صفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين وإسرائيل...(وجهة نظر)

صفقة تبادل الأسرى بين الفلسطينيين وإسرائيل...

(وجهة نظر)

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

لعلنا نتبادل التهاني فيما بيننا , من أن أكثر من ألف فلسطيني أسير عند قوات العدو الصهيوني سيتم اطلاق سراحهم مقابل جندي واحد ...جندي واحد صهيوني اسمه (جلعاط شاليط) , وكل شخص يقول لست فرحاً لفرح أخ لي نال حريته بعد عشرات السنين يكون ناقماً وحاقداً ويخلو داخله من الشعور الطيب , إتجاه أخيه في الدين أو الوطن أو القربى (ولكن ......؟؟!!!)

لنعرج قليلاً على الثمن الذي دفعوه إخواننا الفلسطينيين في مقابل خطف هذا الجندي , فكما صرح خالد مشعل اليوم أنه في معركة واحدة خاضها جيش العدو من أجل تحرير هذا الجندي كان 500 شهيد وفوق الألف جريح , وتلاها بعد ذلك حرب غزة والذي ذهب ضحيتها 500آلاف شهيد وضعفهم من الجرحى وتدمير كامل لقطاع غزة 2007 وخرجت غزة منصورة في معركتها , كما خرج حزب الله في جنوب لبنان عندما خطف ثلاث جنود اسرائيليين , وكانت حرب ألفين وستة بستتة آلاف قتيل وتدمير الممتلكات , وخرج حزب الله البطل المغوار , ليعم السلام بعدها على الحدود اللبنانية الاسرائيلية . وجرت مفاوضات بعدها على تسليم جثث الجنود اليهود في مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين والعرب .

فلو قارنا الربح والخسارة معتمدين على حساب النسبة بين العدد الذي فقدناه من شعبنا الفلسطيني وبين الجندي جلعاط شاليط , لوجدنا أننا افتدينا هؤلاء الذين سيفرج عنهم وعددهم 1027 بأربعة آلاف شهيد , والحصيلة أن الربح هي للعدو وليس لنا في هذا الربح إلا آلاف الشهداء سقطوا ظلماً وغدراً .

يقودنا التحليل السابق لسؤال يراه كل العرب والمسلمين والمؤيدين للفلسطينيين :

وما الحل الذي يمكن أن تقدمه خارجاً عن نطاق ودائرة  هذه التصرفات ؟

من لمحة بسيطة ونظرة بدون تأمل او تفكير سيقول أي شخص عن هذه الصفقة :

إن الكيان الصهيوني يعتبر فقدان شخص عنده  والمتسبب في ذلك عدو له ,يمثل كيان أمة بني صهيون وهم على استعداد أن يبزلوا كل شيء , في مقابل الحصول عليه حتى ولو كان عظاما  , وسيُنظر إليه بإعجاب كبير حتى من قبل أعدائه , وتزداد منزلة هذا الكيان في نفسه علواً وسمواً عند الكثيرين من الناس .

فهل يمثل عندنا وفي دولنا العربية وعند أنظمتها أي شخص من الدول العربية كيان أمة بكاملها ؟

قد يقول قائل نعم في تاريخنا المشرق يوجد حالة مشابهة عندما هبت الجيوش في زمن المعتصم لنجدة امرأة مسلمة صاحت وامعتصماه , لندع الجلوس داخل الكهوف ونخرج لواقعنا الحالي المرير , حيث نجد أنه كلما كان الانسان في وطننا العربي مهدور الكرامة مداس بألأحذية , من قبل نظامه أولاً , ومن قبل الآخرين ثانياً , فحتماً سنجد مثل هذه المقايضة المجحفة بحقنا , والظاهر منها أننا نحن الرابحون .كما ربحنا في احتلال سيناء والجولان والضفة الغربية , وخرج زعماء الحرب المهزومين قادات الأمة وزعماؤها وبدون منازع

لأنه لايوجد قيمة للإنسان عندنا, فالمواطن العربي في بلده يكون ذليلاً أجيراً خانعاً , وإن خرج لدول أخرى , فسفاراته همها الوحيد النصب والاحتيال وتمجيد القائد , فهل سمع أحد منا , أن اجتمعت حكومة عربية ما من أجل مواطن تعرض لجريمة معينة خارج بلده أو حتى من يقدم القهوة والشاي في السفارة؟

ولو خطف مواطن فرنسي من قبل عصابة ما لكان هناك استنفار في الدولة كلها من الرئيس حتى المواطنين العاديين , وهمهم الوحيد هو الحصول على هذا الشخص حيا مهما بلغت التضحيات .

فكما شاهدها العالم أجمع كيف أن الجيش الياباني يجعل من نفسه جسراً لانقاذ مواطنيه من آثار الزلزال , بينما الجيش عندنا في سورية يجعل المواطنين جسراً للدعس عليهم وإذلالهم .

فنحن أمة لن يكون لنا معنى ولن نربح أبداً حتى نعرف قيمة الإنسان , وأن كل شخص كبير أو صغير , فتاة أو امرأة , مهما كانت منزلته الاجتماعية , والغدر فيه هو غدر بالأمة كلها , ويجب بذل كل شيء من أجل انقاذه , عندها يمكننا القول , إذا بلغ الرضيع منا فطاماً خرت له الجبابرة ساجدينا .

فأملنا في الثورات العربية أن تع هذه الحقيقة , لكي تهتم بعد نجاح ثورتها بالفرد والذي ينتمي لهذه الأمة وأن تشعره بأنها حريصة عليه بالقول والفعل , وليس بالقول فقط , عندها نقول : ثورتنا قد انتصرت .