ناشط أم معارض أم ثائر

د. أسامة الملوحي

في الثورة السورية ستجدون ناشطين وستجدون معارضين وستجدون ثوارا.

الناشطون السياسيون في الثورة السورية هم متابعون ناقلون مبرمجون متواصلون هادئون مرغوبون متفاعلون الى حد ما مع الثورة السورية ,والناشطون ثلة كبيرة منهم في الخارج وقليل في داخل سورية .

الناشطون تجدهم في كثير من الاجتماعات الحضورية والالكترونية ,الناشطون استطاعوا الدخول على كل الخطوط وتغلغلوا في كل التجمعات والهيئات ,الناشطون ساهموا في صياغة كثير من بيانات التأسيس والانبثاق,الناشطون في الثورة السورية ستجدهم في أكثر من اتجاه وتوجه ولن تجد لهم انتماءا واضحا لفكر واحد او التزاما في طريق واحد واضح.

أغلب الناشطين نقل مقعده الى صفوف مقاعد المعارضين وشغل حيزا هناك ولكنه بقي ناشطا طامحا متفاعلا الى حد ما مع الثورة السورية .

أما المعارضون في الثورة السورية فهم المختلفون مع النظام الأسدي بدرجات متفاوتة .

كان بعضهم من المقاتلين لهذا النظام ثم تراجعوا معارضين وكان بعضهم مع النظام ثم انقلب عليه .

ومنهم السياسيون السوريون الذين فرض عليهم العصر وتكاثرالديمقراطيات أن يكونوا معارضين للإستبداد والديكتاتورية الأسدية .

وأغلب المعارضين منتمين لتيارات حزبية أو فكرية ,المعارضون لهم أولوياتهم الفكرية والأيدلوجية القديمة الراسخة من قبل الثورة .

أكثرية المعارضين قابلون دائما للحوار والتفاوض والمشاركة وحساباتهم في أغلب الأحيان سياسية وسياستهم بلا شك قائمة على القياسات الحزبية والمعادلات المنطقية الإقليمية والدولية.

من المعارضين من احتكر المعارضة ضد آل الاسد لعقود ومنهم من هو حديث عهد ,كثير من المعارضين خارج سورية وقليل من المعارضين المعلنين هم داخل سورية .

أما الثائرون في الثورة السورية فصنف ثالث لا علاقة له بالصنفين الأول والثاني

الثائرون مفجرون لثورة عظيمة أسطورية لو ترك قرار تفجيرها للمعارضين لكان مؤجلا الى مالانهاية ,فكل الحسابات السياسية المنطقية مع النظام السوري تؤجل الثورة عليه الى مالانهاية .

الثائرون يصنعون الأحداث على الأرض كل يوم .ليس لديهم سابقة في العمل السياسي ,ولاينتمون لأي حزب أو تجمع أو فكر .

إنهم فطريون حددوا لأنفسهم هوية اسلامية وطنية فطرية بسيطة وانطلقوا.

الثائرون تجاوزوا قياسات السياسيين وتقاليدهم وتجاوزوا رجال الدين الذين حاول الثوار دفعهم أمام الصفوف ليشجعوا الجموع فاقبل بعضهم ثم تعثر .

الثائرون خرجوا أمام الدبابات والمدافع والرصاص الحي من أول لحظة ,الثائرون قدموا ويقدمون التضحيات كل يوم وساعة , الثائرون نذروا أنفسهم وأوقاتهم وما يملكون للثورة .

الأولوية عند الثائرين هي للثورة ولا يعلو عندهم على الثورة إلا الله فلا اعتبارات حزبية او أيدلوجية أو قومية أو عرقية قبل اعتبارات الثورة واستمرارها للنصر الكامل واسقاط النظام .    لقد قدم الثوار ثورتهم وأخروا دونها معيشتهم وأهليهم وأشغالهم .

الثائرون لايستطيعون الحوار على الاطلاق لانهم يعتبرون دماء الشهداء أمانة متزايدة في اعناقهم وامانة دم الشهيد عندهم أن لا يحاوروا قاتله الا لمفاوضات الرحيل.

الثائرون كلهم في داخل سورية على الارض يعملون وقلة قليلة منهم في خارج سورية يعملون على شاكلتهم وعلى اعتباراتهم ويتصفون بصفاتهم ويسعى قليلون آخرون في الخارج ان يكونوا مثلهم و منهم.

ولن يفلح الناشطون والمعارضون إلا أن يصبحوا ثائرين ,والثائرون لن يفهمهم الناشطون والمعارضون إلا أن ينضموا اليهم .

ثورة عظيمة هائلة في الداخل وثورة عظيمة مناصرة في الخارج ,هذا ما رجوناه من اول يوم ثار فيه الثائرون ولبى لنصرتهم المناصرون, ليكونوا جميعا في هذه الثورة ثائرين متقدمين غيرمعارضين ولا ناشطين.

عاشت الثورة المباركة وسلام على شهدائها ...والله أكبر.