الحرب بالوكالة .. والاحتلال بالوكالة

أهو عصر التوكيلات !؟ ربّما..

عبدالله القحطاني

* الحرب بالوكالة ليست جديدة ؛ فقد خاضت دول كثيرة ، حروباً بالوكالة ،عن دول أخرى !

* الاحتلال بالوكالة ، هو الجديد اليوم ، لابصفته حالة فردية عابرة معزولة .. بل بصفته ظاهرة متكرّرة ، في مواقع عدّة من العالم !

* حسبنا أن نذكَر بعض الأمثلة الحيّة ، للتدليل على مانقول :

 ـ إثيوبيا تحتلّ الصومال ، بالوكالة عن أمريكا ، التي تقدّم لها الدعم المادّي والمعنوي .. بينما الذين يخوضون القتال ، ضدّ شعب الصومال ، فيقتلون ويدمّرون ويحرقون ، ويتعرّضون للقتل .. هم عساكر أثيوبيا !

ـ أمريكا تحتلّ العراق ، بالوكالة عن إيران وإسرائيل معاً ؛ لأنهما الجهتان المستفيدتان ، أولاً وبالدرجة الأولى ، من هذا الاحتلال ، والمحرّضتان عليه بداية ! بينما الذين يَقتلون ويدمّرون ويحرقون ، ويتعرّضون للقتل .. هم عساكر أمريكا ! والملاحظ ، هنا ، في هذه الحالة ، أن أمريكا قامت بدور متعهّد الاحتلال ، وكالة عن غيرها ! بينما هي التي توكّل غيرها ، في العادة ! وذلك ، لِما في  احتلال العراق ، من خصوصية نادرة ، ومميّزة ، على المستوى الإقليمي والدولي ، حاضرا ومستقبلاً ! وواضح أن نبوءات بوش ، واعتقاده بأنه يخوض الحرب في العراق والعالم الإسلامي ، باسم الربّ.. لها دور كبير، في هذه الوكالة الأمريكية ، التي تستنزَف فيها طاقات أمريكا ، البشرية ، والمادّية ، والمعنوية (الخلقية !) دون أن ترى لحربها نهاية واضحة في الأفق ، أو نتيجة إيجابية واضحة ، فيها نفع لدولة أمريكا ، وشعب  أمريكا .. سوى ماتجنيه بعض الشركات الأمريكية ، التي يشترك في مكاسبها بعض المتنفذين، من رجال الإدارة الأمريكية !

ـ أسرة أسد تحتلّ سورية ، بالوكالة عن إسرائيل ! وهذا نوع فريد وخاصّ ، من أنواع الوكالة ..! وهو ، لدى التدقيق بالمصطلح ودلالاته ، يَظهر بوضوح ، بأنه احتلال ، بالمعنى التامّ للكلمة ! ولا ينفي عنه صفة الاحتلال ، كون الوكيل من أبناء البلاد ! ولو محّص أيّ باحث ، حقيقة مايفعله آل أسد وأعوانهم ، من تدمير للبلاد ، وسحق للعباد ، ونهب للثروات ، وجعل الجيش السوري مخفر حراسة ، لحدود الجولان الخاضع للاحتلال الإسرائيلي .. وتسهيل لمهمّات الجيش الإسرائيلي ، في العدوان المتكرّر على سورية ، في أيّ وقت ، وفي أيّة بقعة سورية ... لعرف حقيقة الوكالة ، التي يمارسها نظام آل أسد في سورية !

 إلاّ أن الفرق بين شراسة الوكيل ضدّ شعبه ، وشراسة الصهاينة ضدّ الشعب الفلسطيني ، الذي يحتلون بلاده بالأصالة عن أنفسهم .. هو فرق في النسبة !

فالشعب الفلسطيني ، الخاضع للاحتلال أصالة ، يستطيع التظاهر والإضراب ، والاحتجاج على مايفعله الصهاينة به ! ويستطيع الضحيّة أن يتقاضى مع جلاّديه ، وأن يوكّل محامين يدافعون عنه ، وأن يرى السجين أهله ، بزيارات متكرّره مِن قبلهم ، له في سجنه ، ويستطيع الاتصال بالمنظمات الدولية ، لرفع صوته ضدّ ممارسات المحتلين !

 أمّا شعب سورية ، الخاضع للاحتلال بالوكالة ، من قِبل أناس محسوبين عليه .. فلا يحقّ له شيء من ذلك ! لماذا !؟ لأن المحتلين هم مواطنون من أبناء بلاده .. بل هم يحتكرون الوطنية كلها ، ويرفعون رايات الممانعة ، ضدّ الدولة التي توكّلهم ! والتي تستطيع إسقاط حكمهم خلال ساعات معدودة ، لو أرادت ! إلاّ أنها تعلن باستمرار، على ألسنة قادتها السياسيين والعسكريين ، أن النظام السوري الحالي ، هو ضرورة حيوية ، للأمن القومي الإسرائيلي ، وأن إسقاطه يعدّ خطاً أحمر، من وجهة نظر السياسة الإسرائيلية !

 فسبحان الله .. وصدق القائل : عشْ رجباً ، ترَ عجباً !