تقارب المسافات ، واختلاط الأمم .. خير أم شرّ؟

منذ أكثر من ألف عام ، قال الشاعر أبوتمّام : 

بالشام أهلي ، وبغداد الهوى ، وأنا    بالرقمتين ، وبالفسطاط إخواني 

وما أظنّ النوى تَرضى بما صنعتْ   حتّى تبلّغني أقصى خراسان ! 

فما حال الناس ، اليوم ، وقد تشتّت شمل الأسر، فصار كلّ فرد منها في قارّة ؟ 

هل ذلك خير أم شرّ؟ 

هو جمعٌ بين الخير والشرّ ، ويُنظر إلى كلّ منهما ، من جانب ! 

جانب الشرّ: 

   تمزّق الأسر وتباعدها ؛ فلا يستطيع الابن خدمة والديه ، أو أحدهما ، إذا احتاج المساعدة، أو الخدمة ؛ لاسيّما في حال المرض والعوز، والحاجة إلى برّ الابن ! 

   تكاتف الأسر، فيما بينها ، صار ضعيفاً ، فلا يقوى الأخ ، على عون أخيه ، في شدّة أو محنة .. إلاّ من وراء البحار! 

   ضعف ترابط المجتمعات ، فيما بينها ، فصار ولاء الفرد مخصّصاّ لوطنه الجديد ، فهو يقدّم لهذا الوطن ، ما يستطيع من خبرة وعلم ، حصّلهما في وطنه الأصلي .. وفي ذلك خسارة كبيرة للأوطان الأصلية ، التي تنتظر من أبنائها ، صبّ جهودهم وخبراتهم فيها ، وهي التي قدّمت لهم الكرسي المدرسي ، والشهادة الجامعية .. وغير ذلك !  

البلاء الذي يصيب الأمم المختلفة العاصية ، بسبب عصيانها وظلمها ، ينصبّ بعضه ، على المواطنين الجدد ، قال تعالى : (واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا خاصّة ..).  

جانب الخير: 

تحصيل الأفراد الصالحين ، الخبرات في بلدان الاغتراب ، ونفع الأوطان الأصلية بها ! 

قد يكون بعض الأفراد دعاة صالحين ؛ فينتشر عن طريقهم الخير، في مجتمعاتهم الجديدة ، كما حصل في الأزمنة القديمة ؛ إذ اعتنق كثير من أبناء الدول الأجنبية الإسلام ، فصار أكثر الناس مسلمين ! وكان ذلك عبر التعامل الطيّب للتجّار المسلمين ؛ بل حتى في العصر الحديث ، أسلم المئات من الناس ، على أيدي دعاة صالحين ! وإسلام هؤلاء الجدد ، يدفعهم إلى نشر الإسلام في مجتمعاتهم ! وبذا ، يكون اختلاط المجتمعات رحمة ونعمة ! 

وسوم: العدد 926