المصالحة مابين الإخوان المسلمين والنظام
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
ردّاً على الأُستاذ صالح القلاّب الذي تحدث في مقالته "أبعاد ما جرى في صيدنايا" عن مُصالحة تجري مابين الإخوان المسلمين وبين النظام السوري منذ أكثر من شهر، والتي بحقيقة الأمر لا نعلم عنها أيّ شيء ، ولكن لربما هناك إحداثيات قد تُدلل على ذلك ، ولكن من إيماننا العميق في المُعارضة بضرورة حلحلة الوضع السوري ولو ابتدأ من جهة المعارضة بفك العُقد واحدة وراء الأُخرى ، ولا شك والتي من أصعبها عُقدة الإخوان المسلمين الفصيل الوطني الواسع الحر المحروم من حقوقه ووجوده ، والمُطارد في الأرض ، والمحكوم بقوانين فرمانية تفتيشية لا أخلاقية ولا إنسانية وحتّى المجموعة الحيوانية تتبرأ منها ، وأهمها قانون العار والعهر والجريمة 49 لعام 1981 الذي به اُستبيحت دماء عشرات الآلاف من أبناء شعبنا من تحت حدّية سيفه ، وفاعليته في جزّ الرؤوس البريئة ، والذي تمرُّ اليوم ذكراه الثامنة والعشرين المقيتة ، بينما الإخوان ذوو الشعبية المُحترمة بين فئات الشعب ، والتاريخ النضالي الطويل بقوا على ما هم عليه بارتباطاتهم بالوطن والمواطنين ، وجميع تكتلات الشعب الشعبية والسياسية ، ولم يُفرطوا يوما بالحقوق ، ولم يخدعوا أحداً من حُلفاءهم ، بل وطوال تاريخهم المُشرف كانوا إلى جانب كُل سوري مُضطهد ، بل وتحالفوا مع كل القوى السياسية الوطنية ، بدءاً مع إعلان دمشق وانتهاءً بالسيد عبد الحليم خدّام ، وبالتالي فأي إجراء يقوم به الإخوان المسلمين بشأن المُصالحة أو بالأحرى لتخفيف الأضرار على شعبنا السوري هو مبارك فيه وطنياً ، ويخدم مشروع سورية الحرية والديمقراطية ، ويخدم إلى حلحلة الأُمور باتجاه الأحسن لمصالح سورية وليس لمصالح النظام، لأنّه عُرفاً وسياسةً ليس عمل المُعارضة من أجل المُعارضة وإنما لتحقيق مكاسب واختراقات لصالح الوطن، وإن كُنت شخصياً أعتقد جازماً أنّ هذا النظام إلى زوال ولا ينفع معه إلاّ بتره وقلعه ، ولكنني مؤمنٌ بأهداف الإخوان من الناحية الإنسانية لتهدئة الأمور ، بُغية إعادة مئات الآلاف من المنفيين قسراً إلى حضن الوطن ، ومن باب لعلّ ورُبما يجد النظام مصلحته بالسير نحو إنهاء ملفه البشع الذي ابتدأ منذ أربعين عام
ونقطة فوق السطر عندنا في المعارضة السورية بأننا لا تُعوّل على الغرب المُنافق ولا على مؤسساته الإنسانية أو الحقوقية في الدفاع عن قضايا الإنسان السوري المظلوم ،وأيضاً نؤمن بأنّ الغرب يُريد أن يستهلك مثل هذه الأمور في البيع والشراء للأوطان والشعوب بما يخدم مصالحه ، ونؤمن أيضاً بأن الغرب كثير الخُذلان ، لاسيما إذا تعلّق الأمر بالإسلاميين أيّاً كان لونهم أو توجههم ، لأن الغرب مرق على التعامل بالازدواجيات في كل الأمور، ولهذه الأمور علينا أن نعذر بعضنا بعضا ، وبالتالي لا أعتقد مثل هذه الخطوة تُزعج السيد خدام كما ذكر الأستاذ القلاّب ولا أي وطني شريف ، لأن عودة الملايين من المواطنيين السوريين إلى بلادهم يُحقق مصلحة وطنية وإنسانية في المقام الأول ، ومن العبث والخطأ من يُفكر ولو للحظة بإمكانية أن تقف المُعارضة في وجه تسوية الأوضاع الإنسانية ، التي لا يجوز لأي أحد أن يتلاعب بها أو أن يمسها لمكاسب سياسية ، لنُبقي على الخلاف بيننا وبين النظام في الأُطر السياسية إن رغب في حلحلة الأمور الإنسانية
وأمّا عن أحداث صيدنايا فلا شك بأن النظام هو من افتعلها وليس الإخوان أو أي فصيل مُعارض كما وضع الأستاذ القلاّب لبعض الاحتمالات ، ليظهر أمام الغرب في مؤتمر الإتحاد الأوسطي في فرنسا كنظام مُقاوم لقوى التطرف الإسلامي لينال تعاطفه ، خاصةً بعدما تخلّت باريس عاصمة النور والحرية عن المواثيق الدولية الناظمة لحقوق الإنسان ، وارتضت أن تُصافح الشر أو أن تصفح عنه كما ذكر السيد زهير سالم ، ولم يكن يعتقد هذا النظام بأن تدنيس المصحف الشريف بقصد الاستفزاز ممكن أن يتطور ويأخذ كُل هذا البعد ، الذي تفاعل معه كل المساجين ومن كُل الألوان ليخرج الاحتجاج خارج أسوار السجن ، وتتفاعل معه جماهير الأُمّة العربية والإسلامية ، والسوريين عامة بشك خاص ، ليُدلل عن مدى الاحتقان والنقمة في الشارع على هذا النظام المُستبد ، وبالتالي لم يكن الإخوان هم من افتعل هذا الحدث الجلل ، بل المُعتقلين الإسلاميين هؤلاء لا يمتون إلى أي تنظيم سياسي أو إرهابي كما ذكر النظام بصلة، ولذلك أراد هذا النظام أن يستغل استقلاليتهم لتوجيه التُهم المُلفقة إليهم ويستفيد من وراءها سياسياً للخروج من عزلته العربية والدولية
أخيراً أقول : بأننا مع أي جُهد صادر عن أي قوّة سورية فاعلة نحو تقريب الهوّة وتقليل الخسائر ، مع تمنياتنا جميعاً أن نرى هذا النظام البوليسي وقد أفل بأقرب وقت ممكن ، مع تمنياتنا أن يعقل هذا النظام وينضم إلى المسيرة الوطنية لبناء الوطن وتحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي لبلدنا الحبيب ، مع استبعادنا الكامل لقيامه بمثل هذه الخطوات ، ونحن مع كُل الطيف المُعارض بتطلعاته وأُمنياته وتخوفاته وحساباته ، ولكن بشرط ألا يطعن أحدنا الآخر ، وان نرتقي على الجراح ونعذر بعضنا بعضا مهما كانت الظروف ، لنُحافظ على وحدتنا في مواجهة الاستبداد والطغيان ، وتخليص بلدنا من كل مظاهر الاستكبار والإذلال والإخضاع.