برفع الأسعار الفاتحة على روح كل فقير

برفع الأسعار الفاتحة على روح كل فقير..

والتهيئة لثورة الجياع

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

من مُهمّة الدولة  إن كان يوجد دولة وليست عصابات تحكم ، ومراكز قوى في الأسرة الحاكمة في عهد تسلط بشار ومن قبله أبوه حافظ -  الحفاظ على كُل مواطن في هذا البلد في مأكله ومشربه ومسكنه وصحته ، وسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : " والله لو أنّ بقرة عثرت في العراق لخشيت أن يسألني الله عليها ، بينما سياسة النظام الحاكم في دمشق  تقول : والله لا نرتاح حتّى يركّع الشعب السوري أو يأتي إلينا صاغرا ، نستعبده نستذّله نفعل به ما نشاء ، فالأمر إلينا ، ناسين أو مُتناسين بأن الشعب قد يصبر ، وقد يكون مضطراً لكي يبتعد عن المُعارضين السياسيين فترة من الزمن مُرغماً، ولكنه لمّا يجوع فلا يقف أمامه أي شيء ، وحينها سيجأر بصوته عالياً ، وسيُعلن انضمامه بكليته للمعارضة دون خوف بما سيُسمّى بثورة الجياع ، التي ستعني الطوفان وإغراق الظلمة عصابات الحُكم  ، الذين سحقوا الطبقة الوسطى على مدار عقود تسلطهم  ، وجعلوا من سورية فئتين،الأولى الأغلبية من المسحوقين ، والثانية الأقلية من المُقربين والمُنتفعين المُتخمين بالمال الحرام ، والقلّة القليلة ممن تبقّى من الأغنياء السابقين أو اللاحقين ، الذين اعتمدوا في بناء ثروتهم على أنفسهم أو ما ورثوه من الحلال من ذويهم ، بينما الكثير من الميسورين عادوا إلى الوراء ، بفضل نهب أصحاب النفوذ من أركان النظام لهذا البلد وأهله ، وما يزيدُ في المأساة يوما بعد يوم الغلاء المُتصاعد الجنوني الذي كان آخره ، رفع سعر الديزل إلى 350% على الحركة العامّة في البلد ، وبالتالي غلاء الأسعار بما يُناسب ذلك الارتفاع ، بينما زيادة الأُجور الغير مُتناسبة ، لم تزيد عن المرتب ب25% ، وبالتالي يكون الذي مُرتبه 4000 آلاف ليرة زيادته بألف ليرة ، وأصحاب المُرتبات العليا الذين قد تبلغ مُرتباتهم أل 20000 ليرة تكون زيادتهم بخمسة ألاف ليرة ، فهل يستويان في الإنفاق والزيادة في الأسعار ، مع العلم : بأنّ الذي مرتبه الأدنى قد تكون عائلته الأكبر فكيف يستقيمان)

أنا لست ضد اعطاء أصحاب المرتبات العلية مُرتبات اكبر مما هم عليه ،  لأنّهم في الغالب من طبقة العقول الذين يستحقون أضعاف ما يأخذونه ، ولكن أيضاً أنا مع الغالبية المسحوقة الذين يستحقون الزيادة بأضعاف مُضاعفة عن مُرتباتهم ، ولنعلم جميعاً بأنّ الوفر الذي زادوه على المواطنين بالألبونات على الديزل، من 7 ليرة إلى 9 ليرة ، وحده قد تمّت تغطيته  للزيادة في المُرتبات ، بينما الدخل من الزيادة على مادة الديزل –المازوت -  المُنتجة محلياً من مخزونات سورية الطبيعية الضخمة على السلطة ما يزيد عن المأتي مليار ليرة ، أي ما يُقارب الخمسة مليارات دولار ،التي  كان الأولى على السلطة أن تردّها على المواطنين لانتشالهم من حالة البؤس والفقر والجوع والألم ، مما يجعلهم الأفضل بين شعوب المنطقة، وهذا كلّه من فارق الزيادة في الديزل فقط، ناهيك عن الغاز وغيره من المواد الخام  ، ولكنّها سياسة  النظام التي تأبى إلا إذلال الشعب وقهره الى أن تصل به إلى حالة الانهيار ، ليجعلو منه كما يظنون  قطيعاً يأمرونه فيُطيع ، مُتناسين إباء شعبنا السوري وعزّته وكرامته التي سأطيح بهم جميعاً يوم الإعلان عن ساعة الصفر

والمُلفت للنظر !! أنّ هذا النظام كُل شيء لصالحه يقرنه بالدول الجوار كالأردن ولبنان، ويحتج بأنّ سعر اللتر في تلك الدول كذا وسعر الغاز كذا ، وتلك الدول التي هي بالأساس لا تُنتج هذه المواد ، بينما بلادنا صاحبة الأرض الغنية والخيرات الوفيرة نقرنها بمن تستورد هذه المواد ، وليس بمن يُنتجها، فعندنا باليمن مثلاً .. إنتاجها أقل من سورية نفطاً ، وسعر اللتر المازوت بعد الغلاء الذي سارت عليه الاحتجاجات أقل من سبع ليرات سورية ، وسعره في دول الخليج أقل بكثير، بينما أسعار المواد الأُخرى لا نُقارنها بتلك الدول، التي يزيد ثمنها أضعاف عنها ،ومنها  مثلاً  السيارات والشاحنات والباصات وغير ذلك ، حتى صارت وسائل النقل الضرورية حُلم المواطن السوري ، يصعب الوصول إليه لغالبية الشعب المسحوق ، ولكن هذا النظام الأرعن فقط يأخذ من الجوار كل ما فيه إضرار بالمواطن السوري ليُطبقه عليه .

وهذا الغلاء المُتصاعد لاسيّما الأخير أثّر على كل مناحي الحياة ، من  الصناعة والزراعة إلى البناء ، وكذلك على عجلة الاقتصاد بُرمّته ، والتضخم في عدد الفقراء، ولو استمرّ الحال على ما هو عليه ، فإنّ الكثير من المُزارعين سيتركون الزراعة ،  والكثير من المصانع ستُغلق ، وتتعطل الحياة بالكامل. ولقد حدّثني العديدُ من التجّار اليمنيين ، الذين يؤثرون البضاعة السورية على غيرها من باب دعمهم للصناعات العربية ، بأنهم ذهبوا للتبضّع ، ثُمّ عادوا خالي الوفاق من أي صفقة بسبب ارتفاع الأسعار الجنوني، ليتوجهوا إلى الصين والهند والدول الآسيوية الأُخرى ، التي تُشجع صناعاتها وتدعم أصحابها ، وربما لم يعودوا ثانية إذا ما اتفقوا مع العملاء الجدد بما يضمن لهم الاستقرار وعدم الاهتزاز في وضع السوق ، وهذه هي الإصلاحات الاقتصادية التي وعد بها بشّار منذ وصوله السلطة ، مُتجاوزاً على شعبنا بحقّه في الإصلاح السياسي والقضائي والبرلماني وشتّى مناحي الحياة ، بعدما جعل أبوه من سورية مقبرة للأحرار والمُثقفين ، وهو جعل منها سجناً كبيراً حصر جُلّ تفكيره في أمر واحد بادعائه  الكاذب بالإصلاح الاقتصادي ، ليُكمم الأفواه ،  وينهب هو وحاشيته الدولة والشعب والوطن وكل الخيرات الطبيعية التي تُنتجها أرضنا الطيبة المعطاء ، حتّى صار غالبية الشعب من طبقة الفقراء المعدومين ، وصار بمعظمه ما دون الخط الفقر المسموح به ، بسبب الفساد الضارب أطنابه في كل مؤسسات الدولة ، هذا عدا عن عمليات النهب الكبرى والواسعة التي يُمارسها أركان النظام

وأخيراً أقول : بأن هذا النظام لو كان جادّاً بأي إصلاح ، لاستدعى الخُبرات من المنافي القسرية ، ومن المواطنين المتواجدين على الأرض السورية ، ولأخرج السُجناء الذين تختخت أجسادهم من عفونة المُعتقلات ونتانتها ،  ولا استدعى الطاقات من كل مكان ، وأبعد المُرتزقة المُحيطين به والمنافقين والهبّاشين أصحاب السوابق المعروفين، ولأجرى عملية تغيير شامل في الحياة السياسية ، ولاستدعى الأحزاب والمنظمات ومُمثلي الشعب الحقيقيين ومنهم مُعتقلي إعلان دمشق لمُناقشة الأمور ، ووضع الترتيبات التي تخدم المواطن والوطن ، ولكنه أبى إلا المُضي بسياسته الخرقاء التي تعتمد في معناها على المثل " جوع كلبك يتبعك " حسب ما صرّح به مسئول وضيع في السلطة ، حتى صار المواطن السوري في بلده غريباً يبحث عن كسرة الخبز وما يسُد به رمقه ، ويبحث عن حظه العاثر عساه يجده في الأوهام ، وحتى صار المواطن السوري إنساناً مهزوماً منهاراً لا يقدر حتى الدفاع عن لقمة عيشه ، وكذلك بقية حقوقه ، والشيء المُخزي بهذا عندما يخرج علينا وزير الصناعة ليدعوا أصحاب المصانع إلى استخدام مادة الفيول بدل المازوت كونه لازال في إطار الدعم كما قال ، مُتناسياً أو مُتغابياً بأن تكاليف الفيول الحقيقية في تجهيزاته التي تفوق التجهيزات الأخرى بخمس مرّات ، وهي مُستوردة بالقطع الأجنبي ، هذا ناهيك على أنّ مادة الفيول هي ملوثة وخطيرة على البيئة ومُسرطنة ، وكل هذا لا يهم في نظر الحاكم ، لأن في فلسفتهم كل إنسان في نهايته إلى الموت ، وتسريع  الموت على المواطن السوري يخدم عملية التنمية ، ويقضي على ظاهرة المرض والمُستشقيات والأدوية والمُطالبات برفع مستوى المعيشة ونحو ذلك بحق الفقراء ، ولربما هذه أحدث أساليب دراسات النظام على الظواهر الاجتماعية الخطرة لمُعالجتها ، ولكنني أقول لهم في النهاية بأن إرادة الشعب لن يستطيع أن يهزمها أو يقهرها احد ، وأنهم يُسرّعون في حفر قبورهم بأيديهم ، وإنّا غداً لناظره قريب ، وإننا وشعبنا المنتصرون بإذن الله ، وسيعلم الظالمون أيّ مُنقلب ينقلبون.