عام مرّ منذ بداية معركة طوفان الأقصى، التي ليست لدى المنصفين سوى ردة فعل على عقود من الإجرام الصهيوني بحق فلسطين وأهلها. هذا العام الأكثر سخونة في الألفية الجديدة، تزاحمت في صفحاته الأحداث الجسام، وشهد ما لا يحصى من القضايا السياسية والفكرية والجدلية، لنجد أنفسنا في تتمة هذا العام مضطرين لتقييم هذه الفترة، سواء ما يتعلق بأمتنا أو بالغرب والمجتمع الدولي.
من هذه القضايا التي ألفيتها بحاجة إلى تسليط الضوء عليها ومراجعتها وتقييمها، هي دعوتنا منذ انطلاق المعركة والعدوان الإسرائيلي الوحشي المستمر على غزة، إلى أنسنة القضية الفلسطينية.
ارتأى الغالبية العظمى منا أو ربما مجموعنا، العمل على أن تأخذ الحرب على غزة بعدا إنسانيا، من أجل الحصول على تعاطف الشعوب والمنظمات والأنظمة، وتوسيع دائرة التعاطف مع القضية الفلسطينية، وأن من شأن ذلك أن يعطيها زخما، ويستميل أحرار العالم على مشتركات القيم الإنسانية العامة، التي تتقاطع فيها جميع الأطر الدينية أو الثقافية لكل شعوب العالم.
اعتماد مقاربة إنسانية في خطابنا عن الحرب على غزة، وتجريدها من السرديات الدينية والسياسية، ومنحها السمت الإنساني، تأسس بناء على إدراك عام، بأن الصورة الذهنية للغرب عن الإسلام مشوهة بسبب التنظيمات المتطرفة، التي رفعت الراية الإسلامية، وقدمت صورة نمطية سلبية عن الإسلام، فمن ثم ينبغي وفق هذه الرؤية تعبئة الخطاب بالسمت الإنساني، ليتعامل معها الغرب متجاوزا ما استقر في ذهنيته عن الجماعات الإسلامية، وتعزيز فكرة أن المقاومة الفلسطينية لا تخوض حربا دينية، وإنما تدافع عن أرضها، وفقا لما أجمعت عليه دساتير العالم ومنظومته الحقوقية.