حلب

عبد الله يوركي حلاق

شعر: عبد الله يوركي حلاق

جثمَ  الجلال على رُبـاها    والتـبرُ لألأَ  في سماها

والحـسن صافـح  أهلها    وبـثوبهِ  الزاهي كساها

تستنـشقُ الأرجَ الـزكَّي    إذا نـشقت شـذا هواها

قد شعـشعتْ فيها الفنون     وموكب  العلم اصطفاها

واخـتارها الأدبُ الرفيع     فـزادهـا شرفاً  وجاها

حَـلَبٌ مـقرُّ  الـنابغين     يـشعُّ فـي الدنيا سناها

فيها  الكرامة رغـم لؤم     الـدهر لم تُفصم عُراها

يـبقى الغريب  مـكرماًُ     مـا دام يرتع في حماها

صور المروءة والضيافة     أُفـعِـمتْ حـتى قِراها

فـيها  الجنان الزاهرات     تـمد لـلعانـي   جناها

والفستـق الغيران يحكي    فـي جـوانـبها الشفاها

يخـتال فـوق غـصونه    كعـرائسٍ لبست حُلاها

لـما أطـلَّ الـبدر شقَّتْ    كـل  فستـقة  رِداهـا

وَرَنَـتْ إلى بـدر الدجى    فـأعارها البدرُ  انتباها

وتـعانـقا فـكـأنـمـا    أمٌّ يـعانـقها  فـتاهـا

حـلب تـمتُّ إلى الـعُلا    نسـباً كما متتّ  ذُراها

رقـت شـمائـل أهـلها    فسرت نسيماً في رباها

مـا غِـبتُ عـنها ساعة    إلا حـننتُ إلـى لِقاها

هـي  موئل العرب الأباة    يـرفُّ  في العليا لِواها

*   *   *

أبـناؤها مـلأوا الـبلاد    كـأنجمٍ  مـلأت سَماها

أبـناؤها فـي كـل قطر   يحرصون على عـلاها

فـكأنـهم لا يـرتضون    من الحياة سوى رِضاها

*   *   *

شـاخ الـزمانُ وقـلعةُ    الشهباء ظلتْ في صِباها

ربضتْ  على التل الأشم    فـروعت  أقوى عِداها

كـم قـائدٍ قد  عاد عنها    خـائـباً لـما  بـلاها

وتراجـعت عنها النسور   كـأنها  تـخشى أذاهـا

والـدهـر نـازلها  فما    ذلـت ولا  وهنت قُواها

إن المـلوك الصيد تحت   بروجـها خفضوا الجباها

سُئلَ الخلودُ بمن تُـباهي   قـال بـالشـهبا وتـاها