تأملات في القران الكريم ح451 سورة الغاشية الشريفة

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من أدمن قراءة هل أتك حديث الغاشية في فريضة أو نافلة غشاه الله برحمته في الدنيا والاخرة واتاه الامن يوم القيامة من عذاب النار إن شاء الله تعالى .

بسم الله الرحمن الرحيم

هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ{1}

تستهل السورة الشريفة مخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" (  هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ ) , الغاشية هي الداهية التي تغشى الناس بشدائدها , وهنا تعني القيامة . 

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ{2}

تستمر الآية الكريمة (  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ) , الوجوه فيها ذليلة , وهنا الوجوه لا تعني الوجوه , بل قد تعني الذوات .

عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ{3}

تستمر الآية الكريمة (  عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ) , مجهدة , متعبة مقيدة بالسلاسل والأغلال .  

تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً{4}

تضيف الآية الكريمة (  تَصْلَى نَاراً حَامِيَةً ) , تدخل او تصيبها نار شديدة , متناهية في حرارتها . 

تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ{5}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) , يسقون من عين بالغة الحرارة . 

لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ{6}

تستمر الآية الكريمة (  لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلَّا مِن ضَرِيعٍ ) , الضريع نوع من الشوك , ترفض الدواب ان ترعى منه . 

لَا يُسْمِنُ وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ{7}

تضيف الآية الكريمة (  لَا يُسْمِنُ ) , هذا الضريع لا يحقق السمنة المترتبة او المرجوة من اكله , (  وَلَا يُغْنِي مِن جُوعٍ ) , ولا يسد الجوع . 

( عن النبي صلى الله عليه وآله الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من النار سماه الله الضريع .

و عنه صلى الله عليه وآله عن جبرئيل لو أن قطرة من الضريع قطرت في شراب أهل الدنيا لمات أهلها من نتنها ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .

كل ما تقدم يخض الكفار والمنافقين .

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ{8}

تنتقل الآية الكريمة لتذكر اصحاب الجهة الاخرى يوم القيامة (  وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ) , ذات بهجة , حسنة المنظر , تعرف فيها اثار النعيم .  

لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ{9}

تستمر الآية الكريمة (  لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ) , يرضى الله تعالى عن سعيهم في الدنيا , ويرضوا بما نالوا من الثواب في الاخرة .  

فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ{10}

تستمر الآية الكريمة (  فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ) , رفيعة الشأن والمكان والمنزلة .  

لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً{11}

تضيف الآية الكريمة (  لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً ) , الهزل والكذب ... الخ . 

فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ{12}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ ) , جارية مستمر جريانها , لا انقطاع له . 

فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ{13}

تستمر الآية الكريمة (  فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ) , اسرة رفيعة القدر والمنزلة . 

وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ{14}

تستمر الآية الكريمة (  وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ) , الاقداح التي لا عروة لها , موضوعة على حافة العيون . 

وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ{15}

تضيف الآية الكريمة (  وَنَمَارِقُ ) , البسط او الوسائد , (  مَصْفُوفَةٌ ) , بعضها الى بعض .  

وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ{16}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَزَرَابِيُّ ) , بسط , وقيل ان كل شيء في الجنة له ما يماثله في الدنيا الا الزرابي , لا تعرف لها ماهية في الدنيا , (  مَبْثُوثَةٌ ) , مبسوطة .   

أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ{17}

تضمنت الآية الكريمة الفاتا الى بديع خلقه جل وعلا (  أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) , الفاتا وبيانا لبديع خلقه جل وعلا في الابل خصوصا , الابل بالتحديد لأنها المتعارفة لدى قريش والمناطق المحيطة بها , وهم اشد ملامسة بها , وقد امتازت بالكثير من الخواص وعجائب الخلقة , ما لا يكاد يحصر , ومنه على سبيل المثال :  

1-    تحملها للعطش .

2-    قدرتها على حمل الاثقال والانطلاق بها الى مسافات بعيدة , فتركز استعمالها في القوافل .

3-    منقادة لمن اقتادها .

4-    ترعى كل ما ينبت , ولا تختص بغذاء معين .

5-    قدرة على تحمل السفر في الصحارى والفيافي والمفاوز .

6-    تأقلمها مع الاجواء "الحر والبرد" .

7-    خفها يمكنها من السير على الرمل دونما عناء او جهد .

8-    رموشها واهدابها تقيها العواصف الرملية .

وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ{18}

تستمر الآية الكريمة ملفتة النظر الى السماء (  وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ ) , حيث النجوم والكواكب تزينها ليلا , والشمس تضيء نهارا , الى غير ذلك مما خفي من اسرارها .

وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ{19}

تعود الآية الكريمة من السماء الى الجبال (  وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ ) , رفعت راسخة لا تميل , فتحصل بها ثبات الارض واستقرارها .  

وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ{20}

تستمر الآية الكريمة ملفتة النظر الى الارض (  وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ ) , بسطت ومهدت .  

فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ{21}

تعود الآية الكريمة الى مخاطبته "ص واله" (  فَذَكِّرْ ) , الكفار بنعم الله تعالى عليهم , (  إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ) , تقرير , ما انت يا محمد "ص واله" الا مذكر , وما عليك ان لم يذكروا او ينظروا .  

لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ{22}

تستمر الآية الكريمة (  لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ) , لست عليهم بمسلط او متسلط , او حافظا او كاتبا عليهم , فكل ذلك ليس من شأن الرسل .  

إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ{23}

تضيف الآية الكريمة (  إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ ) , لكن من اعرض عن الايمان وكفر ببعثتك او بالقران . 

فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ{24}

تستمر الآية الكريمة (  فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ ) , الشديد الدائم , وهو عذاب الاخرة , اما عذاب الدنيا فيطلق عليه انه العذاب الاصغر .  

إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ{25}

تقرر الآية الكريمة (  إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ  ) , رجوعهم ومصيرهم الينا .

ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ{26}

تختتم الآية الكريمة (  ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ ) , جزاءهم على اعمالهم .  

وسوم: العدد 872