مع الدكتور زاهر الجوهر حنني

سامح عودة

مقابلة مجلة أوتار

مع الدكتور زاهر الجوهر حنني

سامح عودة / فلسطين

[email protected]

هي الزنزانة الموصدة الأبواب

وهي الجدران الباردة، تنخر العظم

وتحاول قتل الروح، وخلف كل باب عسكر

يتربصون بنا يحاولون قتل ذاكرتنا بل اغتيالها، عبر العزل في زنزانة انفرادية، لا رفيق لك إلا الهواجس، تعشش في ذهنك لسنوات، ما تلبث أن تذهب الذاكرة فممنوع عليك القلم، والدفتر وممنوع أن تكتب هواجسك أحلامك، خلجاتك، وعشقك للأرض، ولكل شيء تحب، قدر الشعب الفلسطيني أن يكون تحت الاحتلال، وأن يقاومه، نستشهد، نجرح، نعتقل، لكننا في كل مرة نتحدى ونعود من تحت الرماد، جمراً.

تعرضت فلسطين منذ بداية القرن العشرين لانتداب ثم احتلال بغيضين، وخلال قرن من الزمان قدم الفلسطينيون أنفسهم قرباناً للوطن، فتحدوا ظلم السجان، بالقلم والدفتر إلى جانب البندقية، واستطاعوا أن يقدموا إنتاجا أدبيا وشعرياً ظل شاهداً عليهم ولهم.

ولأنه ذاق برد الزنزانة منذ أيام شبابه الأولى، فسجن واعتقل، لكن ذلك لم يشكل عائقاً أمام طموحه، فقد استمر في نضاله حتى حصل على أعلى الشهادات العلمية في الأدب واللغة إنه الدكتور زاهر الجوهر حنني، أستاذ فلسفة اللغة في جامعة القدس المفتوحة، ولأنه متعدد المواهب غزير الإنتاج، احترت بأي لون من ألوان الأدب أنعته فهو وإن كان أكاديميا فهو كاتب وشاعر.

أهلا وسهلاً بك دكتور زاهر في فضاء مجلة أوتار نقلب معك صفحات الذاكرة صفحة صفحة، نجوب دروباً عبرتها بتجربتك الاعتقالية، والشعرية، والأكاديمية .
-
دكتور زاهر اعتقلت وأنت في صفوف الدراسة الأولى ماذا أكسبتك تلك التجربة ونمت لديك من مواهب؟

* بداية أشكرك على رقتك ولطفك، ثم إن الحديث عن الاعتقال والتجربة الاعتقالية مرتبط بحقيقة عقائدية عند الفلسطينيين على وجه التحديد، وهي أن هذا الوطن غال ويستحق التضحية والفداء، ثم إن الاعتقال جزء لا بد منه في حياتنا، وهو بالطبع ليس خيارنا، إلا أن هذه الأرض المقدسة تتعرض للنهب والسلب والتغريب والتهويد، وإنسانها يتعرض للانتهاك في حقوقه الإنسانية المشروعة، فهل يقف متفرجا، في وقت يقف العالم كله غير مبال، مع أن القتل والتهجير والتعذيب يمارسه الاحتلال الصهيوني علنا، بما يعني أنه لا يستطيع أحد أن يقول لا أعلم. في هذا الإطار كانت تجربتي الاعتقالية كأي فلسطيني يدافع عن وجوده وتاريخه وتراثه ومستقبله وإنسانيته. أما على الصعيد الآخر فمن المعروف أن الفلسطينيين حولوا المعتقلات الصهيونية إلى مدارس نضالية تخرج شخصيات متميزة في كل شيء، صحيح أن شهادات التخرج محفورة على جلودنا، وفي أجسادنا ، إلا أنها شهادات نعتز بها. وقد صقلتني التجربة الاعتقالية، وخصوصا أنها كانت كما ذكرت في بداية الشباب، فمن خلالها تعرفت إلى شخصيات مهمة طورت لي معرفتي بالأدب والشعر، فقد كنت وما زلت مهتما بالشعر والأدب، إلى جانب كونه أصبح فيما بعد تخصصي الأكاديمي. ومن خلالها عرفت أشياء كثيرة وتعلمت أشياء كثيرة لا مجال لحصرها.

- بحكم أن الشعب الفلسطيني ما زال يخوض معركته من أجل التحرير لأكثر من مئة عام وخلال هذه المدة استطاع المعتقلون الفلسطينيون أن يقدموا ألوانا من الأدب شعر، قصة، نثر، وبما انك باحث ومتخصص في هذا الشأن كيف تقيم تلك التجربة للمعتقلين؟

- أعتقد أنك تقصد موازنة التجربة الأدبية الاعتقالية مع التجربة الأدبية خارج المعتقلات، وهنا ينبغي الإشارة أولا إلى أن الفلسطينيين يعيشون في معتقلين، أحدهما صغير ممثلا بالمعتقلات نفسها، والثاني كبير ممثلا بالوطن كله. لهذا يمكن الجزم بأن التجربة الإبداعية داخل المعتقلات لا تختلف كثيرا عنها خارج المعتقلات إلا في إطار كونها تفتقد إلى بعض ما يتوافر عادة في المعتقل الكبير. كذلك فإن مسيرة الأسرى مرت بمراحل نضالية، استطاع المناضلون خلالها أن يحققوا منجزات كثيرة انتزعوها من إدارات المعتقلات انتزاعا، بالعصيان تارة وبمعارك الأمعاء الخاوية في أحيان أخرى، وبغيرها من وسائل النضال التي ما زالت متواصلة حتى يومنا هذا.وقد عبر المناضلون الفلسطينيون ومنهم الأدباء - في المعتقلات عن كل تلك التجارب النضالية بعزيمة خاصة، وبطريقة خاصة أيضا، فكان أدبهم إبداعا له خصوصية نابعة في صفاتها من أعماق الجراح، وآلام الأسر ومقتضيات النضال، وفلسفة العطاء لوطن يستحق العطاء، كذلك ظل أدبهم حبيسا داخل زنزاناتهم، لم يهتم به أحد حتى كانت دراستنا (شعر المعتقلات في فلسطين 1967-1993) التي يمكن القول أنها أول دراسة علمية أكاديمية تناولت هذا الجانب من الحياة الفلسطينية الإبداعية، ومن الإنصاف ذكر دراسة للأستاذ حسن عبد الله بعنوان (النتاجات الأدبية الاعتقالية) وذكر دراسة أكاديمية أخرى جاءت بعد دراستنا بخمس سنوات تقريبا بعنوان (أدب السجون) للأستاذ فايز أبو شمالة.

-في كتابك (شعر المعتقلات في فلسطين 1967-1993) استطعت أن تخرج عملاً متكاملاً على الرغم من أن هذا الموضوع لم يتطرق إليه باحثون من قبلك، كيف استطعت ذلك ؟

كانت فكرة البحث في أدب المعتقلات،، نتيجة تجربتي الخاصة، إذ ظلت الفكرة منذ أيام الاعتقال وتمكنت من تجسيدها عندما وصلت إلى مرحلة الماجستير، فكانت أطروحتي للماجستير، وقد مكثت أجمع المادة منذ سنوات قبل ذلك، ولم أتمكن من جمع المادة كلها، واعتقد أن ذلك غير ممكن، فهي غزيرة جدا، ومع ذلك تمكنت بصعوبة بالغة يعرفها كل من يعيش الحالة الفلسطينية من قراءة النصوص الشعرية وحدها – دون النثرية- ووضعها في ميزان النقد، مع الأخذ بالاعتبار أنها تجربة لا تحتكم إلى ما ينبغي أن تحتكم إليه التجربة الاعتيادية، فالشاعر الذي ملابسه، كي لا يقع في أيدي إدارة المعتقل، لا يحاكم شعره كما يحاكم شعر شاعر يجد من الوقت والأدوات ما يكفيه ليكون متأملا ومراجعا. وأذكر على سبيل المثال أن كثيرين من الزملاء في المعتقل كانوا يحتفظون بالقلم ويخشون إذا كتب به أن يفرغ حبره، لذا فلم يكونوا يقدمون على الشطب وإعادة الكتابة وكانوا حريصين على كل كلمة يكتبونها ولاا يعيدون الكتابة مرتين

-قبل عام 1967 كانت المحاولات الأدبية والشعرية حالات فردية وأنت قلت (كانت محاولات الشعرية فردية عبر عنها كل شاعر عاش تجربة الاعتقال، ومن أولئك الذين عبروا عن تلك التجربة توفيق زياد، سالم جبران، محمود درويش، سميح القاسم) ألست معي أن هذه الأسماء وإن كانت ذات تجربة فردية إلا أنها شكلت معالم الشعر الفلسطيني الحديث ؟

نعم، صحيح، فهؤلاءء الأعلام، هم الذين أضاءوا مساحات واسعة من الظلمة، وهم الذين عاشوا تجارب الاعتقال، ودفعوا ثمنا غاليا من أعمارهم وأجسادهم، والتجربة الاعتقالية كانت لهم بمثابة الدرس الذي لا ينسى، وأعتقد جازما أن المعتقلات صنعت منهم مناضلين استطاعوا أن يشقوا طريق الإبداع، إلى جانب مكتسباتهم منه على الصعيد الثقافي وبلورة الشخصية القادرة على القيادة في المجال الثقافي وغيره. وعلى الرغم من الاختلاف في التوجهات السياسية والرؤى الفكرية للمعتقلين من هؤلاء وغيرهم، إلا أن العقيدة التي حملها الجميع هي أن رصاصة المحتل الصهيوني لا تفرق بين يساري ويميني، ولا بين وطني وقومي، ولا بين أممي وديني، وبهذا كانت هناك خيوط عامة هي قواعد متفق عليها يمنع تجاوزها.

لذا فإن التجارب الفردية تظل فردية في إطار ضيق، لكنها تصبح جماعية عندما يتعلق الأمر بالوطن والانتماء له، وأعتقد أن العالمية تبدأ من الوطني فالقومي فالأممي، وليس العكس، ولهذا فإن بعض التجارب الفلسطينية التي أصبحت عالمية، بدأت من هنا من الوطن فلسطين. وهي التي استطاعت نقل القضية بكل ملامحها إلى العالمية، وهي التي استطاعت أن تسهم في تشكيل ملامح الأدب العربي المعاصر، من خلال التراكم الثقافي والمعرفي والإبداعي الذي بدأ من التجربة الاعتقالية..

-ولأن محمود درويش عملاق من عمالقة الشعر الفلسطيني والعالمي، كان قد كتب مجموعته الأولى داخل السجن، " عاشق من فلسطين" كيف تقيم تلك المجموعة ؟

أود أن أشير أولا إلى أن محمود درويش في تقييمه لتجاربه الشعرية الأولى ومنها(عاشق من فلسطين) لم يعتد بها كثيرا كدواوينه الأخيرة مثلا، مع أنني أقول أن درويشا استطاع أن يمتلك قلوب محبيه من خلال ذلك الصدق الفني الملتحم مع هموم الناس العاديين والبسطاء منهم، الذين توجوه أميرا على قلوبهم وأذواقهم، وظلوا ينتظرون دائما جديده، الأمر الذي جعل أيضا شريحة واسعة من الجماهير التي أحبته أن تبتعد عنه بسبب غموض كثير من شعره الأخير، بعدما حفظوا شعره (شعر البدايات) عن ظهر قلب. وتغنوا به في مناسباتهم الكثيرة.

- دكتور زاهر أنت صاحبُ ماذا يقول الدكتور زاهر :* للقدس بمناسبة كونها عاصمة ثقافة عربية في العام 2009 .

لا بد من توضيح فكرتي التي يمكن تلخيصها في هذا الصدد على النحو الآتي: تفتقت ذهنية المبدعين منذ سنوات عن فكرة الاحتفاء في كل عام بعاصمة للثقافة العربية، ووصل الدور مؤخرا لتكون القدس عاصمة في العام القادم 2009. فإلى أي حد سيتمكن الفلسطينيون من جعل القدس محط أنظار العرب! (في وقت يعجزون عن الوصول إليها، بسبب الحواجز العسكرية الصهيونية)، وهل سيتمكن جمع من العرب من الوصول إليها والمشاركة في فعاليات هذا الاحتفاء؟ وإذا وصلوا أو وصل عدد منهم فهل سيسمح لهم الاحتلال بإقامة شعائر الحب والقداسة في أركانها التي ترزح تحت نير البنادق!؟ أسئلة بسيطة وبدهية.. لكن الإجابة عنها تجعلها من أعقد قضايا العصر، لأن ما يمارسه الاحتلال من تهويد للمدينة المقدسة، ومن مصادرة لقدسيتها وملكيتها الشرعية والقانونية والإنسانية، ومن تهجير لسكانها العرب بالقوة، ومن تغيير لملامحها الأبدية، ومن تدمير لمكانتها الأزلية في القلوب والضمائر، من أخطر قضايا العصر، ويحتاج إلى أكثر من الاحتفاء بها عاصمة للثقافةة.

وما دام الأمر قد أقر فعلينا، نحن الفلسطينيين، أن نترجم واقع القدس كما هو إلى فعاليات ثقافية تبقى محفورة في ضمائر الشعوب كافة في أدنى الأرض وأقصاها، وأن نحول هذا الاحتفاء إلى تظاهرة عامة نعبر من خلالها عن رفض الفلسطينيين المطلق للاحتلال، ولوجوده على هذه الأرض المقدسة، التي هي بوابة الأرض إلى السماء، وأن نكشف حقيقة الكيان الصهيوني ونواياه الشريرة تجاه الإنسانية جمعاء، لأن استفحال هذا المرض السرطاني في قلب الوطن العربي، سيؤدي إلى إهلاك الأمة ثقافيا وحضاريا وتاريخيا، إن لم يتداعَ له سائر الجسد بالسهر والحمى، ولذا فإن على لجان التحضير لهذه المناسبة الكبيرة أن يضعوا نصب عيونهم استبعاد مظاهر الترف الفكري والثقافي والفني، والعمل بروح الجماعة من أجل التعبير الحقيقي عن واقع الثقافة في فلسطين، من حيث أبعادها التاريخية والحضارية والإنسانية والدينية والاجتماعية، وفي مقدمة ذلك كله تأكيد عروبة القدس وكونها مهد الديانات السماوية السمحة، ونسبة تاريخها وتراثها الأصيل إلى أصحابه الحقيقيين، وكشف زيف ادعاءات الذين ظل وجودهم فيها منذ فجر التاريخ كمن يعترضون طريق القوافل فتدوسهم وتمضي.

وما دمنا نتوقع أن يقف الاحتلال في وجه القادمين إليها من أكنافها أو من عواصم عربية شقيقة، فإن على العرب أن يشدوا الرحال إليها من كل حدب وصوب، وأن يحولوا الهدف في الوصول إليها إلى واقع عملي وليس مجرد كلام، حتى لو اضطرهم الأمر إلى التجمهر على حدودها والبقاء أياما وليالي، لترجع إلى تصدر عناوين الأحداث ولجعل الاحتلال يحسب ألف حساب قبل التصرف في ذرة تراب ليست من حقه. هذا أولا، أما ثانيا فلكي يطالب العرب والمسلمون بحقوقهم في الوصول إليها وممارسة طقوسهم في العبادة والتقديس، وعلى عواصم العرب أن تستبدل المبالغ المرصودة للإنفاق على الاحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية، بمواقف عملية (غير مكلفة ماديا) ممثلة بالتقدم أمام جماهير الراغبين في الوصول إليها، ولا نريد منهم أن يأتوا بسلاحهم، نريدهم أن يأتوا مسالمين حاجين، وهذا ليس حلما رأيته في منامي بل هو حلم أراه في يقظتي، وقد آن الأوان لتحقيقه.

- للعراق وهو يخوض حرب التحرير

العراق ممثلا ببغداده، وبغداد ممثلة بعراقها، وريد جسد الأمة العربية، وقد زهت أكثر من ثلاثة عقود بصدامها، الذي يحق له أن يقول الآن (أضاعوني وأي فتى أضاعوا ليوم كريهة وسداد ثغر) العراق الآن في أشد الحاجة لرجل مثل صدام حسين، وما دام صدام حسين قد قضى شهيدا –إن شاء الله-، فالعراق والأمة التي أنجبته قادرة على إنجاب مثله، والمقاومة العراقية التي تخوض معركة التحرير الظافرة، فيها الآلاف من صدام حسين، ومن المقاتلين الأشداء القادرين على انتزاع الحرية، وما الذين يحاولون توسل الحرية إلا ممن سيلعنهم التاريخ، وسيظلون كذلك إلى أن يرث الله الأرض وما عليها، لأنهم هم سبب نكبة العراق بعد عنجهية الأمريكيين الذين نصبوا أنفسهم شرطيا على العالم الذي ينتظر اللحظة المناسبة ليصب جام غضبه وكراهيته على من كانوا سببا في مآسي العالم المعاصر كله. وأقول إلى الأمام أيها المقاومون العظماء ولكمم المجد.

-لشعب تونس العظيم، ولمجلة أوتار بوصفها صورة واضحة عن الثقافة العربية

إنك يا عزيزي سامح تثير كثيرا من الشجون في هذه الأسئلة، وأشكر لك ذلك، فتونس العربية لي حلم الغد المضيء، وأمل المستقبل الزاهر، وعنوان حضارة الأمة بما تمثله من شريان يرتبطط بوجودنا ارتباطا أزليا، وآسف جدا، نعم آسف جدا لأنني لم أتمكن حتى هذا الوقت من زيارتها، بل إنني لا أخفيك سرا إذا قلت إن زيارتها حلم يراودني منذ سنوات طويلة، وليتني أتمكن من تكحيل عيني برؤيتها قريبا، بل وآمل أن أشارك قريبا في أية احتفالية أو مؤتمر أو أي تجمع عربي هناك.

أما مجلة أوتار فإنني أتابعها باهتمام، وأنت تعرف ذلك جيدا منذ مدة طويلة، وأنا من المعجبين جدا بها، وبالمكانة التي تحتلها في نفوس شريحة متميزة من المبدعين والمفكرين والمثقفين. وأتمنى من القائمين عليها أن يعملوا على التفكير بشكل جدي بعقد تجمع سنوي أو شبه سنوي لجميع المشاركين فيها، في مكان ما من الوطن العربي الكبير، ليتجسد فكر التجميع بدلا من شراذم التقطيع والتجزيء، وليكون الحوار موصولا باللقاء، وأعتقد أن ذلك لن يكون مستحيلا، وخصوصا في ظل وجود طائفة من أصحاب المكانة المرموقة في أفياء مجلة أوتار، وهم يستطيعون تحقيق ذلك. داعيا المولى عز وجل أن يديمكم صفحة مضيئة مفتوحة.

أسعدنا أن نكون معك في هذه المساحة البيضاء، وسط كم متراكم من الجراح عدنا بها كثيراً إلى الوراء، إلى حيثُ السلاسل والقيود، وما يوجع شعبنا من ألمٍ ظل متواصلاً ولما ينتهِ بعد، حتى تعود الأرض نقيةً كما كانت ويرحل عنا الاحتلال .

هذه السطور التي كتبناها معاً يمكن أن تكون شاهداً يوماً على ما أنتجه شعبنا العظيم .

ولأن المجال لا يتسع ، والمساحة محصورة، في وقت فاضت فيه الجراح، فإننا نشكرك جزيل الشكر على ما قدمته للمكتبة العربية من إضافات .

ونتمنى أن نكون معك في لقاءات أخرى نتحدثُ فيها عن تجربتك، وكتاباتك الأخرى ومنها ( تطور الشعر الفلسطيني المعاصر من عام 1990 – 2000 ) ، وتجربتك في الدفاع عن التراث الشعبي الوطني الفلسطيني، وما كتبته في ( الأغنية الشعبية الفلسطينية ودورها في معركة التحرير ) وموضوعات أخرى .