حق العودة والهوية الوطنية

حق العودة والهوية الوطنية

للعائدين من النكبة من منظور فلسطيني

د. عصام مرتجى- غزة

[email protected]

بعد تصريحات اللص الصهيوني " ليبرمان " عن التبادل السكاني و بعد إقرار قانون يهودية الدولة الصهيونية ، ضجت الساحة  العربية لفلسطيني الداخل "ال48" ، وبدأ إخواننا يشعرون بالخطر المحدق بهم من هذه الدولة العنصرية وبدؤوا يبحثون عن سبل المقاومة والنضال لمثل هذه القوانين عنصرية.

 القضية المطروحة ليهودية دولة الصهاينة فتحت الجرح القديم الحديث، وأعادت صور النكبة من بدايتها.

وفتحت أبواب التساؤل عن مصير العائدين وحقهم الوطني المغتصب، إن قُدِّرَ لهم بالعودة ضمن اتفاق سلام.

الكل الفلسطيني،  من أقصى اليمين لأقصى اليسار ، يؤمن وينادي ويقاوم للوصول لحق العودة.

وأغلب الفصائل الفلسطينية  أضحت تؤمن بحل الدولتين "ولو مرحليا أو تكتيكيا" مع ضمان حق العودة.

ولكننا لم نسمع وجهة نظر الفصائل وشروطها للدولة التي سيعود لها العائدين من النكبة !!؟؟.

هل هو وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (194) والذي يقضي بأن الجمعية العامة تقرر " وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم ، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر...."

أي العودة لديارهم أو قبولهم للتعويض ، دون تحديد الهوية الوطنية لهم ؟؟؟ ودون فرض حقهم الوطني بجنسيتهم الفلسطينية وقوميتهم العربية ؟ وهل سيكونون في دولة لهم الحق في وضع  قوانينها و حكمها ودينها وعلمها وجيشها وقوميتها ؟؟!!

كلنا نقف ونهلل وننادي بحق العودة، وكأنه بات مقبولا على الفلسطيني العائد من النكبة أن يكون على الحال الموجود عليه أخواننا فلسطينيي "ال48" ، بحقوق مدنية منتقصة وجنسية إسرائيلية وعلم دولة هو الأبغض على قلوبنا في الدنيا وفي التاريخ.

نحن كفلسطينيين سرق الصهاينة أرضنا وهجرونا   وأورثونا النكبة ، حين ننادي بالعودة يجب أن تكون لنا رؤيا واضحة للعودة، ولا نترك  المجال للصهيوني أن يحددها هو وفقا لرؤيته.

العائدون من النكبة، إن قدر لهم العودة لديارهم وقراهم ومدنهم المغتصبة، وإن قُدّرَ لهم أن يعيشوا في دولة مشتركة مع المغتصبين  الصهاينة كما هو الحال مع أخواننا فلسطيني ال48، فيجب أن يكون لهم الحق في إعادة صياغة شكل الدولة وعلمها وهويتها الوطنية والقومية.

هذا ما يحاول  المحتل الصهيوني أن يلغيه من وعينا ومن تاريخنا، ولذلك فهو يحاول أن يضع فلسطيني ال48 بين خيارين : إما أن ينسوا  هويتهم وتاريخهم  ويندمجوا تحت ظلال النجمة السداسية بولاء "الغويم" أو سيتم تهجرهم ، كما فعل بأسلافهم من قبل.!!

وبالتالي فهذا الغاصب المحتل حين يحاول فرض  يهودية الدولة، يحاول أن يستبق الزمن لأي اتفاق، لكي يلغي الحق الوطني لمن يقدر له العودة من النكبة في ظل أي اتفاق، وإن عاد فهو من "الغويم" الذين هم مجرد عدد سكاني كأي أجنبي يقيم ويعمل و ينتفع بوظيفة ما من دولة ما !!! لا حق له في تشكيل دستورها ولا حق له في تشكيل علمها ولا حق له في صياغة قانونها ................. أي في عُرف المغتصبين "هم غويم و خدام لشعب الله المختار" .

وبالتالي نرى أن العائدين بعدما هُجروا عقود من الزمن وذبحوا وطردوا سيعودوا ليكونوا خدما لبني صهيون، وعادوا من النكبة إلى  نكبة أكبر...!!

رغم الضعف الذي نحن فيه، ورغم النكبة و النكسة والهزائم، ورغم سطوة المحتل ، يجب أن يكون لنا كفلسطينيين بشكل عام، وللفصائل العاملة على الساحة الفلسطينية  وجهة نظر واضحة في مسألة العودة والحق الوطني للعائدين ، وكذلك شكل الدولة التي سيعودون لها.

هذا ليس ضربا من الخيال، ولا هيام في التفكير ولكنه ادني حق لمن فقد وطنه وأرضه، أن يكون له الحق في وضع رؤيا للدولة التي سيشارك بها غاصب أرضه عنوة وغصبا عنه بفعل خلل موازين القوى والواقع المرير.  

فهل إن قضت مشيئة الله بحرمانه من أن يكون في دولة فلسطينية يعيش في ظلال علمها الذي يحب ويتمنى، يصبح على النقيض !! يصبح إسرائيليا وعلمه نجمة داود بين  خطي نهري النيل والفرات  الأزرقين، حدود طموح الصهاينة ؟!!

فما قيمة عودة لوطن علمه نجمة داود!!  وبرلمانه كنيست !!! وجيشه يقسم بالولاء لليهودية !!! ويحرس حدوده من شعبك ودول عروبتك وقد تشارك في ذبح شعبك على الحدود !!!

إن الرؤيا الفلسطينية التي تطرح رؤيا الحل بالدولتين ، على هذه الرؤيا "سواء منها من يؤمن بالحل الدائم أو الحل المؤقت "  عليه أن يوضح وجهة النظر الفلسطينية بشكل لا لبس فيه لشكل الدولة الأخرى  التي سيعود لها العائدون من النكبة.

وهذا أقل ما يقال في الرد على طرح الصهاينة لمشروع اليمين بالولاء لدولة صهيونية يهودية.

إن الوضع القومي والوطني لإخواننا فلسطيني ال48 وحقوقهم الوطنية والقومية ليس بالشيء المرضي، والصهاينة في عمل مستمر لتذويب هويتهم القومية وسلخهم عن امتدادهم العربي والفلسطيني.، وهذا ما يهدفه القانون الجديد.  وهذا ما يرفضه كل فلسطيني حر.

قد لا نستطيع ، في ظل موازين القوى الحالة، طرد الصهاينة من بلادنا ، وقد يجبرنا هذا الزمان الأغبر على قبولهم في أرضنا لفترة ما، لكن هذا لا عني أن تكون الدولة التي نقبله فيها هي دولته وعلمها هو علمه وديانتها هي ديانته وبرلمانها هو كنيسه.!!! 

وان كانت العودة المقصودة لدى البعض على هذا الشكل، فتبا لهكذا عودة وتبا لهكذا دولة وتبا لهكذا حياة يحكم فيها النذل المغتصب القادم من خارج التاريخ والجغرافيا بشريعته الفاسدة على أهل البلاد وعطرتها الطاهرة.