الرهبان المحاربون ..

الرهبان المحاربون ..

 والقتيل المسلم !

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

كشف التمرد الطائفي عقب أحداث أبوفانا ، عن وجه آخر من وجوه تحرّكه وعمله تجاه الأغلبية المسلمة ، والنظام الحاكم أيضاً ، ومن سياق الأحداث والتصريحات التي تلت زيارة الأنبا شنودة للرهبان الذين قيل إنهم مصابون في مستشفى برج مينا بمصر الجديدة ، حرص قادة التمرد على إسدال الستار على مسألة قتل الفلاح المسلم الذي اتهموه بالاختلال العقلي ، وقلّلوا من شأنه ، وظاهرهم نفر من اليسار المتأمرك ومرتزقة الصحافة الذين يتملقون المتمردين ، ظناً منهم بأن ذلك يفتح لهم الطريق إلى قلب الحكومة الرخوة ، ومناصبها ومغانمها ..

صار الحديث عن هجوم المسلمين على الدير والرهبان وإصابتهم وسحلهم وإجبارهم على النطق بالشهادتين هو النغمة السائدة ،وكأنهم يرون في الهجوم المخلوط بالأكاذيب والادعاءات خير وسيلة للدفاع عن جريمة القتل البشعة التي راح ضحيتها فلاح مسلم لا حول له ولا طول ! وقد أصدر المجمع المقدس بيانا شديد اللهجة كما وصفته الصحف ، يطرح ستة مطالب على رئيس الدولة لتحقيق ما يُسمى بالأمان للنصارى في مصر ، وعلى رأس هذه المطالب الإفراج عن المحتجزين دون وجه حق ، أي الإفراج عن قتلة المسلم البائس الذي لا ظهر له ولا حماة ، بمعنى تطويع القانون للإفراج عن القتلة النصارى ليتحقق الأمان للطائفة والرهبان المعتدين !

إهدار دم القتيل المسلم تعبير عن الهوان الذي وصلت إليه السلطة أمام التمرد الطائفي الفاجر الذي لا يخفى استقواءه بالصليبية الاستعمارية الدولية ، بقيادة حكومة واشنطن .. وقد استثمر المتمردون هذا الهوان بطريقة جيّدة فزادوا من تبجحهم بالإصرار على طلب تعويض عما أسموه التلفيات والمسروقات التي أصابت منشآت في الدير ومنقولاته ، وقدّروها بمليون جنيه .. في حين أن الواقع على خلاف ذلك .

في الوقت ذاته تقبض السلطة على المزيد من المسلمين الذين يتهمهم النصارى بالهجوم على الدير ، لدرجة القبض على اثنين لا علاقة لهما بالحوادث ، ولم تفرج عنهما النيابة إلا بعد شهادة اثنين من عامة النصارى الذين لم يتأثروا بالتمرد ودعاياته المسمومة بأن المقبوض عليهما بريئان .

ويوجه المتمردون سهامهم إلى شخص يدعى " أبو لؤلؤة " ، قيل أنه قام بدور مهم في الإفراج عن الرهبان الأربعة المحاربين ، فستدعيه النيابة إلى التحقيق ويقوم المحامون الذين يخدمون التمرد بالتشهير به في البرامج التلفزيونية والصحف المختلفة .. بالإضافة إلى دورهم الدعائي في إعلان التحدي السافر وترديد مقولات الأنبا عن انتهاء زمن المصالحات إلى غير رجعة ، وأن الكنيسة سوف تستخدم كافة السبل ( .. ) للدفاع عن مصالح النصارى !

لقد اختفى من الإعلام المصري تقريباً الحديث عن العدوان النصراني والاستيلاء على أرض الدولة وإنشاء مستعمرة " أبو فانا " والتوسع فيها .. وقبل ذلك وبعده حق " القتيل المسلم " صاحب الدم الرخيص والانتماء الأرخص !

وبدا موقف المسئولين الرسميين مثيراً للتعجب والتحسّر .. وما بالك بمسئول يُعلن على الملأ ، وتنشر الصحف تصريحاته أن كلام الأنبا شنودة عن حوادث أبوفانا خارج نطاق التعقيب ، لأنه رمز ديني له مكانته في قلوب المجتمع وأنه صاحب رؤية تستحق الاحترام والتقدير !! ونسى هذا المسئول أن الأنبا شنودة هو الذي قال عن الأعراب إنهم لا يجدون أحداً يحكمهم ، أي إن الحكومة لا وجود لها ولا قيمة ، وهو الذي قال إنه لن يفوّت هذا الأمر بمعنى أنه يملك القوة التي تمكنه من فعل ما يريد ، فهو رئيس دولة مستقلة لا تخضع لسيادة القانون كما يخضع له المسلمون التعساء ، الذين اعتدى عليهم الرهبان ، وقتلوا واحداً منهم بالسلاح .. المسئول الحكومي المحترم ، لا يريد في تلك التصريحات أي مساس بالأنبا أو بحكومته المستقلة ، فهو صاحب " رؤية تستحق الاحترام " !

مشكلة هذا المسئول وأمثاله أنهم لا ينفذون القانون إلا على المسلمين الأذلاء ، ويأخذونهم بالشبهة ، ويعتقلونهم بالعشرات والمئات في حوادث تافهة ، بل إنهم في حوادث أبوفانا التي كانوا ضحيتها قبضوا على سبعة عشر مسلماً حتى الآن وجددوا لأربعة عشر منهم بالحبس خمسة عشر يوماً .. أما من اعتقل من النصارى فهما اثنان فقط ( المقاول الذي كان يبنى سوراً على الأراضي التي سرقوها وابنه ) !

ومثل هذا المسئول شخص آخر ، كان يقترح مكافأة لصوص الأرض من الرهبان بمنحهم مساحة إضافية قدرها خمسة كيلو مترات في شتى الاتجاهات ، انطلاقاً من نهاية المساحة الحالية .

المساحة الحالية تقرب من خمسمائة فدان ، بدأت بإقامة قلاية ثم اثنتين حول مقبرة لمن يُدعى القسيس أبو فانا  ، وتوسع القوم في بناء القلايات والسيطرة على المزيد من الأراضي ، حتى استطاعوا أن ينتزعوا من الدولة الرخوة قراراً بعدّ الدير من المناطق الأثرية .. ولكنهم لم يكتفوا بذلك ، فتمددوا ، وراحوا يُهيئون لبناء سور على مساحة خمسمائة وألف فدان ، مما أثار الأعراب الذين يزرعون الأرض ويرتزقون منها ، وحين حاولوا منع الرهبان المسالمين ( .. ) من إقامة السور والتمدد غير الشرعي ، فقد وجدوا نوعاً آخر من الرهبان المحاربين الذين يستخدمون السلاح بمهارة ودقة ، فقتلوا الفلاح المسلم اليائس ، واتهموه بالاختلال العقلي ، وأصابوا أعداداً أخرى ، وكانوا ينتظرون أن يباركهم الرب والبابا والحكومة على جريمتهم ، فوجدوا المباركة من البابا وحده والصمت من الحكومة .. أما الرّب فلا أحد يعلم ماذا سيفعل بهم لأنه أوصاهم ضمن الوصايا العشر : " لا تقتل " وقد قتلوا ! ، وقد أوصتهم الثقافة الاستشهادية : " حفضل أصلى مهما حصلّى " ، ولكن الثقافة الاستشهادية التي يروجون لها هذه الأيام لمواجهة ما يُسمى " الغزو العربي المستمر " ؛ عبّرت عن نفسها بالرصاص الحي الذي يؤدى إلى الدار الآخرة .

من المفارقات أن الأنبا شنودة ، بعد أن أهان الدولة بقوله " مش لاقيين حد يحكمهم " ، انزلقت قدمه فأصيب بكسر في الحوض ، فأمرت السلطة المسلمة بتخصيص طائرة لسفره فوراً إلى أمريكا كي يُعالج ، أما الشيخ جاد الحق على جاد الحق ، شيخ الأزهر السابق ، فقد رفضت الإسعاف الحضور إلى منزله ونقله إلى المستشفى ، مما اضطر أسرته إلى التصرف بعيداً عن الدولة ، وقضى الرجل نحبه ، تاركاً خلفه كثيراً من المواقف الوطنية الجريئة الشجاعة بالفعل لا بالقول ، فقد رفض أن يقابل رئيس الكيان النازي اليهودي الغاصب " عزرا فايتسمان " ، ورفض أن يحلل الربا فى البنوك ، ودافع عن الإسلام بكل ما يملك .. ولكن أهل اليسار المتأمرك والمرتزقة ينفخون فى مقولة للأنبا تقول إنه لن يزور القدس إلا مع إخوانه المسلمين ، وينسون ما يفعله على أرض الواقع من مباركة للتمرد الطائفي ودفع النصارى إلى الجيتو والاستنجاد بأميركا واليهود ، وتحالفه مع نصارى المهجر الذين يسبون الإسلام ، بل ومقاضاة من يصف السفيه البذيء " زكريا بطرس " الذي يسب الإسلام بالليل والنهار!    

إن اليسار المرتزق الذي يتحالف مع المتمردين النصارى ليقوم بمظاهرة ضد المسلمين تحت مسمى " الوحدة الوطنية " أسقط ورقة التوت التي كان يتغطى بها ، ويضحك بها على البسطاء والأيام ستكشف المزيد .

دعم التمرد الطائفي إسلاميا!

بعض البرامج الدينية الإسلامية التي يقدمها مذيعون يفترض حرصهم على الإسلام والمسلمين ، يقومون بالترويج لبعض شركات المحمول والهاتف ، وذلك من خلال طرح أسئلة تافهة يستطيع معظم الناس الإجابة عليها بسهولة شديدة ، والجائزة المطروحة رحلة عمرة ..لا أريد الخوض في طبيعة الأسئلة التافهة ولا طبيعة الجائزة ، ولكني أود الإشارة إلى أن الشركات المستفيدة من المكالمات ؛ ملك لكبار قادة التمرد الطائفي الذين يحتقرون الإسلام ويرفضون الحجاب ويرون أن عودة الناس إلى الإسلام تجعلهم غرباء في مصر ! وأكتفي بهذا القدر !