25 عاما من «التحالف السرّي»؟

أعلن ديفيد فريدمان، سفير أمريكا في إسرائيل، أن بلاده مستعدة للاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية في الأسابيع المقبلة، ليتصادى ذلك مع إعلان بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بنود اتفاقه على تشكيل الحكومة مع بيني غانتس، زعيم حزب «أزرق أبيض»، على بدء عملية الضم في الأول من تموز/يوليو، والتي تشمل غور الأردن وجميع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية.

تزامن ذلك مع إعادة صفحة «إسرائيل تتكلم بالعربية»، التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، نشر تصريحات لانا نسيبة، سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة، ردا على سؤال من الصحافي الإسرائيلي دافيد باراك حول وجود تعاون بين إسرائيل والإمارات «في مواجهة كورونا»، والذي ردّت عليه بالقول إنها «متأكدة من وجود مجال لمثل هذا التعاون» وأنها «لا تعتقد أن بلادها ستعارضه». اللقاء مع السفيرة نظمته «اللجنة اليهودية الأمريكية»، وقد تبرعت فيه السفيرة بالقول إنها قرأت خبرا عن تمكن علماء إسرائيليين من إيجاد حلّ محتمل لفيروس كورونا معتبرة ذلك أمرا «محفزا جدا لمنطقتنا»، وعلّق الصحافي الإسرائيلي على هذه التصريحات بالقول إن «بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية، ولكن هناك تحالفا سرّيا لأكثر من 25 عاما».

«التعاون» المذكور في هذا الخصوص صار معلوما طبعا، وهو لا يتعلق بدبلوماسية الكورونا، فالجهة المسؤولة عنه في إسرائيل ليست وزارة الصحّة بل جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي (الموساد)، والمسألة لا تتعلق فقط بمقاومة الوباء، من جهة الموساد، ومديح الجهد «العلمي» الإسرائيلي و«التعاون»، من جهة الإمارات، بل كما قال الصحافي الإسرائيلي بـ»تحالف سرّي» يعبّر عن نفسه بطرق كثيرة معقدة أحيانا، وبسيطة وواضحة ومفضوحة أحيانا أخرى.

الرياضة هي إحدى الطرق «الخفيفة» لهذا التعاون مثل قيام وزيرة الرياضة والثقافة الإسرائيلية، ميري ريغيف، لمؤازرة منتخب إسرائيل للجودو الذي شارك في بطولة «غراند سلام» في أبو ظبي، في تشرين أول/أكتوبر عام 2018، وكذلك مشاركة فريق إسرائيلي في طواف الإمارات للدراجات الهوائية في شباط/فبراير الماضي، وكذلك المشاركة في منتديات اقتصادية، كما كان مفترضا بمشاركة إسرائيل في «إكسبو 2020» في دبي، لكن أساليب «القوة الناعمة»، لا تمنع من إظهار الأشكال الأخرى للتعاون، كما حصل عند زيارة إسرائيل كاتز، وزير الخارجية الإسرائيلية، الذي أجرى لقاء مع مسؤول إماراتي كبير لبحث «تطبيع استخباراتي وأمني»، وعرض مبادرة حول التعاون الاقتصادي الإسرائيلي الخليجي، في تموز/أيلول 2019.

من حيثيّات التعاون هذا أن تقوم إسرائيل بتسريب المعلومات، كما فعل نتنياهو بتسريب مقطع فيديو يقر فيه عبد الله بن زايد، وزير الخارجية الإماراتي، «بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» عام 2019، أو الكشف عن هبوط طائرة إماراتية تحمل شخصية سياسية كبيرة مرارا في مطار بن غوريون، أو أن رئيس «موانئ دبي العالمية» سلطان بن سليم زار إسرائيل «لتطوير العلاقات في مجال الأعمال».

يفيض «التعاون» بين سلطات الإمارات وإسرائيل عن القضايا الرياضية والاقتصادية والطبية والسياسية والأمنية، نحو التدخل الإقليمي المشترك، كما أعلن مؤخرا عن تنسيق الإمارات للعلاقات بين إسرائيل والجنرال الليبي المتمرد خليفة حفتر، وتدريب قادة ميليشياته، وتأمين منظومة دفاع جوي وأسلحة له، لكن الأسوأ من ذلك هو أن «التحالف» المذكور يتم على حساب الفلسطينيين، ولعلّ حساسية المسألة وقداستها لدى الشعوب العربية، هو سبب استخدام الإمارات (وحلفائها الخليجيين) للدراما والذباب الالكتروني وبعض الإعلاميين والمهرجين للإساءة للفلسطينيين، بحيث تتوازى عمليات المديح لإسرائيل و«أبناء عمّنا اليهود»، مع عمليات التحشيد والتعبئة ضد الشعب الفلسطيني.

وسوم: العدد 876