سرقوا الصندوق يا محمد
على هامش الانتخابات
أشرف إبراهيم حجاج - إعلامي – القاهرة
أبدأ هذا المقال بسطور أقتبسها من مقال للأستاذ العظيم الدكتور جابر قميحة عنوانه " النكتة هي صوت الشعب المطحون " . ونص هذه السطور :
" يعد الشعب المصري من أكثر شعوب العالم ضحكا وتنكيتا ـ وذلك على سبيل التعويض ؛ لأنه تعرض على مدار التاريخ للظلم الفادح والقهر الطحون . والعلاقة بين النكتة والظلم السياسي والاجتماعي علاقة طردية , فهي تكثر وتتنوع وتنتشر في عهود الظلم والدكتاتورية , وتقل ـ بل تختفي ـ في عهود العدل والحرية ، لذلك كان النصف الثاني من القرن العشرين بعد قيام الميمونة سنة 1952م أغزر العهود وأشدها وأمرها نكتا , وأغلبها يرتبط بتصرفات المسئولين الكبار إذا شذوا عن الطريق القويم . وكثير من هذه النكت غير صالح للنشر في أي عهد من العهود , لبشاعته وتوظيفه كلمات خارجة يعاقب عليها القانون " .
**********
وقد عاش الشعب المصري كله في عهد الحزب الوطني ، وحكم الرئيس مبارك بلا إرادة ، وبلا قدرة ، وأخيرا رأى أبشع أنواع التزوير في الانتخابات التي كانت فضيحة في الوطن وخارجه على مستوى العالم كله .
ولأنني أحب شعبنا المسكين جعلت عنوان مقالي عبارة شعبية هي " سرقوا الصندوق يا محمد " . والتكملة معروفة عند الجميع وهي " لكن مفتاحه معايا " . وأنا أعتقد أن هذا المثل ينطبق على حالة التزوير الشاملة للانتخابات ، وإن كان المفروض أن يكون المثل كله "سرقوا الصندوق يا محمد ، ومفتاحه برضه معاهم " .
وفي أيام الانتخابات السوداء التي نعيش فيها تنفس شعبنا عن طريق النكتة ، وانتشرت النكت انتشارا فظيعا . وأنا أقدم للقارئ في مقالي هذا بعض هذه النكت :
1- واحد بيسأل التاني : انتخبت ؟ فرد عليه قائلا : أنا خبت آخر خيابة ، والناس كلهم خابوا .
2- واحد بيقول للتاني : الرئيس في خطابه الأخير بيقول " وأنا أنحاز للفقراء " ، إزاي الكلام ده مع أن مصر من دول عدم الانحياز ؟ .
3- واحد كان ينكت ويضحك كثيرا ، فقال له أحدهم : الله دا انت ابن نكتة . فرد عيه قائلا : لا والله دا أنا ابن " نزيهة " .
4- واحد بيقول للتاني : أنا قرأت إن أحمد عز وجمال مبارك كانا يديران الانتخابات من " غرفة العمليات " . طب ليه ؟ فرد عليه قائلا : أصلهم كانوا " في العناية المركزة " .
5- واحد بيسأل التاني : بيقولوا إن التزوير تم بالتسويد . يعني إيه يسوِّد ؟ فرد عليه قائلا : يعني يسود عيشتنا ويخليها زي الهباب .
6- يوم الانتخاب الراجل اتخانق مع مراته فصرخت في وجهه : انت عايزني أروح لجنة الانتخاب اللي جنبينا وأجيبلك اتنين من الأمن المركزي يسودوا عيشتك ؟ .
**********
وبعد النكت السابقة التي قدمناها نسأل أنفسنا : ما الحل ؟ ما الحل للكارثة التي يعيشها الشعب المصري ، وهي كارثة تزداد وتشتد بصفة دائمة ؟ الحل ينحصر في كلمة واحدة هي " العدل " فالعدل يجب أن يكون أساس الحكم ، ويجب أن يصاغ الدستور والقوانين متفقة مع العدل ، بعيدا عن الظلم والدكتاتورية التي طحنت الشعب ومازالت تطحنه . نريد أن يشعر المصري أنه يعيش في وطنه آمنا مطمئنا : " إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) " النساء .