جوقة المهووسين

جوقة المهووسين

في الاعتداء على المعارضة السورية وحُلفاءها

لن تزيدنا إلاّ ثباتا

مؤمن محمد نديم كويفاتيه/ سوري في اليمن

[email protected]

طالعنا وتُطالعنا جوقة جديدة من المهووسين بحملات تارة تُريد النيل من المعارضة السورية ، وآخرون يريدون النيل من حلفاءها ، وأنا هنا لا أود الحديث إلاّ بلغة السياسة ، بعيداً عن العواطف والتأثيرات الجانبية والغوغائية ، لأُحدد نقاط الافتراق واللقاء مع الآخر أيّاً كان نوعه او جنسه حتى لو كان أخي من أُمّي وأبي ، وهو رفض الاستعلاء والاستعداء والاستكبار والطغيان والإلغاء والاستئصال والنهب والقتل والجريمة ، والتجاوز عمّن أساء لنا في السابق كائنا من كائن  ، لاسيما إذا أقدم على أعمال تُكفّر عمّا قدّمت يداه ، أو مُشاركته في السلطة، ووضع إمكانياته وطاقاته في طريق الحق والنُصرة ، لأننا كوطنيين وإسلاميين يجب أن لانعرف طريقاً إلى لغة الحقد والكراهية ؛ بل فقط  لغة الحُبّ والتسامح وفداء الأوطان ، والتجاوز عمّا سلف ابتغاء وجه الله سبحانه ، وعلى ضوء ماذكرت ، فإن خلافنا مع النظام الحاكم  ليس على منصب أو كرسي أو خلاف شخصي أو مذهبي أو طائفي أو ماشابه ، وإنما خلافنا معه على المبادئ والحقوق ، فنحن معه إن تحققت فيه مصالح النّاس ورغباتهم وتطلعاتهم وأمالهم ، ونحن ضدّه إن كانت الأمور على العكس كما هي الآن سورية وأهلها من حالة الضياع والانهيار وعمليات السلب والنهب والقتل والاعتقال والتشريد والأحكام الجائرة التي تُمارسها السلطة الغاصبة اليوم  ، وبالتالي فإنّ مشكلتنا وخلافنا مع النظام قائم على أساس أخلاقي وقيمي وحقوقي وإنساني وسياسي، بعد أن طال به الأمد ، وصار فاسداً مُفسداً ولا ينفع معه إلا البتر ، ومن أجل ذلك ، ومن أجل سرعة إزالته للتقليل من ضحاياه ، فإننا بحاجة إلى أصدقاء ومُتعاونين وحُلفاء ، وقد سعينا إلى ذلك من قبل ونجحنا في كسب الكثير ، واليوم تتسع رقعة الأصدقاء والمؤيدين إلى أطراف إقليمية ودولية ، ومنها تيّار 14 آذار والسعودية ومصر وكثير من الدول العربية التي تنتمي إلى خط الاعتدال وكذلك بعض الدول الأُوربية ، و مُنظمات دولية وهيئات اجتماعية وحقوقية  وغير ذلك ، مما جعل المُعارضة السورية تُشكّل ضغطاً حقيقياً ومُخيفاً لنظام الإرهاب السوري ،  وكذلك صار لنا رصيد وافر من العلاقات التي من الواجب الحفاظ عليها وتقويتها وتنميتها )

 ونحن في المُعارضة كسوريين نسير باتجاه خطّين لا ثالث لهما وهما إما مع النظام  أو ضد ، لأنّ مصالح الوطن لا تحتمل التلاعب والتذبذب واللعب على الحبلين ، بينما على الصعيد العربي والدولي يوجد خط ثالث وهو مابينهما ، لمن لايملك الرؤيا الصحيحة عن واقع بلادنا ومأساتنا ، بينما المُنافقين والمُداهنين والمُنتفعين والأُجراء من العرب وغيرهم هؤلاء يدخلون في صنف العداء الحقيقيين لشعبنا السوري ،والطبقة الأخيرة هم الحُلفاء من الأحزاب والمنظمات والدول الذين نُثمن موقفهم عالياً ووقوفهم إلى جانب شعبنا الحبيب ، وبالتالي فإننا في المُعارضة السورية نرى أنّه من غير المقبول بل والمرفوض أن يشنّ أحد ممن ينتسب إلى التيار الوطني المُعارض الهجوم اللاذع على حُلفاءنا ومنهم السعودية وتيّار 14 آذار أو الأردن وغيرهم  ، بقصد تقويض جبهتنا وزرع الشقاق بيننا ، من خلال الإساءة إلى الدول والهيئات الحليفة خدمة غير مجّانية لنظام القمع السوري ، كما يفعل الثُلاثي العميل القذر نيّوف نعيسة فياض وأمثالهم بدعوى النقد وليس التآمر ، وهم يكشفون عن وجوههم القبيحة وندالتهم وانحطاطهم برمي المُعارضة بأسماء لا يضعونها في محلّها ، وهي تنطبق عليهم وعلى خسّتهم ، عندما يضعون أنفسهم وكرامتهم رهن عريف في الاستخبارات العسكرية السورية يرتزقون من وراءه ، وهو يمسح بهم الأرض فيفعلون ما يأمرهم به من التآمر على الوطن والشعب تلقاء الفُتات الحقير الذي يُلقى إليهم

 وآخرون قد ينساقون لمصالح آنية شخصية هي في نهاية المطاف لا تخدم المُعارضة بشكل أو بآخر ، فينالون من بعض الرموز ويُسوّقون الخصوم من باب النكاية ، وتحت مُبررات حرية التعبير، مع الاعتراف بالمجهودات التي يُقدّمونها في كشف جرائم النظام ، مما نعتبر ذلك قصوراً في التعاطي مع الواقع الذي نأمل منهم تحسن الأداء والابتعاد عن المُماحكات الشخصية والانتصار للذات ، فطريقنا الذي اخترناه لاشكّ وعر وشاق ، وقد يضعف البعض أمام التحديات وعلينا أن نكون معه نتناصح فيما بيننا ، إلى أن يفتح الله علينا وعلى شعبنا بالخلاص من كابوس النظام الإرهابي عمّا قريب بإذن الله

 وكُلنا يعرف العلاقات المشبوهة لبعض المُنظمات والأحزاب في الدول الشقيقة والصديقة مع نظام الطاغوت والجبت  في دمشق ، وكُلٍ منهم يُبرر صلاته وتواصله مع طغمة  النظام تحت مُسميات واهية " كاعتبارها من دول المُمانعة والحصن الحصين للأمّة العربية ،  وآخر قلاع الصمود ، وبوابة العروبة"وغير ذلك من هذه السخافات التي لم تعد تنطلي كذبتها على أحد سوى على مُطلقيها وأنفسهم المريضة ، لتتماشى مع رؤيتهم المصلحية  ، أو نكاية بزعمائهم الذين أعطوهم الهامش للتحرّك والتواصل مع الآخر ، بينما نحن محرومين حتّى من أنفاسنا  ، وأمثالهم عندنا هم محكومين بالإعدام أو السجن طويل الأمد أو التشريد أو القتل ، في نفس الوقت الذي نرى فيه هذا النظام لم يُطلق رصاصة باتجاه العدو سوى التزّلف له  واسترضاءه ،  وتقديم أقسى التنازلات وهو يستذلّه أكثر فأكثر، ولو أنّ هؤلاء تعاطفوا مع قضيتنا الإنسانية البحتة  ووقفوا الموقف الحاسم في مثل هذه القضايا ، وكانوا معنا  قلباً واحداً لما استطاع نظام الإجرام أن يفتك بشعبنا ويستحلّه ويستبيحه، ولكنهم أبو إلا أن يكونوا معه شُركاء في الإثم والعدوان وسفك الدماء ومعاني الظلم التي يدّعون مُقاومتها في بلدانهم وهم أظلم من الظلم ، كونهم أُتيحت لهم الفرصة للتعبير للوقوف إلى جانب شعبنا المقموع منذ عقود بأبشع ماعرفته البشرية من أساليب ، ولكنهم رفضوا إلاّ الذّلة لأنفسهم فلن يوفقهم الله أبدا ، لا في الإصلاح ولا في تغيير الأوضاع ، لأنّ نفوسهم فاسدة كاذبة، ولا يُصلح الله من أضّله ، وكذلك هم فاسدون مثل نظام الطغيان في سورية ، بل لربما هم أكثر سوءا ، وهم ليسوا شاطرين بسلاطة لسانهم إلاّ على تلك الأنظمة التي فيها هامش واسع من الحريّة والرأي الآخر ، أو الأقل سوءاً بكثير عن نظام دمشق ، بينما هم عن جرائم نظام دمشق خارسون

 فتيّار 14 آذار الحاكم في لبنان ، هو يتعامل مع مواطنيه بكل معاني المودة والمحبّة وحرية إبداء الرأي للمُعارضة التي تجاوزت في تواصلها مع الخارج إلى حد التآمر على البلد ونسف استقراره وأمنه ومع ذلك لم يُسجن أيِّ مواطن لبناني من أجل آراءه ، ومثله المملكة العربية السعودية التي قامت في الصحراء حتى صارت أعظم دولة عربية في المنطقة ، وهذا شيء يُسجّل في تاريخها ، وليس معنى ذلك عدم وجود أخطاء ، ولكنها تسعى على الدوام لتصحيحها، والشعب السعودي بمُعظمه مُستكفي في جميع أُموره ،  والحكومة تسعى باستمرار للإصلاح بكل الاتجاهات ، وهو نظام ملكي له خصوصياته التي ارتضاها مُعظم الشعب السعودي ، وهي قائمة على أساس الشريعة الإسلامية المصدر الأساسي والوحيد للبلد ، نظراً لأنّ هذا الشعب جميعه مُسلما ، وكذلك الحال بالنسبة للأردن واليمن ومصر وغيرهما ؛ الذين فيهما هامشاً مُهمّاً للحراك نفتقده في سورية ،هذا عدا عن حالة الفقر المُتقعة والتعاسة التي يعيشها أهلنا في سورية

 وبغض النظر عن كل هذه الحيثيات ، وعدم التدخل في شؤون الغير ، فإنّ الذي يهمنا هو كسب المزيد من الحلفاء لاسيما إذا كانوا من محور الاعتدال وليس الإرهاب كما هم حُلفاء النظامين السوري واللبناني ، وهذا يقتضي إلى عدم الإساءة لهم ، والتناصح فيما بيننا ، ورفض أي مُسيء لهذا الخط مهما كانت صفته للحفاظ على مصالحنا الوطنية التي نضعها فوق أيِّ اعتبار ، وفوق أي علاقات إذا كُنّا جادّين للتخلص من هذا النظام القابع في قصر المُهاجرين في دمشق ، فالنظام السوري ضحّى بمُعظم حلفاءه وأصدقاءه في الداخل من أجل بقاءه واستمراره ونهبه للثروات ،  ومن أجل علاقته المشبوهة بطهران فرّق الأمّة العربية وشرذمها وحاول تقسيمها ، وعطّل المؤسسات في لبنان ، وخلق الفوضى العارمة في العراق ، بينما نحن نرى أن لا بديل لنا عن مُحيطنا العربي للوصول لغاياتنا في التحرر والحرية ، مُستفيدين من تجارب الآخرين وتحالفاتهم لإسقاطها علينا كمعارضة وشعب   

  وأخيراً : لندع الكلمات الكبيرة التي لا مكان لها على أرض الواقع ، بأنّ كلّ علوي مُتهم لدى الأنظمة والمُنظمات السُنّية بغرض الاستعطاف والمكاسب ، وهو أمرٌ عندنا كمعارضة سورية  تجاوزنا الخوض فيه  منذ زمن طويل ، لأنّه لا حقيقة لوجود ه إلا في الأنفس المريضة والمتطرفة التي لا وزن لها على الساحة السورية ، وكذلك الأنظمة السُنّية لا وجود عندها لهذه النظرة الضيقة ، ونحن لا نُمّيز الأنظمة على أساس طائفي ، فخلافنا مع نظام القمع في سورية ليس لأن بشّار علوياً ، بل لأنه مُستبد وقمعي ويسير بسورية نحو الهاوية

 وكلمة أخيرة في الختام للصديق وحيد صقر بالتوقف عن الإساءة للآخرين بقصد أو عن غير قصد، وخاصةً من خلال الردود على ما يكتبه ، ولاسيّما فيما يخص التيّار الإسلامي الذي بحسب اعتقاده هو مُتهم بإحلال دم العلويين ، وهذا مُجافي للحقيقة ،  وخاصةً وقد دخلنا في السابق بنقاشات جدّية ، وأسفرت عن نتائج طيبة ، ورد من أصحاب الشأن على ما جاء فيها ، ومنهم المُراقب العام للإخوان المسلمين إلى قدس برس الذي نُكنُّ له كُل الاحترام ، ونعتبر الإساءة إليه إساءة للتيّار الإسلامي ولنا جميعاً كتيّار وطني ، والذي تكلم بكل وضوح عن بطلان وانتهاء فتوى ابن تيمية ، التي جاءت بحينها إثر الصراع المذهبي الذي كان قائماً في ذلك الحين، والذي لم يبخل أيّ طرف من الأطراف لتكفير الآخر ، وأتمنى عليه كصديق الاستجابة لطلبي لنكن على تواصل دائم لما فيه مصلحة الوطن