الأقصى.. على كلٍّ واجب
رضوان سلمان حمدان
{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)}الإسراء
كلنا يعلم ما يتعرّض له بيت المقدس والمسجد الأقصى من تدنيس وتهويد ، فهل نحن معافون من واجب الذود عنه ، وإن كنا عاجزين عن حمايته ، فهل يسقط الواجب بالكلِّية كما يتوهم من طمس الله على سمعه وبصره وختم على قلبه؟
إنَّ دينَنا لا يكلِّف نفسا إلا وسعها ، ولكن ما لا يدرك كلُّه لا يترك جلُّه ، صحيح زيارة الأقصى أصبحت أمنية حتى لجيرانه ، ولكن وليس المقصود الصلاة فيه فقط ، فواجب المسلم اليوم في فلسطين وخارج فلسطين أكبر من ذلك بكثير.
إن على كل مسلم واجب الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، كلٌّ حسب قدرته:
فالغـني: يدافع عن المسجد الأقصى بماله.
والكاتب: يدافع عنه بقلمه.
والخطيب: يدافع عنه بلسانه.
والمقتدر: يدافع عنه بسنانه.
والشَّاعر: يدافع عنه ببيانِه.
والأب: يغرس محبته في قلوب أبنائه.
والأمُّ: تنشئ ابنها على صورته وسيرته.
والمعلّم: يعلم طلابه عِظَمَ مكانته ، وسيرة قادة فتحه وتحريره.
والشيخ والعجوز: يدعوان له في صلاتهما.
والباحث: يكشف للناس المخاطر التي تحيط به.
وهكذا تتوزع الأدوار حتى تصبح قضية الأقصى ثقافة نتنفسها ، وقصيدة ننشدها، وسورة نرتلها.
إنَّ الباحث في قضية المسجد الأقصى اليوم يجد غيابه عن كثير من المسلمين ، وهذا ما دفع يهود إلى مواصلة تدنيسه وتهويده والحفر من جنباته تحضيرا لإسقاطه ، وبناء هيكلهم على أنقاضه.
لا عذر لنا عند الله غدا إن لم نحرك في الأمة محبة المسجد الأقصى، وفرضية الدفاع عنه.
لا عذر لنا ... إن لم نحرك الأمة نحو واجبها اتجاهه.
لا عذر لنا عند الله حين يدخله الذين ضربت عليهم الذلة والمسكنة ، فلا نحرك ساكنا ، ولا نُسكِّن متحرِّكا.
إنّ الخطوة الأولى التي تجب على الأمة وأولي الأمر أن تكون قضية المسجد ووجوب تحريرة ثقافة ندرسها لأبناء المسلمين في مشارق الأرض ونغاربها.
وحيث أن مناهج التربية في العالم الإسلامي تتعرض للأمركة والأسرلة فقد عظُمت واجبات الأسرة في إسلامية التنشئة ، وغرس قضايا الأمَّة في نفوس أبنائها ، وعلى رأس القضايا قضية المسجد الأقصى المبارك.
فإلى متى نذبح كل يوم في العراق وأفغانستان والصومال والشيشان؟
إلى متى نهان كل يوم على يد أحفاد القردة والخنازير؟
إلى متى يُسرق نفطنا وخيرات بلادنا أمام أعيننا؟
إلى متى نصمت على ذلنا وعارنا؟
إنَّ هذا الحال ليس قدراً علينا ، بل قدرُنا أن نغيِّره إلى الحال الذي نريد.
إنَّ حركة الإنسان في الكون من القدر الذي كتبه الله في اللوح المحفوظ.
وقد وهب الله خليفته الإنسان قدرةً ومشيئةً وإرادةً يصنع بها ما يشاء من طاعاتٍ أو معاصي.
إن تحرير بيت المقدس آت لا محالة ، قال تعالى:
{ وليتبروا – أي جند الإسلام – ما علوا –أي بنو إسرائيل- تتبيرا }.
كما حرر الناصر صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس بعدما غصبه الصليبيون عقوداً.
إن ما يحدث للمسجد الأقصى كل يوم يجرح المسلم الحي ، ويؤلم المسلم الصادق ، ويحزن المؤمن الواعي المدرك لواجبه وقضايا أمته.