تشكيك بالحجر الأسود

تشكيك بالحجر الأسود

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين /‏‏25‏/06‏/11 لا  تنحصر الحملة الغربية على الاسلام لتشويه سمعته بانه دين يدعو الى الارهاب ومحاربة الغرب ودحره وانه لا تسامح بين المسلمين والنصارى واليهود الى غير ذلك من الاتهامات التي قادها سياسيون واعلاميون في اوروبا ضد الاسلام بعيد سقوط جدار برلين وانهيار الانظمة الشيوعية في اوروبا مطلع التسعينات بعد استراحة قصيرة للحرب الشعواء ضد الاسلام زمن الحرب الباردة التي كانت بين الغرب الراسمالي والشرق الشيوعي ، واشتعلت الحرب بين الاسلام والغرب التي كانت بمثابة نار تحت رماد تنتظر من ينفخ بها اثر انهيار الشيوعية وشمر الاعلام عن ساعده لاعادة الاسلام العدو الاول للغرب . ولا أحد ينسى تصريح قائد حلف شمال الاطلسي / الناتو / السابق جون كالفين الذي اعلن لنا معشر الصحافيين بآخر مؤتمر صحافي عقده في عام 1987 بأن  الحرب الباردة انتهت بهزيمة حلف وارسو وان الغرب سيعود الى حربه التقليدية مع الاسلام  من جديد لما قيل له بان المسلمين متفرقون يقاتلون بعضهم لاتفه الاسباب اكد بانهم سيجتمعون على اختلاف مشاربهم لمقاتلة الغرب وسوف ينتصرون . ولا احد ينسى تهديدات الرئيس الامريكي السابق جورج بوش / الابن / بانه سيرسل فرقه العسكرية لمحاربة الارهاب تكون اول طلائعها كابول واخرها في واشنطن وان محاربته للارهاب واحلال الديموقراطية في العالم الاسلامي والقضاء على دول محور الشر منبثقة من تعاليم السماء وامر مباشر  من الله . هذه  الحرب ضد الاسلام لم تنحصر بالفكر الاسلامي بل تجاوزت حدود الادب لتطول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الا انه جاء من وضع حدا لتلك التجاوزات .  وتشمل الحملة ضد الاسلام  القرآن الكريم ، فقد زعم المستشرق الهنغاري من اصل الماني ايجناتس جولدتسيهر / 1850- 1921/ ان الرسول  محمد صلى الله عليه وسلم وصلت به البلاغة ان قام بجمع القرآن وأعلن انه كلام رب العالمين وسبب عجز شعراء العرب مضاهاة القرآن  لتفوق الرسول عليه الصلاة والسلام بالبلاغة العربية . الا أن أن جولدتسيهر عاد واعتذر لانتقادات تعرض لها من قبل المستشرق الالماني تيودور نولديكه / 1836 – 1930 / الذي أكد في كتاب وضعه ردا على جولدتسيهر تحت عنوان / المفترون على الرسول /  بأن القرآن الكريم كلام رب العالمين مثل التوراة والانجيل وانه الكتاب الوحيد الذي يخلو من اي تحريف ، عما قاله في كتاب وضعه تحت إشراف مؤسس المكتبة الظاهرية في دمشق الشيخ طاهر الجزائري 1925 – 1920 / نصوص القرآن . وجولدتسيهر   لم يزعم بادئ الامر بأن القرآن الكريم من كلام الرسول محمد صلى الله عليه وسلم الا من خلال مقالة لاحد نصارى مصر  وهو انطونيوس بطرس سعيد / 1841 – 1910 / الذي زعم مع احد الموارنة اللبنانيين وهو القسيس يوسف زعنون / 1872 – 1932 / اذ زعما بأن الرسول عليه الصلاة والسلام تأثر بالوحدانية من القس يحيرى الذي التقاه صغيرا في بصرى الشام عندما كان برفقة عمه أبي  طالب بن عبد المطلب الذي خرج في تجارة الى بلاد الشام وعاد من بصرى الى مكة عندما خشي بحيرى على اذى اليهود للرسول عليه الصلاة والسلام وان بحيرى كان يزور مكة كل فترة لتعليم الرسول عليه الصلاة والسلام علم التوحيد .

ثم حملة الغرب على الاسلام لتشمل عليه الصلاة والسلام ولا سيما بعد حوادث 11 أيلول/سبتمبر من عام 2001 متهمة الرسول الكريم بالارهاب وصور السخرية / الكاريكاتور /  التي نشرتها صحف دانماركية والمانية وغيرها كنت من دفائن الحقد وكلمة زعيم الفاتيكان بينيديكت السادس عشر التي القاها في جامعة مدينة ريجنسبورج  عام 2006 والتي اورد فيها ذلك الحوار الذي جري بين القيصر البيزنطي مانوئيل الثاني والقاضي ابن حزم  الاندلسي بأن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يأت الا بالعنف ، فمقولة البابا احدثت ضجيجا في العالم الاسلامي الا أنه نقلها عن كتاب للقسيس اللبناني تيودور عادل خوري  الذي يشغل استاذ علم اللاهوت في جامعة مدينة مونستر وابن حزم الذي توفي عام 456 هجرية  للميلاد 1064  لم يجتمع مع القيصر البيزنطي مانوئيل الثاني  الذي جاء بعد ابن حزم باكثر من  250 عاما توفي ذلك القيصر عام 1391 ومانوئيل الاول توفي عام 1118 .

وما ان تهدأ الحملات ضد الاسلام الا وتظهر مرة اخرى ، وطالت حملة التشكيك بمقدسات الاسلام الحجر الاسود المودو في الكعبة المشرفة ، فصحيح ان الحجر الاسود لا يضر ولا ينفع فهذا الخليفة الراشدي الثاني سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما رأى الحجر الاسود اجهش بالبكاء وقال والله اني اعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا اني رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك . وقد زعم مدير عام متحف الطبيعة في العاصمة الالمانية برلين انسجر جريشاكيه موخرا ان الحجر الاسود الموجود في الكعبة المشرفة لم يكن من الجنة او حجر من المعجزات الالهية بل هو حجر من حجارة جبال مكة المكرمة ، وذهب جريشاكيه بعيدا في محاضرة القاها  في وقت سابق من حزيران /يونيو الحالي في المتحف الذي يراسه بأن سبب وضع الحجر في الكعبة وتبجيل العرب والمسلمين له يعود الى أن وثنية العرب ولم يقم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بازالته من اجل احترام شعور العرب  .

وقد حاول صاحب هذه / المقولة / الاستعانة باحد المستعربين من اجل الرد على مدير متحف علوم الطبيعة ببرلين الا أنه كانت هذه طامة اكبر  عندما زعم المستعرب بأن الحجر الاسود  كان نيزكا .

ولا تعتبر مقولة مدير متحف الطبيعة بجديدة ، فقد زعم السياسي والرحالة اللبناني / مسيحي ماروني / امين بن فارس الريحاني / 1876- 1940 - قام بتغيير اسم والده الى البرت / الذي كان يعتبر احد اشهر الجواسيس الامريكيين في كتابه ملوك العرب قسم / سيرة الملك عبد لعزيز بن عبد الرحمن آل سعود – رحمه الله / ان الحجر الاسود هو ليس بالحجر الاصلي الذي نزل من الجنة ووضعه سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام في الكعبة مشيرا بأنه عندما هاجم القرامطة مكة المكرمة عام 317 هجرية اقتلعوا الحجر الاسود واخذوه معهم الى عاصمتهم هجر في البحرين ولما قضى العباسيون على القرامطة زمن الخليفة المطيع بالله عام 362 اعادوا الحجر الى مكانه ، ويمضي امين الريحاني قائلا ولا أحد يعلم ما اذا كان الحجر الاسود الموجود في الكعبة حاليا هو ذلك الحجر لنه يشبه الى حد بعيد حجارة مكة على حد أقولهم .