وعند الله تجتمع الخصوم
رأفت عبيد أبو سلمى
كان حسن البنا رحمه الله رجلا ربانيا، وصاحب دعوة ضحى في سبيلها بعرقه ووقته وجهده وعمره ، ولم يؤثر الراحة يوما ، وما كان يبحث عن مجد شخصي رخيص ، ليصفق الناس له هنا وهناك ، بل آثر ما عند الله ، وكانت الشهادة في سبيل الله حقا ً أسمى أمانيه ، فامتن الله عليه بها ، ولقد شاءت إرادة الله تعالى أن يجري له أجره حيّا ً وميتا ً، وشاءت إرادة الله تعالى أن يمتد أثره إلى أكثر من سبعين دولة وصلت إليها دعوة الإخوان ، هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لا يزال الحاقدون والمنافقون والحاسدون وأصحاب المصالح العاجلة يقدحون في الرجل – عليه رحمة الله - بكل ما في أيديهم من وسائل وكان آخرها هذا العمل السخيف المسمّى بمسلسل الجماعة ، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، زاد الإمام حبا في قلوب محبيه ، بل وأحبَّه من لم يكن يعرفه من قبل .
ونقول للعلمانيين الكارهين الرافضين للمشروع الإسلامي وللفكرة الإسلامية ( موتوا بغيظكم ) فالحق أبلج والباطل لجلج .
ونحن والله مع حبِّنا الغامر للشيخ البنا رحمه الله إلا أننا لا نقدِّسه ، ولا ننظر إليه إلا بمنظور الإسلام ، وما كان الرجل إلا مصلحا ً موفقا ، وداعية مسددا ً، و تقيا مُلهما ، كان يقاتل الناس بالحب ، وكان يأمر الإخوان بذلك ، يعرف مفاتيح القلوب فيصل إليها من أقرب طريق ، ولذا احترمه خصومه الذين عاصروه وإن اختلفوا معه ، ولكن أبى خصومه الذين لم يعاصروه والذين جاءوا من بعدُ إلا أن ينهشوا لحمه بل ويفتشوا عن نواياه ، ويشوهوا صورته ، وحسبنا الله ونعم الوكيل ، والرد على هؤلاء الموتورين هو أن حسن البنا ليس بأعظم قدرا ًمن رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي لا يزال - بأبي هو وأمي ونفسي - يتعرَّض له اليهود والنصارى وغيرهم بالأذى حتى الآن ،،
في الوقت الذي تصان فيه أعراض التافهين والمفسدين والمستبدين والمنافقين وعبَّاد الشهوات والذين حبسوا أنفسهم في مواخير الضلال وأسواق الفساد،،،،
وصدق الله سبحانه و تعالى الذي قال (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ} [(31) سورة الفرقان]ويقينا إن الله يمهل ولا يهمل ، وعند الله تجتمع الخصوم ،،، قال تعالى ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ، يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ) غافر الآيتان رقم 51، 52
وإذا أفلت هؤلاء من عدالة الأرض ، فإنهم لن يفلتوا من عدالة السماء ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء الآية 47
وأما نحن فإننا والله نتقرب الله بمحبة أوليائه الصالحين المصلحين ومن بين هؤلاء الشيخ حسن البنا رحمه الله رحمة واسعة ، ونلهج بهذا الحداء الجميل
إن للإخوان صرحا ً
كلُّ ما فيه حسنْ
لا تسلني من بناه
إنه البنا حسنْ
يحمل الدعوة رجال
رغم ديجور المحنْ
لا تبالي بالرزايا
عاصفاتٍ والفتنْ
لا تسلني من بناهم
إنه البنا حسنْ

