خلفان يخالف الإخوان!!

خلفان يخالف الإخوان!!

صلاح حميدة

[email protected]

منذ فترة والفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي يثير زوبعة من التّصريحات المعادية لجماعة الإخوان المسلمين، فقبل فترة قام بالتّصريح بأنّ العدو الإستراتيجي لدول الخليج هو الإخوان المسلمين، وأنّهم " أكثر خطراً من إيران" و أنّهم " يريدون تغيير أنظمة الحكم في تلك الدّول" ولم ينس السّلفيين من هجومه بسبب دخولهم المعترك السّياسي عبر الانتخابات.

لمع نجم ضاحي خلفان عند اغتيال القيادي في حركة " حماس " محمود المبحوح، حيث أعلن حينها عن صور ومشاهد لمن قاموا باغتيال المبحوح، وبالتّالي كان محور الاهتمام الإعلامي العالمي في حينه، لما للقضيّة من أهمّيّة، ولرمزيّة القيادي محمود المبحوح، ولغموض طريقة قتله، حتّى أنّ بعض النّاس حاول تصوير خلفان كبطل قومي لدور شرطة دبي في كشف خيوط الجريمة، ولكن زاد خلفان حينها بمهاجمة المبحوح نفسه، لأنّه قام بقتل جنديّين من قوّات الاحتلال الإسرائيلي، وأضاف بأنّه لو علم بأنّ حركة " حماس" ستنفّذ عمليّة ضدّ قوّات الاحتلال لأبلغ المخابرات الإسرائيليّة بذلك؟!.

 بعض المحللين رأى حينها أنّ تصريحه هذا يأتي من باب الخوف من الاغتيال من قبل الموساد، وقد يكون موقفه هذا من خلفيّة طبيعة نظرة الرّجل للمقاومة الفلسطينيّة، ولحركة " حماس" التي هي فرع للإخوان المسلمين في فلسطين، وأنّه مستعد للتّحالف مع الإحتلال واقتراف فعل خياني من أجل محاربتها والقضاء عليها، وأنّ كشفه لصور من اغتالوا المبحوح كان غضباً لأنّ اغتياله جرى في دبي وليس في مكان آخر، للأثر السّلبي للعمليّة على اقتصاد الإمارة، لأنّ خلفان لو علم بنيّة المبحوح لتنفيذ عمليّة لأبلغ عنه بنفسه، وهذا سينتج عنه اغتياله على كل الأحوال، كما قال بنفسه، وأضاف حينها أنّه لو علم بشخصيّته الحقيقيّة لاعتقله أو لمنعه من دخول الإمارة التي كانت تستضيف وزيراً إسرائيلياً ومدير المخابرات الإسرائيليّة السّابق يعقوب بيري في نفس الفترة؟!.

زاد خلفان حربه على الإخوان بمهاجمة العلّامة يوسف القرضاوي الّذي انتقد قيام دولة الإمارات بطرد عشرات العائلات من المعارضة السّوريّة، لأنّهم تظاهروا دعماً للثّورة السّورية أمام قنصليّة النّظام السّوري في دبي، والغريب أنّ دولة الإمارات تعلن أنّها تدعم الثّورة السّوريّة، فكيف بمن يعلن دعمه للثّورة يطرد أنصارها إلى المجهول، ويهاجم من ينتقد ذلك، ويهدّد باعتقاله إن وطئت قدماه أرض الإمارة، أو عبر الإنتربول؟!، ويعكس هذا الموقف من خلفان خوفاً شديداً من تأثير تصريحات القرضاوي على مواطني الإمارات، بالإضافة إلى أنّ خلفان غاب عن الاهتمام الإعلامي بعد قضيّة المبحوح وانطلاق قطار الرّبيع العربي، وتصدّر الإخوان للمشهد الاعلامي، وقد تكون مهاجمته للإخوان والقرضاوي رغبة منه باستعادة بعض النّجوميّة من خلال مهاجمة الإخوان والقرضاوي.

تصريحات ومواقف ضاحي خلفان لا تخرج عن سياق عام من القلق والخوف في بعض الدّول العربيّة، فالبعض مرعوب من وصول الرّبيع العربي إلى بلاده، و يرى أنّ هذا الربيع يزهر نتائج كبيرة للإخوان المسلمين، حيث يعلن الإخوان عن تبنّيهم مشروعاً سياسيّاً تعدّدياً يتبنّى الحرّيّات العامّة، و يبني حياةً برلمانيّةً بعيدةً عن الإستئثار بالسّلطة والموارد العامّة للدّولة، ويعتبر بديلاً جاهزاً ومقبولاً من قبل الأغلبيّة الشّعبيّة المتمثّلة بصناديق الاقتراع، ولذلك استشعرت الكثير من القوى العربيّة والإقليميّة والدّوليّة خطر هذا المشروع، وبدأت تهاجمه وتسعى لاحتوائه وإجهاضه، ويظهر هذا واضحاً فيما جرى في اليمن، وما يجري الآن من محاولات في سوريا بالتّعاون مع روسيا والصّين وإيران وحتّى إسرائيل، وكل هذه الأطراف مع بعض القوى الظّلاميّة العربيّة تعمل لاحتواء وإجهاض ثورات الشّعوب العربيّة وحرف بوصلتها، ولذلك كان طبيعيّاً أن يعتبر خلفان أنّ "الاخوان أكثر خطراً من إيران" لأنّه بإمكان تلك الأنظمة التّعايش مع نظام إيراني يشبهها في طريقة تعاطيه مع الشّعب والمعارضة، ومن أجل مصالحه لا يهمه لو أبيد الشّعب السّوري بأكمله، وبالتّالي فتلك الأنظمة تعتاش على الصّراع الهادىء والصّاخب فيما بينها، لأنّه يمنحها القدرة على جمع الشّعوب حولها عبر استخدام شعارات قوميّة وطائفيّة تبعدها عن المطالبة بحقوقها المشروعة لدفع خطر متوهّم قادم من طرف لا يمكن أن يكون بديلاً مقبولاً لها، وأكثر ما يرعب تلك الأطراف هو توفّر بديل إسلامي حضاري يحظى بالقبول الشّعبي وقادر على النّهوض بالأمّة.