الشعب الفلسطيني في حاجة ملحة إلى قيادة وطنية جديدة

من المنتظر ان يجتمع الأمناء العامون للفصائل الفلسطينية الأسبوع المقبل في القاهرة للاتفاق ، مثلما قيل ، على الخطوات اللازمة لإنهاء الانقسام الفلسطيني . وسيكون الاجتماع برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي ، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس . 14 عاما مرت على الانقسام تخللتها اجتماعات بين فتح وحماس ، وأحيانا بين كل الفصائل الفلسطينية . وفي كل اجتماع اتخذت قرارات وحددت إجراءات لإنهائه  ، ولم تنفذ فلم ينتهِ ، بل اتسع وتعمق بعد كل اجتماع ، واحتدم الجدل بين الفصائل عن الجهة التي عاقت تنفيذ ما اتفق عليه ، وكان  لفتح وحماس النصيب الأكبر من هذا الجدل . وما آلت إليه  الاجتماعات السابقة سيؤول إليه  الاجتماع المقبل ، والسبب أن في الواقع الفلسطيني خطين سياسيين متوازيين يستحيل أن يلتقيا . الخط الأول هو خط السلطة الفلسطينية الفتحاوية بقيادة عباس التي تؤمن بالمفاوضات مع إسرائيل وسيلة لانتزاع بعض الحقوق الفلسطينية ، وتحرم أي مقاومة مسلحة فعالة ضدها ، وتجسد هذا التحريم في تنسيقها الأمني معها حماية لمستوطنيها وجيشها في الضفة الغربية . والخط الثاني هو خط أكثرية الفصائل الفلسطينية ، وفي طليعتها حماس والجهاد الإسلامي ، الذي يؤمن أن المقاومة المسلحة ضد إسرائيل أفعل وسيلة فلسطينية مؤكدة للتأثير عليها ، وطردها من غزة برهان على صحة إيمان هذا الخط .  الخطان لن يلتقيا . واجتماع القاهرة لن يأتي بجديد ، وأخطر من هذا أنه  التفاف على انتصار المقاومة الذي أكدت فيه فاعلية المقاومة المسلحة في مواجهة إسرائيل ،وعبثية التفاوض معها ، وكارثية التنسيق الأمني  في الضفة الغربية الذي لم يرَ نبيل أبو ردينة الناطق باسم رئاسة عباس في دماء غزة في الحرب الأخيرة رادعا له عن القول أثناءها إنه ،  التنسيق الأمني ،  لمصلحة الشعب الفلسطيني ، مثلما أن هذه الحرب لم تردع عباس عن تطلعه إلى انتخابات قريبة  بعد أن  ألغاها مرتين في عامين  .العودة إلى اجتماعات إنهاء الانقسام ملهاة لصرف الشعب الفلسطيني عن الوسيلة الفعالة لمقاومة إسرائيل ، وهي المقاومة المسلحة ، ولتعويم سلطة عباس الفتحاوية بعد أن هوى رصيدها بين  الشعب الفلسطيني في الحرب الأخيرة . والحقيقة الكبيرة هي أن الانقسام انتهى وجدانيا ووطنيا لا بين الضفة وغزة ، ولكن بينهما وبين المواطنين الفلسطينيين في الداخل المحتل وبين الشتات الفلسطيني . لأول مرة شعر الفلسطينيون أنهم كيان وطني واحد ، وأنهم يجب أن يتحركوا جبهة موحدة  معززين بتعاطف عالمي واسع صدمته وحشية إسرائيل في حربها على غزة التي قتلت فيها 67 طفلا في جريمة كبرى فجرت الحس الأخلاقي لدى صحيفتي "هآرتس " ، و " نيويورك تايمز " ، فنشرتا معا لوحة بأسمائهم ، ومعززين أيضا بذهول قطاعات مؤثرة في كل العالم خاصة أوروبا وأميركا من ضراوة وغرابة عنصرية إسرائيل في معاملة الفلسطينيين حتى  الذين يحملون جنسيتها في أراضي 1948 . هذا الشعور بالكيانية الفلسطينية الواحدة بعد 73 عاما من نكبة سرقة الوطن الفلسطيني يستوجب قيادة فلسطينية وطنية واحدة تخلف القيادة الحالية المهترئة التي فقدت شرعيتها القانونية والوطنية ، وتفعل قدرات الشعب الفلسطيني  وطاقاته في فلسطين وفي العالم لاستعادة حقه في وطنه مجتمعا ودولة وسيادة . المشروع الصهيوني الباطل يترنح مقتربا من التكسر والزوال ، وما عَرته الحرب الأخيرة من وهنه الذاتي ليس هينا ، وليس هينا أن تأتي هذه التعرية من غزة على سوء  كل أحوالها ومشاقها الهائلة المتعددة  . فماذا لو جابه الكلُ الفلسطيني هذا المشروعَ المترنح بقيادة وطنية  واحدة شجاعة ؟! ستسرع هذه المجابهة من زواله .  

وسوم: العدد 932