الطود الشامخ

لذكرى شاعر العروبة والوطن الكبير

سميح القاسم رحمه الله

مالك صالحة

ها هي الكلمات تقف عاجزة عن التعبير عما يجول في الخاطر من افكار وعما يجول في القلب من احاسيس حيال رحيل الطود الشامخ الشاعر ابو محمد سميح القاسم تغمده الله برحمته ورضوانه .

لقد درجت طالبا على قراءة وسماع اشعار الراحل الكبير وقد تاثرت به وبشخصه واحببت الشعر ونظمه من خلاله ..ومن خلال اشعار رفاق دربه خاصة الراحل الكبير محمود درويش والشاعر الخالد ىنزار قباني ..واكثر ما اثر فيّ في حب الادب والشعر كان المربي الراحل شكيب جهشان رحمهم الله جميعا .

لقد عرفت في سميح ذلك الشاب المنتصب القامة والبشوش الوجه والذي لم تفارق الابتسامة شفتيه ..احببت فيه الصدق والجرأة وطريقة إلقاء الشعر وغزارة المعاني والصور في اشعاره ..وانسانيته التي لم تعرف الحدود ..

كنت يا سميح وستبقى الطود الشامخ الذي نفاخر ونفختر ونعتز به ..لقد كبرت في هذا الوطن وكبر الوطن بك ..

فكان الوطن انت وكنت انت الوطن .. لقد عبرت عن احاسيس ومشاعر ومآسي الناس بكل صدق ووضوح .احببت الناس فبادلوك نفس الحب ..لقد عانيت الامرين من اعتقالات وحبس واعتقال بيتي وإبعاد احيانا ..لكنك كنت تعود اقوى واصلب في مواقفك وكلماتك وجرأتك ..كنت تعود ماشيا منتصب القامة  وحاملا غصن الزيتون بكفك ..لتجابه العنصرية والتمييز وهضم الحقوق ..متبعا مواقف الصحابي الجليل ابي ذر الغفاري رضي الله عنه ين قال – عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه ..لكنك ابيت اشهار السيف واتبعت اشهار الكلمة وتقدمت متحديا المستحيل ..فصرت رمزا للثبات في ارض الوطن ..فكنت جمل المحامل.. تتحمل الصعاب بكل رحابة صدر ..فكنت ضمير الأمة الهادر والمدوي من على المنابر وفي المظاهرات داخل الوطن وخارجه ..

فكانت شخصيتك واشعارك هي جواز سفرك اينما توجهت وحللت ..حيث كنت تستقبل استقبال الفاتحين والملوك والرؤساء ..لتلقى الحفاوة من الصغير والكبير ومن عامة الشعب حتى القيادات ..

كنت ملك المنبر يدوي صوتك الرنان بالشعر الرائع والملتزم بهموم الناس واحوالهم ومصيرهم ..لتكون لسان حالهم دائما ..فكانت الاكف تلتهب بالتصفيق والحناجر ترتفع بالتهليل والتكبير لما تسمعه ..فكانت الجماهير تقف اجلالا  واحتفاءا واحتراما لك ولما تسمعه ..

كيف لا وانت شاعر المقاومة والوطن ونصف البرتقالة مع اخيك الراحل الشاعر الكبير محمود درويش .الذي سبقك الى دار الخلود لتبقى وحيدا ردحا من الزمن  تحارب على الجبهة  وتحمل هموم الوطن على كتفيك العريضين .. لتكمل مسيرة النضال وحيدا ..الا ان القدر شاء ان يفتح امامك جبهة اخرى لتصارع فيها الا وهو المرض العضال الذي جابهته بكل ايمان وصبر مؤمنا ان الله مع الصابرين اذا صبروا ..

فما من مرة صادف والتقيت بك الا وانت مبتسما حامدا شاكرا صابرا ..والابتسامة لا تفارق محياك ..

لقد كنت وستبقى مثال الرجل المتواضع والدمث الاخلاق ذو العزة والكرامة والمواقف الجريئة والكلمة الهادفة والشعر الصادق وصاحب البيت المفتوح والمضياف ..

واخيرا فان كنت قد رحلتيالا اخي جسدا الاانك ستبقى روحا ترفرف في سماء هذا الوطن والضمائر الحرة ..واسمح لي ان اهدي روحك هذه الكلمات التي جاد بها الفكر في رحيلك :

النجم المضيء

في الشرق ضاء نجمك   أنت السميح يا سميح

انت الذي أشعارك           في كل منبر تسيح

يا صوت حق ناضل    في وجه تمييز يصيح

للسلم تدعو صارخا     في وجه أنواء وريح

قد عشت حاملا وطن    واليوم فيه تسترتيح

يكفيك فخرا اسمك   ذات الحروف كالمسيح