البكاء الأبيض

البكاء الأبيض

شعر : أحمد مطر

كنتُ طفلاً

عندما كان أبي يعملُ جُندياً

بجيشِ العَاطلينْ !

لم يكنْ عندي خَدينْ

قيل لي

إنَّ ابنَ عمي في عِدادِ المَّيتينْ

وأخي الأكبرُ في منفاهُ ، والثاني سجينْ

لكن الدّمعةُ في عينِ أبي

سرٌّ دفينْ

كانَ رغمَ الخفضِ مرفوعَ الجبينْ

غيرَ أنّي ، فجأةً ،

شاهدتهُ يبكي بُكاءَ الثّاكلينْ !

قلت : ماذا يا أبي ؟!

ردّ بصوتٍ لا يُبينْ :

ولدي ... ماتَ أميرُ المؤمنينْ .

نازعتني حَيرتي

قلتُ لنفسي :

يا تُرى هل موتهُ ليس كموتِ الآخرينْ ؟!

كيف يبكيه أبي ، الآنَ ،

ولم يبكِ الضّحايا الأقربينْ ؟!

      

ها أنا من بعدِ أعوامٍ طوالٍ

أشتهي لو أنني

كنتْ أبي مُنذُ سِنينْ

كنتُ طفلاً ...

لم أكنْ أفهمُ ما معنى

بُكاء الفرحينْ !!