منوعات 937

(عقلية الثأر لا تبني دولة،وعقلية التسامح تبني أمما.)

"نيلسون مانديلا"

رئيس جنوب إفريقيا السابق في مذكراته:

بعد أن أصبحت رئيسًا، طلبت من بعض أفراد حمايتي التجول معي داخل المدينة مترجلين،              دخلنا أحد المطاعم، وجلسنا في أماكننا وطلب كلٌ منا ما يريده من طعام.

وفي الوقت الذي انتظرنا فيه احضار العامل الطعام، وقع بصري على شخص جالس قبالتي ينتظر بدوره ما طلبه، فقلت لأحد أفراد حمايتي:

-  اذهب إلى ذلك الرجل واطلب منه أن يأتي ويشاركنا الأكل على طاولتنا.

جاء الرجل فأجلسته بجانبي، وبدأنا في تناول طعامنا، كان العرق يتصبب من جبينه ،ويده ترتجف لا تقوى على إيصال الطعام إلى فمه.. وبعد أن فرغ الجميع من الأكل وذهب الرجل في حال سبيله

قال لي حارسي الشخصي:

-  إنَّ الرجل الذي كان بيننا تظهر عليه علامات المرض، فقد كانت يداه ترتجفان ولم يستطع تناول إلا القليل من الأكل!

فأجبته:

- لا أبدًا، ليس كما ظننت. هذا الرجل كان حارسًا للسجن الانفرادي الذي كنت أقبع فيه.. و في أغلب الأحيان وبعد التعذيب الذي يمارس عليّ، كنت أصرخ وأطلب قليلًا من الماء، فيأتي هذا الرجل ويقوم بالتبول على رأسي في كل مرة،

لذلك كان يرتعد خوفًا من أن أعامله بنفس ما كان يفعل معي، فأقوم بتعذيبه أو بسجنه.. لكن ليست هذه أخلاقي، (فعقلية الثأر لا تبني دولة،وعقلية التسامح تبني أمما.)

************************************************

في مجتمعات الاستبداد يكون الإعلام ماجنا وعاهرا ومسيسا ولاأخلاقيا يقوم برفع ( التافهين ) وبقوم بخفض ( المثقفين ) . في مجتمعات الاستبداد ليس من مصلحة الحاكم المستبد أن يكون هناك شعوب واعية ومثقفة لانها اذا وصلت الى هذه المرحلة فانها ستطالب بتغيير منظومة الاستبداد وتهدد كيان وكرسي الحاكم ...ستطالب بحقوقها المنهوبة وبرفع الوصاية عن مقدرات الامة المسروقة والمرتهنة ....لذلك فان هذا الاعلام يستخدم طريقة الاستقطاب لخلق بؤر توتر مجتمعية وثقافية فتراه يستضيف المثقفين ليطرح عليهم مواضيع خلافية لاطائل من نقاشها ليخلق اختلافات واستقطابات بين الجمهور ...هذا يهاجم صحيح البخاري والسنة وذاك يدافع عنهما وفي النهاية المتلقي العامي يكون في حالة تخبط فكري ان لم يكن لديه أساس معرفي يستند عليه والمتلقي المتعلم من الشباب يكون في حالة استقطاب هذا مع وذاك ضد وهكذا نظل في حلقة مفرغة ندور كثيران حول ساقية ماء ....وقس على ذلك مباريات كرة القدم ...التي تعمل حالات الاستقطاب بين الجمهور هذا يشجع هذا الفريق وذاك فريق آخر ولقاءات وبرامج تحليل تناقش لساعات ضربة جزاء ضائعة لم ينتبه الحكم اليها ومن زوايا مختلفة ونظل في هرج ومرج حول مباريات الدوري الاسباني وهذا مع برشلونة وذاك يشجع ريال مدريد وهذا مع اللاعب رونالدو وذاك مهووس باللاعب ميسي ....هذا مايراد لنا ان نهتم به ونضيع ساعات عمرنا وطاقات شبابنا لاهثين خلفه .....

حالات استقطاب مجتمعية لهدر طاقات الامة والشباب لاشغالنا عن واقعنا البائس الذي لايتغير في كل يوم الا ألى الأسوأ والأردىء .

حسام قسام

وسوم: العدد 937