المجزرة الفظيعة: لن ننسى

مجزرة القرن العشرين في سجن تدمر، هي أم المجازر التي ارتكبها العدوّ الطائفيّ الأسديّ، الذي استولد منها مجازره اللاحقة والحالية، حتى اليوم، هي المجزرة التي ما تزال حيّةً في ذاكرتنا منذ أكثر من أربعين عاماً، وستبقى شاهداً أبلجاً في نفوسنا ونفوس الثكالى من حرائر الشام.. على همجية النظام الطائفيّ العائليّ المجرم.. إلى يوم الدين، وسيذكرها التاريخ -فيما يذكر- أشد الحادثات ساديةً وإيلاماً وهمجيةً وحقداً طائفياً أعمى، وسيسجّلها في سِفْرِ المجازر التي يندى لها جبين البشرية.. يوم تندرج هذه المجزرة العار.. بين سلسلة مجازر هولاكو وجنكيزخان ونيرون ودايان وشارون وشامير وبيغن وباراك وأولمرت وبيريز ورابين ونتنياهو وخامنئي وبوتين وقاسم سليماني وبشار المجرم السافل..، وسيسجّل التاريخ رعاديد النظام الحاكم الإجراميّ، بدءاً من الوحش المسؤول الأول، وانتهاءً بصاحب أقذر بسطارٍ عسكريٍ همجيٍ مجرم.. سيسجّلهم جميعاً بين عتاة مجرمي العصر الغدّارين الساديين!..

ألف بريءٍ مُصَفَّدٍ بالحديد، أو يزيد.. داهمهم هولاكو الشام، بمهمةٍ قتاليةٍ استثنائية، ضلّ جنودُها المدجَّجون بالحقد وسِفْرِ جنكيز خان.. ضلّوا -عامدين متعمّدين- طريق الأرض المعذَّبة المحتلة في الجولان، ليسترجلوا على خيرة أبناء الشام العُزل، الذين أنهكهم التعذيب الساديّ، والتنكيل الهمجيّ!..

ألفُ فلذة كبدٍ أو يزيد، من أنقى أبناء الشام، وأجودهم ثقافةً وعلماً وشرفاً رفيعاً.. تناثرت دماؤهم الطاهرة، على جدران (عار) سورية، المنتصب في قلب الصحراء، وعلى رمال تدمر اللاهبة، قلعة زنوبيا، وسراج الحضارة السورية الغابرة، التي كانت مشعل النور بوجه الهمجية والتخلّف والظلامية لآل الوحش!..

*    *    *

كانت الأمّهات الباكيات، والزوجات الشاكيات، والطفلات الذابلات.. ينتظرنَ أن يُشرِقَ الأمل، فيحمل إليهنّ بشرى انعتاق الرجال والفتيان والشباب، الذين أُسِروا من غير وجه حق، وزُجُّوا في سجن الموت والقهر، الصحراويّ.. لكنّ هولاكو الشام، بدّد آمالهنّ في ساعةٍ من ساعات صباح السابع والعشرين من حزيران عام 1980م.. وحوّل الأسرى إلى أشلاء بطرفة عَين.. ودَفَن أحلامهنّ مع دفن مِزَقِ أبنائهنّ وأزواجهنّ وآبائهنّ وأشقائهنّ، في أخاديد الصحراء، وفي باطن رمالها الساخنة!..

*    *    *

كان (النظام الانقلابيّ الطائفيّ العسكريّ)، وما يزال.. يفتخر بمنجزاته على مدار خمسة عقود من الظلام الذي خيّم على سورية.. ولعلّ أول منجزاته كانت: تقنين الدكتاتورية، ووأد كل نسمةٍ للحرية، وتفكيك الوطن إلى عصاباتٍ حزبيةٍ وفئويةٍ وطائفيةٍ متناحرة.. وثاني منجزاته كانت: تقديم الجولان على طبقٍ من ذهبٍ للعدو الصهيونيّ، ثم التخلي عنه نهائياً، ليبقى جرحاً عميقاً نازفاً في خاصرة الوطن حتى اليوم!..

*    *    *

طوبى لشهداء مجزرة سجن تدمر، من خيرة أبناء سورية، وأدبائها، وأطبّائها، ومهندسيها، وعلمائها، ومثقفيها، الذين يُحلّقون في الفردوس الأعلى من جنة الخلد بإذن الله.. والعار كل العار، للأيدي الآثمة التي ارتكبت هذه الجريمة البشعة، والخزي كل الخزي، لكل مَن فكّر ودبّر وخطّط ونفّذ، من أولئك المجرمين العتاة الدخلاء على سورية، وعلى التاريخ السوريّ، وعلى الحضارة السورية التي شعّت من الشام، نوراً وحضارةً راقيةً وأخلاقاً رفيعةً، إلى أنحاء الأرض كلها!..

*(وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُقِيمٍ).. (الشورى:45).

وسوم: العدد 935