أننا لن نخذلكم ويشرفنا العمل من أجلكم يا من جعلتم لحياتنا معنى .

انتهت المكالمة واشتعلت بقلبي نار لا يعلم بها إلا الله ، وما هي إلا دقائق حتى عاد الهاتف يعلن أن هناك متصل والمفاجأة كانت أم محمد زوجة الأسير أيمن والتي تحدثت بلغة الواثق بانتصار زوجها فهي التي تعلم عزيمته وصبره وإرادته وقالت لنا : أيمن دخل في إضرابه ونريد أن نعمل من أجله .. لم تنهِ المكالمة وقالت سأبدأ بالصيام يومياً إلى أن يخرج أيمن بعون الله .

حالة فريدة من التوحد وطريقة رائدة من أجل الشعور مع زوجها ، وأسلوب امتازت بها الفلسطينية للتضامن والشعور مع زوجها كيف لا وهي السكن والمودة وهي الصبر والتحمل وهي التي أقسمت له يوم أن جمع الله بينهما بالوفاء وحفظ الغيبة ..

أيمن أبو داود المحرر في صفقة الوفاء للأحرار والذي اعتقل أول مرة بعد تسعة شهور من زواجه وعمر ولده الأول محمد تسعة أيام أعاد الاحتلال اعتقاله بعد أن أمضى ثماني سنوات متواصلة في السجون ليعتقل مرة أخرى بعد ثلاثة شهور من تحرره وقد زرع في رحم زوجته عنواناً للحياة خرج للوجود ووالده قيد الاعتقال إنه الصغير قتيبة ..

لا تهمة محددة لأيمن فقط يجب أن يعود للسجن لأن قرار الإفراج عنه وخروجه للضفة الغربية كان قراراً خاطئاً ويجب أن يخرج من فلسطين ، هي حرب إخلاء الضفة التي قررها الاحتلال ضد البلد المقاوم .

قتيبة ومحمد ومعهما أمهما نبيلة ينظّمون المسيرات ويخرجون في المظاهرات ويرفعون صور أيمن ويصلون الليل والنهار مع العمل الدؤوب من أجل حرية الزوج والأب ..

أم محمد والتي نشطت عبر مواقع التواصل الاجتماعي تتحدث عن عدالة قضية زوجها وعن مشروعية مطالبه تطالب الجميع بالعمل من أجل زوجها فقلقها يوماً بعد يوم يزداد فها هو الشهر الأول مضى وأيمن مضرب وكأنه دهر ..

أيمن فلسطيني ظلمه الاحتلال وهذا أمر ليس بغريب عليه فهو الاحتلال ، ومحمد يرى الدمع في عين أمه فيزداد كمداً ولا يعلم ماذا يفعل وقتيبة الصغير ابن الشهور المعدودة يلهو بصورة أبيه ينظر لعيونه دون أن يعلم مدى شوق هذه العيون له ..

وأم محمد تنظر إلى قلة المتضامنين فتشتعل النار بقلبها وتقول لم يخذل أيمن مدينته وبلدته ووطنه في يوم من الأيام ألا يستحق أن يكون حجم التضامن معه أكبر ؟؟ لا إجابة ولا فتور لهذه الصابرة التي قررت أن تعمل من أجل حرية الزوج ولو وحيدة ..

وهناك أيمن مستلق على ظهره مقيد اليد والقدم في مستشفى سجن الرملة فارق النوم عينه وانتشرت الآلام في مفاصله وصداع لا يفارق رأسه ومرارة في الفم لا يعلمها إلا من خاض الإضرابات ، وحلم بالحرية يراه في تجارب من سبقه ..

ستخرج يا صديقي وسيلمّ الشمل قريباً فأصحاب الإرادات لا يهزمون والتاريخ من وظيفته التدوين وسامك في سفره المنتصر أيمن بأمعاء خاوية ولك نقول لليل ساعات ويرحل …