الاختبارات بين النفع والضرر

" الاختبارات " ! يا لها من كلمة تسبب أرق الليالي ! كلمة تحيل شخصا مرحا مبتهجا إلى حطام عصبي . يجوز تعريف الاختبار بأنه فحص مفصل أو تحليل لشيء أو شخص . مثلا : قد يختبر مهندس بناءً ، وليكن جسرا ، للتيقن من أنه مأمون ، أو يقوم طبيب باختبار طبي للتيقن من الحالة الصحية لمريض . أما في المدرسة فيتم اختبار الطلاب ، واختباراتهم عادة سلسلة شاملة تعقد في ختام كل مدة دراسية قد تكون سنة ، وفي حال الاختبارات العامة تكون كل عدة سنوات . ومن أهداف الاختبارات المدرسية تحسين جودة التعليم ؛ ذلك أنه من خلال تلك الاختبارات يستطيع المعلمون وواضعو المنهاج المدرسي قياس استيعاب الطلاب لما يحوي المنهاج من معارف ومهارات ، ومن شأن هذا القياس ، في المقام الأول ، تطوير طرقهم التعليمية ، فيسعون إلى تحسينها عند الضرورة . كذلك تستخدم الاختبارات وسيلة لقياس قدرة من يتقدم لمزيد من التعليم أو يتقدم لوظيفة . مثلا : نتائج الاختبار هي المعيار الأساسي حين يسعى الطلاب للالتحاق بالجامعات ، والمفترض أن هذه النتائج تشير إلى قدرة أو عدم قدرة الطالب على متابعة الدراسة . وفي حال التقدم إلى الوظيفة ، يوجد اقتناع عام بأن نتائج الاختبار تشير إلى امتلاك أو عدم امتلاك طالبها للمهارات والذكاء الواجبين للالتحاق بها . ومع هذا نسأل : هل نظام الاختبارات المدرسي مقياس دقيق لقدرة الطالب ؟! دخل ألبرت آينشتاين في السادسة عشرة من عمره اختبار القبول في معهد التكنولوجيا الاتحادي السويسري ، فرسب ، ورفض معهد الصفوة قبوله إلا أنه تابع تطوير نظرية النسبية ونظرية الكمية ، وفاز بجائزة نوبل للفيزياء في 1942 . وتوجد أمثلة أخرى لمشاهير ناجحين في حياتهم سبق أن رسبوا في الاختبارات المدرسية ، منهم ونستون تشرتشل وتوماس إديسون وبيل جيتس .

ولنا أن نتساءل : هل ينجم عن نظام الاختبارات الحالي في المدارس تعليم جيد ؟!

الواقع أن من المعلمين من يتعرض لضغط شديد للوصول إلى نتائج اختبارات جيدة الأمر الذي يدفعهم إلى اتباع طرق تدريس بائسة ؛ فقد يسرعون في تنفيذ خطة المقرر متجاهلين أن ضعاف الطلاب لم يستوعبوا بعض محتوياته ، وبعض المعلمين قد يركزون على موضوعات اختبارات معروفة مشهورة متجاهلين الموضوعات التي قلما توضع أسئلة عنها في الاختبارات . وربما يكون ضغط الرغبة في النجاح مؤذيا للطلاب ؛ إذ قد يصابون بكثير من القلق والتوتر ، فلا يجدون أي متعة في سني دراستهم ، وربما يكون هدف دراستهم الوحيد هو الحصول على درجات جيدة في الاختبار عوض الحصول على تعليم جيد متنوع . وربما يفقد بعض ضعاف الطلاب العاجزين عن الحصول على درجات جيدة اهتمامهم بالتعليم . وفي حالات متطرفة ، في هذه الناحية ، ربما يشعرون بالإحباط الشديد أو الخيبة الشديدة من درجاتهم إلى حد التفكير في إنهاء حياتهم انتحارا . وختاما : أعلمُ ان الاختبارات ضرورية ونافعة في جوانب كثيرة من حياتنا إلا أنه يجب التقليل من أهميتها في النظام المدرسي ، أو التصرف إزاءها بطريقة مغايرة للطريقة الحالية . زد على ذلك أنه يجب تذكير الخبراء التربويين والمعلمين والطلاب بأن نتائج الاختبارات قد لا تكون خير وسيلة لتقييم مواهب الفرد وقدراته .

*موقع " مقالات لطلاب الثانوية " الإنجليزي .

وسوم: العدد 804