أم البطل التونسي مصدومة

كلما طُرق الباب تفزع وتصرخ محمد "جا"

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

بعد مرور شهر من وفاة محمد البوعزيزي قال أخوه :"والدتي لازالت مصدومة وحالتها النفسية في تعكر مستمر، من شدة تأثرها على فلذة كبدها وهي لاتزال في حالة الصدمة ، كلما طرق الباب تفزع وتصرخ محمد "جا".

وأنا أقرأ هذا الخبر نقلا عن صحيفة الهدهد عن مقابلة صحفية مع أخو مُفجر ثورة الياسمين في تونس السيد سالم البوعزعزي ، دمعت عيناي ، وتأثرت كثيراً ، وتذكرت أمّ البطل ابن عمتي المُقدم الطيار الركن ابراهيم كويفاتية مدير مطار حلب العسكري ، عندما فجروه بطائرته بزرع قنبلة فيها ، ومقتل عدد من الضباط بحينها بنفس الطريقة عام 1974 ، وهو قد خاض حربي 67 و73 ، ونال أعلى جوائز التكريم والشجاعة ، ليُكافا بعمل غادر جبان ، أكده لي عقيد يمني طيار التقينه في اليمن عن طريق الصدفة ، كان قد تدرب على يدي ابراهيم يرحمه الله ،مما  أفقد الأم وعيها وعقلها ، وبقيت كالمجنونة على كبدها وفقده الى يوم مغادرتي سورية عام 1981 ، وقد نعته الأسرة بحينها بالقول : شاب بعمره ماتهنا ... سلبته يد الغدر منّا ... فلما كان فيها هلال ... وأصبح بدراً غاب عنّا

وتذكرت أمّ أحد الأصدقاء في حلب وقد قُتل ابنها حقداً وبدم بارد أمامها ، وهي تصيح  وتخرج الى الشارع يومياً ، وقد طار لُبها ، ولا أذكر عنها بعد ذلك شيء ، وتأملت في وضع مايُقارب عن خمسين ألف أمّ فقدن أبنائهن  ، واكثر من ثلاثين الف ام تنتظر عودة ابنائهن أيضاً من زنازين الأسرة الحاكمة في سورية وهنّ ينتظرن منذ قرابة الثلاثة عقود ، فلا نستغرب على أم البوزيدي التي لاتزال مصدومة بموت ابنها ، رغم أنها البطل الذي فجّر ثورة شعبية ، اشاد بها كل اهل الأرض الا الطواغيت ، كالقذافي الذي أعلن صراحة متحدياً لمشاعر التونسيين والعرب والمُعذبين في الأرض ، ماعلمت لكم أصلح حالاً من بن علي  بقوله : "لا يوجد احسن من الزين ابدا في هذه الفترة بل اتمناه (ان يبقى في الرئاسة) ليس الى ال2014 بل ان يبقى إلى مدى الحياةوالذي لوّح ضمنا عن رغبته بإسقاط تلك الثورة ، وإجهاد منجزاتها ، كي لايأتيه الدور ، بعدما اعتبرها بالحمل الكاذب ، ولا ندري من الكاذب ، أم أنه لايفقه من الأمر شيء  ام يُغالط نفسه ، بينما الجواهر تنثر دررها على الأفياء من فم سالم أخو محمد البوعزعزي الغلبان ، والذي عبّر عن ضمير الأمّة بقوله :

أخي حرر جميع التونسيين من خوفهم وحرر تونس بإخراج الدكتاتور بن علي، وأعاد للتونسيين المشردين بالخارج خوفا من نظام الدكتاتور جوازاتهم وكراماتهم وقريبا سيعودون إلى أرضهم بفضل محمد، أخي أعاد للشعب التونسي وأحراره حقه ". فما رأيك أيها القذافي بهذا القول من رجل يعمل في متجر كبائع، بينما الحال في دمشق التي وكأنها لم تسمع شيئاً عن هذا الحدث ، سوى وصول ابن علي للسعودية ، وتسلم مهام الرئاسة للغنوشي ، واليوم صدر تحت وابل الرعب من دكتاتور سورية مرسوماً تشريعياً بزيادة تعويض التدفئة إلى 1500 ليرة سورية للعائلة عن اشهر الشتاء ، بعد أن قارب هذا الفصل على الانتهاء ، وبعد ان بحت أصوات المواطنين طوال الأشهر الماضية ، ولم يُستجاب لهم ، فهل سيعتبر هذا الطاغية مما جرى ، أم انه مُصر على بغائه وتحديه إرادة الأمة كما كان سيء العابدين

فيومك آت يابشار لامهرب منه والله ، ولكن الشيء الوحيد الذي سوف لاينفعك هو الهروب ، وسنأتي بك من أقاصي الأرض لنحاكمك بالجزاء العادل وبما تستحق ، ولن تضيع دماء ابناءنا السوريين سُدى ، ولن تزول ألالامهم وأحزانهم إلا بمحاكمتك ، ولن نترك لك باباً للهرب كما فعل سيء العابدين ، الذي ترك اذنابه وأعوانه وحثالاته وحراساته فريسة بين أيدي الشعب المظلوم ، ليعاقبوهم بما يستحقون وينجو هو ، ولكنه لن ينجوا من عقاب الله وسخطه ، وهو درس مهم لكل أعوان بشار للتبرء منه وسرعة العمل للتخلص منه قبل أن يسبق السيف العزل ، والى ابناء سورية العلويين الغيورين على هذا الوطن ، سارعوا لتشاركوا بواجبكم الوطني مما تلوثت به يد الطاغية ، الذي اراد ان يزج بطائفتكم بصراعه مع الشعب ، وليكن منكم غازي كنعان الذي أنبه ضميره وحاول قلب الطاولة على بشار ، أو كالدكتور عارف دليلة الذي أحبته كل فئات الشعب ، ولتستنهضوا ، فنحن معكم قلباً وقالباً ، إخوة لنا في الوطن والعروبة والاسلام، لكم مالنا ، وعليكم ماعلينا ، مُتعايشين كما كنا أبداً في لُحمة وطنية يعرفها الجميع ، وشهد عليها الغريب قبل القريب ، وإنا غداً لناظره قريب

أنت في قلوبنا يامنديلا وعلم سورية الأشم القاضي المحامي الحقوقي هيثم المالح ..، لن ننساك أيها الشيخ الجليل الثمانيني ، واعتقالك يُمثل انتكاسة أخلاقية وإنسانية تُضاف إلى سجل هذا النظام ، قلوبنا معك أيها الحبيب الصامد ، أيها الرجل المقدام ، لم تنل من عزيمتك الشيخوخة ياسيدي ، وأنت سيد الرجال ، ولنُسطر اسمك في التاريخ رمزاً من أعظم الرجال ، فاق مانديلا وغاندي ، بل ولُنسمي انتفاضتنا الفكرية والثقافية والأخلاقية لإطلاق سراح أصحاب الرأي والفكر وعلى رأسهم قادة اعلان دمشق باسمك أيها العملاق ، بوركت وبوركت البطن التي أنجبتك ياسيد الأحرار ، ياسيد الشجعان يارمز الرجولة والعلو والافتخار ، وبورك أبناءك وبناتك الذين غرست فيهم قيم التضحية من طل الملوحي الى آيات عصام أحمد الى كل الأحرار والأبرار.