الأستاذ عمر التلمساني في الذكرى الخامسة والثلاثين لوفاته

وهذا درس للفقه ..

وتمر بنا بعد يومين 13 رمضان ذكرى وفاة المرشد الثالث لجماعة الإخوان المسلمين الأستاذ الأمين القوي عمر التلمساني رحمه الله تعالى، ورحم من رجال هذه الجماعة كل من سلف ومن خلف ، ومن ثبت على الطريق ودعا عند الشروق وعند الغروب " اللهم إنك تعلم أن هذه القلوب قد اجتمعت على دعوتك ، والتقت على محبتك ، وتعاهدت على نصرة شريعتك ، فوثق اللهم رابطتها، وأدم ودها ، واهدها سبلها ، واملأها بنورك الذي لا يخبو ، واشرح صدورها بفيض الإيمان بك ، وجميل التوكل عليك، وأحيها بمعرفتك، وأمتها على الشهادة في سبيلك ..

الإمام المرشد عمر التلمساني هو المرشد الثالث كما ذكرت ، وهو المرشد - رحمه الله تعالى - الذي تم في عهده إعادة تأسيس بناء الجماعة ، بعد أن خرجت من سني محنتها الطويلة في عهد جمال عبد الناصر ..

إعدامات وسجن وتعذيب وثمانية عشر عاما من المحنة بين 1954 وحتى 1972 وما بعد 1972 ..

من الذاكرة سأذكّر بالداعية القوي الأمين الرفيق في موقفين ، لن أنقل عن صحيفة ، ولا عن كتاب، ولا عن قيل وقال ، وإنما عن مشاهد وأخبار تابعتها في سبعينات القرن الماضي ، وأنا شاب في الثلاثين ...

الأولى كانت في أواسط وربما أواخر السبعينات ، ومن راجع عرف التاريخ الدقيق، يوم خرج أنور السادات على أهل مصر في زينته، وجمع الملأ من حوله في مظاهرة سلطانية ، شديدة البذخ والادعاء ، وحشر الناس ليوم مشهود، ودعا إلى مشهده ذاك الأستاذ عمر الداعية الشيخ الوقور الرقيق وأعطاه مقعده بين المحتفلين، لغاية في نفس أنور ولا يجوز أن تقول إذا كانت الغاية غير طيبة لغاية في نفس يعقوب ، وفي أثناء الاحتفال والنفخ والنفج والادعاء ، توجه الرئيس " المؤمن " إلى الأستاذ الوقور بكلام مستفز خارج سياق اللياقة والأدب، وظل يحاول إحراج الضيف الوقور أمام الجمهور معتدا بسطوته وسلطانه ... وحين لم يعد ينفع التغاضي ولا السكوت، وقف الشيخ الوقور أمام الجمهور وقال للرئيس المتبجح المغرور . أنا إذا وقع علي ظلم من إنسان أشكوه إليك . أما حين يقع عليّ ظلم منك فإنني أشكوك إلى الله ...!!!!!!

وجن جنون الطاغية، وأرغى وأزبد مطالبا الرجل الكبير أن يسحب شكواه من أمام الله ... ولكن الجواب الذي أرويه كما سمعته عبر الأثير : إن الله عادل ولا يجوز أن يخاف من حكمه أحد ...

أحكيها اليوم لأقول لأقوام ما زالوا وما برحوا وما انفكوا ...ونحن حين يقع علينا الظلم منكم نشكوكم إلى الواحد الأحد ، ولن نجهر بسوء من القول الذي تجهرون ..اللهم عليك بهم وببشار الأسد فإنهم لا يعجزونك

وأحكي الواقعة اليوم لأبين لفئام من الناس اختلط حابلهم بنابلهم ، واستفحلت فيهم رؤوس الجهل تقضي وتفتي وتفح فحيح الأفاعي، بغير علم ولا روية ولا فهم ؛ أن هذا الجبل الأشم والطود الراسخ والمعلم المتمكن الأمكن ، وبعد محنة قاربت عشرين سنة ، على يد جمال عبد الناصر وزبانيته .يوم جاءه البشير وهو وإخوانه وأخواته في سجن جمال عبد الناصر: مات جمال عبد الناصر ، فرد بنفسية المؤمن المسلم الواثق الشفاف : الله يرحمه...

الله يرحمه ، وطويت صفحات وصفحات من الآلام والعذابات والمعاناة...

الله يرحمه خرجت عفوية، من نفس رضية ، تعلم أنه ليس على الله بمستكره ، وأننا فقط نري مولانا من أنفسنا خيرا ..

لا أحد يستطيع بكلمة أن يشطب حق أحد ، ولا أن يتنازل عن مظلمة أحد، وإنما هي النفوس تكشف عن معادنها . وإلى ديان الخلق نمضي وعند الله يجتمع الخصوم ..

نعم هذه هي مدرسة جماعة الإخوان المسلمين ... والذي لا يعجبه كيفو

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 926