إلى محمود درويش مع حبي

إلى محمود درويش مع حبي

نمر سعدي

[email protected]

مرحبا بك ايها النسر المهيب الوادع العائد الى اعالى كرمله وعلياء بهائه الروحي .أهلا بك ايها الملاك المطارد لا لشيء في فضاء اتنا  الجريحة بحبك .

طيور الحجل الجليلية كلها في شوق لعودتك من أقاصي المدن الخضراء المائلة الى غروب شمس الأقحوان  .الخيول المجنحة التي تركتها وحيدة وكسيرة تحن الى آخر نبرة لصوتك المملوء برائحة الندى والشمس والأرجوان .آه يا سيد الشعراء هنا وهناك في الأمس والآن .يا محمود درويش الذي أتعبناك بحبنا وصلبناك .أما آن لهذا الفارس  الجميل النبيل كغرة الصبح أن يستريح  أما آن للصخور أن تصبح قطناً أبيض خفيفاً كضحكة أمرأة كنعانية أما آن لخطاك التي أنبثقت منها كل النوارس والطيور البحرية المجهولة الوطن والرؤيا

أن تغفو قليلا .الآن وليس غدا أمسح عن قلبك المسكون بالنايات وخضرة النار البريئة غبار السفر . ألان وليس غداً حدثنا وبلا مقدمات وبإطناب موجع حتى السماء السابعة. عن ألاقمار البعيدة التي اقمت بها وعن البحار التي وهبتك لؤلؤتي عينيك وعن بلاد غريبة تخييلية جبتها طيفا لسندباد فلسطيني وحيد شريد .

ستمرُّ في دروب وتمسح على جباه المرائين بدمعك وتغفر للمقايضين بك في ساعة الشدة .والمسيئين لك . بلا ذنب.

ستمرُّ في دروب فتشيع فيها رائحة الصندل البري والنارنج والغار .

ستفرُّ من بين أصابعك العصافير التي تركتها بلا أجنحة  .والقصائد التي منحتها لون زنابق صاحبك يانيس ريتسوس .وأوراق عبّاد الشمس التي شكّلت هوّيتك .وكانت لك بمثابة الفراشات الصفراء لمركيز .سيرفُّ الحنين الذي شكّل كيانك كطير زئبقي .كآخر قبلة لبياتريس .كأرواح الشعراء النازعة الى سماء أخرى. كوجه ريتا الذي تحول الى نرجسة حجرية الآن.كغزالات لوركا  البيضاء الهاربات الى الأبد من جحيم الرصاص والرماد الأحمر .

في هذه اللحظة بالذات أعرفُ كم يملك الشعر من طاقة خيالية وجمالية ومن قدرةٍ على اختراق الجمادات  وعلى ترتيب ما نعفَ الزمن من ورودنا  وأعضائنا وأشتهاءاتنا وشتاءاتنا.أعرف بالضبط

ما لا يمكن أن أعرف .أمسك بكفيَّ هلاماً من فراغ أزرق .

الشعر هو اكبر مخلوق قادر على التحوّل في الفضاءات السحرية والواقعية وعلى تذويب لهفة الفينيق التي تحملها بجدارة . وقادر على تشذيب أزهارنا  البرية الملتفة الساذجة بسيفه الصقيل المصنوع من اللهب كسيف صاحبك نيرودا .وقادر ايضا ان يجعل منا أطيافا لأشواقنا وآخرين لذواتنا.فمرحى لفلسطين بك وبهذا العرس الشعري ومهرجان الحب الرؤؤف بك وبنا  ومرحى لك بها

انت من اعطاها عاطفة اللون .وحمل اسمها عاليا فوق اسوار طروادة العصر .ودمت اخيل عشقنا الأسطوري بلا مقتل مؤجّل ولو كره الآخرون.