المصلحة العُليا والمؤتمر القومي العربي
المصلحة العُليا والمؤتمر القومي العربي
التاسع عشر في صنعاء
مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن
بدعوة كريمة إلى المؤتمر القومي العربي التاسع عشر الذي عُقد في صنعاء ، توجهت لحضور الحفل الافتتاحي الذي وفدت إليه أكثر من ثلائمائة شخصية عربية وإسلامية من كافّة الأقطار العربية رسميين ومُعارضة إلا المُعارضة السورية في الداخل الذين مُنعوا من السفر ومنهم السادة عبد المجيد منجونة ورجاء الناصر ومتروك الفالح ومجدي حسين ، والذين أشار إليهم الأمين العام للمؤتمر بأسمائهم دون ذكر بلدهم سورية، وحيّاهم أكثر من مرّة، وكذلك لُوحظ في المؤتمر غياب المُعارضة السورية في الخارج بكل أطيافها بشكل مُتعمّد إمّا خوفاً من النظام أو مُراعاةً له ، وليس في هذه الدورة فحسب ، بل على مدار انعقادها منذ سبعة عشر عاما ، إلا الأُستاذ زهير سالم رئيس مركز الدراسات والبحوث الإستراتيجية في لندن ، الذي التقيت به في الحفل الافتتاحي على مسرح كلية الشرطة ، وعلى هامش انعقاد اللِجان في فندق موفمبيك ، والذي أبدى تأسفه لعدم دعوة المُعارضة السورية بشكل رسمي ، دون أن يُدلي بأي تصريح إضافي ، وكُنت أيضاً قد التقيت على هامش انعقاد اللجان الفرعية ، والمؤتمر الختامي العديد من الشخصيات البارزة في المؤتمر ، والذين عبّر لي مُعظم من التقيتهم عن استيائهم لمنع السلطات السورية المحسوبين على المُعارضة السورية في الداخل الحضور، وأمّا بخصوص عدم دعوة من هم في الخارج من المُعارضة قالوا : بأنّ هذا شأن المُنظمين الذين توجهت إلى بعضهم ، فاعتذروا عن الحديث بهذا الموضوع مع أنّ أنظمة المؤتمر تنص على أنّ المشاركين ينتسبون إليه بصفاتهم الشخصية، وأنّ المؤتمر ينبثق في الأساس من الحياة العربية العامة المعيشية بكل تلاوينها وتفاصيلها، وأنّ المؤتمر في نفس الوقت بحاجة إلى الخبرات الحزبية الميدانية والخُبرات الأُخرى ، وأي جُهد بنّاء ، ومن أي جهة كان
على كُل حال كانت أجواء المؤتمر طيبة ، لكننا لا نزال نعتقد بفقدانه إلى الفاعلية الحقيقية والحيوية فيما أخذه على نفسه منذ تأسيسه للعمل على توحيد الأُمّة وبلورة المشروع الحضاري الإنساني وتطوير المؤتمر ليكون مرجعية عربية عامّة مُتكاملة ، تنهض بالعمل السياسي والحياة السياسية العامّة ، وتشجّع الأحزاب لمُمارسة دورهم الفعلي في العمل السياسي ، وفي ردم الهوّة بين التيارين القومي والإسلامي ، إلاّ أنّ شيئاً من هذا لم يحصل على مدار سبعة عشر عاماً ، سوى التقارب بين التيّارين القومي والإسلامي وهذا يُسجّل لهم ، فلم يعد الصراع وحدّته كما في السابق بين هذين الطرفين، بل صار هناك تفهم أكبر لوجودهما ومساحة الحوار بينهما ، والتفاهم على مُشتركات كثيرة ، نتمنى مع الأيام تطويرها ، نحو رؤية إستراتيجية موحدة ، بالنظر إلى مشاكل المنطقة وكيفية مُعالجتها ، والضغط على أصحاب القرار لتنفيذها ، ولكن يُراودني سؤال مُهم ؟ سمعته من السيد زهير سالم مع بعض مُحدثيه من الشخصيات المُشاركة ، وهو عدم وجود لجنة مُختصة مُنبثقة عن المؤتمر لحل الأزمات العربية البينية ، والأزمات الداخلية المُستعصية ، كما هو الحاصل في سورية ، حيث عشرات الآلاف من المفقودين داخل السجون السورية ولا أحد يعلم عنهم شيء ، ومئات الآلاف المُهجرين قسراً منذ عُقود ، وهؤلاء ينضوون على ثلاثة أجيال من المنفيين ، فالجيل الأول : هو الذي فرّ من الأحداث نجاةً بحياته ، والثاني والثالث هم أبناءهم وأحفادهم ، هذا عدا عن وجود ما يزيد عن المائة عائلة سورية في العراق واقعين تحت سندانة القوات الحكومية وعصابات القتل ، ومطرقة القوات الأمريكية ، دون السماح لهم العودة إلى بلدهم سورية من الناحية حتّى من الناحية الإنسانية والذين قُتل واعتقل منهم العديد من الأشخاص ، وفُقد آخرون
وبالتالي إذا ما أراد المؤتمرون تحقيق المصلحة العُليا للأمّة العربية من وراء هذا اللقاء العربي السنوي المُهم ، والعودة إلى النقطة المركزية التي انطلقوا منها عند تأسيسهم لهذا المؤتمر ليكونوا فاعلين ، ويُحققوا النتائج الكُبرى المرجوّة من وراء هكذا اجتماعات، فعليهم أن يَسعوا جاهدين الدخول إلى عمق المشاكل والأحداث ، ويقوموا على توصيفها بدقّة ، ويُحددوا المُمتنعين والرافضين لمشاريع الإصلاح والتقارب والتسوية كما هو الحال مثلاً في لبنان ، لتحديد المُعطّل للمبادرة العربية ، ورفض اعتداء حزب الله على بيروت والآمنين في هذه المدينة ، واحرقهم للمُتلكات ، وإسالتهم للدماء البريئة ، وهجومهم على البيوت ، واعتداءهم على وسائل الإعلام والمراكز الثقافية وتدميرها ، ولا يُكتفى بالتلميح إلى مثل هذه الجرائم ، أو بالدعوى فقط إلى حقن الدماء ، وإيقاف الفتنة وتعويض الاحتراب بالحوار كما أُعلن في البيان الختامي ، لاسيّما وقد قالت الجامعة العربية كلمتها بهذا الخصوص بشكل واضح وصريح
وأخيراً وبكل الحُب أُحيي الأمين العام للمؤتمر الأستاذ خالد السفياني ، على طلبه الجريء بالإفراج الفوري عن المُعتقلين السياسيين ، والذين كما قال بأنهم اعتقلوا بسبب أرائهم السياسية ، وطالب السفياني بإلغاء كل القوانين والمحاكم الاستثنائية "المدنية والعسكرية " وقوانين الطوارئ ، وأعادها مراراً وتكرارا ، بعد أن استنكر بشدّة منع السُلطات السورية لأحرار سورية من المُشاركة في المؤتمر ، مُشيراً بأنّ النظام لا يستطيع حماية نفسه عبر البوابة الإسرائيلية أو الأمريكية بل فقط عبر الشعب ، وانّ مواجهة التحديات لا يمكن أن يكون إلا بشعب كريم مُشارك فعلياً في اتخاذ القرار وتنفيذه ، مما يتطلب الأمر إلى مصالحات وطنية صادقة وعاجلة على قاعدة الحرية والكرامة ودولة القانون والمؤسسات ، وعلى أساس إيقاف كل أشكال النهب وتوفير شروط التوزيع العادل للثروة، كما وأُحيي اللواء طلعت مسلّم المُنسق العام للمؤتمر العربي الإسلامي الذي حمّل النظام السوري مسؤولية ما يجري في لبنان حيث قال : إنّ القضية اللبنانية لابد التعاون عليها ، ولاسيمّا النظام السوري ؛ الذي يقع عليه العبء الأكبر والمسؤولية العظمى فيما يجري ، وكذلك أُحيي جميع المُشاركين بما فيهم مندوبي النظام لعدم التصفيق الكثير ، وهذا يدل عن تخلّي المؤتمرين عن التقاليد البالية التي تهتف بحياة الزعيم والقائد الضرورة ، وغيرها من المسخرات، وهي خطوة إلى الأمام ، عليهم أن يُثبتوها في المؤتمرات القادمة التي نتمنّى أن نرى فيها تمثيل أوسع للمُعارضة السورية