إسرائيل والأسابيع المتبقية لترمب ...؟

د. هاني العقاد

يعرف نتنياهو ان سياسة الفائز الجديد بالمكتب البيضاوي في البيت الابيض جوزيف بايدن سوف تختلف عن سابقه ترمب وقد يغير  بايدن سياسة التعامل مع حكومة نتنياهو في العديد من القضايا التي لها علاقة بالصراع مع الفلسطينين , ويعرف نتنياهو ان بايدن لن يكمل تطبيق صفقة ترمب المسماة ( صفقة القرن ) . قد لا يسمح بايدن لحكومة نتياهو بالاستمرار بالتوسع الاسيطاني وتنفيذ الضم علي الارض , وقد لا يعترف بايدن بهذا الضم تحت اسوأ الظروف . ما بات معروفا ان نتنياهو منذ ان ظهرت نتائج الانتخابات الامريكية الاولية وهو يسارع للعمل علي اجراء تغيرات في الخارطة الجيوسياسية بالضفة الغربية من طرف واحد مستغلا ما تبقي من فترة تسعة  اسابيع لترمب . لذلك  تعلن اسرائيل كل يوم عن بناء وحدات سكنية جديدة وتغير في خطوط الطرق الرئيسة بالضفة لعزل مدنها الفلسطينية وتقطيع اوصالها وبالمقابل ربط المستوطنات الكبري بعضها ببعض , ليس هذا فقط بل تشريع المستوطنات العشوائية المنتشرة في كافة انحاء الضفة الغربية هذا بخلاف ما ينفذه الجيش الاسرائيلي في الاغوار من عمليات تنفيذ مخططات قضم لاراضي الاغوار تحت زرائع عسكرية بان بعض تلك الاراضي اصبحت مناطق عسكرية يستخدمها الجيش كميدان فيعمليات تدريب عسري ومناورات مستمرة ويقوم بعد ذلك بتسليمها للمستوطنين .  

ادارة ترمب مازالت مستمرة في منح حكومة نتنياهو كافة الصلاحيات لاحداث تغيير جيوسياسي علي الارض ما سيكون من شانه ان يعيق اي تفكير قادم بتطبيق حل الدولتين كبديل عن صفقة ترمب المجنونة .هذا الاسبوع سوف ياتي بومبيو الي المنطقة وسيجتمع مع وزير الخارجية البحريني ونتنياهو في القدس وسوف يذهب الي الضفة الغربية لزيارة مستوطنة ( بساغوت ) في اشارة من ادارة ترمب الي اعترافها  بالسيادة الاسرائيلية علي هذه المستوطنات بالرغم من ان هذا يعارض كافة بنود القانون الدولي باعتبار كل المستوطنات المقامة علي الارض الفلسطينية بالضفة الغربية غير شرعية حسب  قرار مجلس الامن 2334 . الاهم ان زيارة بومبيو اليوم تعني ان نتنياهو حصل علي الضوء الاخضر بضم كافة مستوطنات الضفة الغربية وتطبيق القانون الاسرائيلي عليها . ولن يتوقف الامر عند هذا بل ستحاول اسرائيل الان تحقيق المزيد من الخطوات بدعم امريكي لتحكم احتلالها وتحكم تصفية ما تبقي للفلسطينين حقوق دينية بالمسجد الاقصي واخشي ان يبادر نتنياهو بالطلب من ادارة ترمب المساعدة في  انهاء رعاية الاردن للمقدسات في القدس في خطوة قد تعني الكثير لنتياهو .

الان بدأت اسرائيل تخطط لزرع موظفين بالبيت الابيض موالين لها   بل ان بايدن بنفسه سيختار من بين طاقمة يهود صهاينة  وهذا قد يؤثر علي القرار فيما يتعلق بالشأن الفلسطيني وخاصة ان ادارة بايدن وعدت باعادة العلاقات مع الفلسطينيين واعادة فتح مكتب المثيل السياسي الفلسطيني في واشنطن بالاضافة لاعادة ضخ الاموال والمساعدات للفلسطينيين والاعتراف بحل الدولتين كاساس لحل الصراع وهذا ما لا تقبله اسرائيل بعد ان اخذت الكثير من ترمب وحاصرت الفلسطينيين سياسيا ومالية وامنيا ووصلت لاتفاقيات تطبيع مع ثلاث دول عربية وبدأت تعزل  القضية الفلسطينية عن محيطها العربي . حكومة اسرائيل الان تستغل كل عنصر قوة لها لتتغلغل داخل الادارة الجديدة مع العلم ان ذلك متاح لرجال اسرائيل اليهود وهم كثر بفريق بايدن ايضا ولكن مع تأكد اسرائيل ان بايدن لن يقبل باي توجيهات اسرائيلية كالتي كانت تصدر لفريق ترمب وبالتالي لن يقبل بالعمل لاجل اسرائيل فقط اكثر من ان يعمل لصالح سمعة امريكا السياسية  من خلال ادارة محكمة للقضايا الخارجية التي تهم امريكا وتحسين سمعتها بعد ان دمر ترمب هذه السمعة وجعل من امريكا اضحوكة أمام العالم , سوف توظف حكومة نتنياهو كل ما لديها من علاقات وقوي مؤسساتية ولوبيات يهودية لمنع اي اعادة للعلاقة مع الفلسطينيين ووقف دفع اي مساعدات مالية للسلطة الفلسطينية بل والاستمرار في محاصرتها ماليا وسياسيا واضعافها حتي تاتي زحفاً علي ركبتيها تقبل ما ترمي به اليها الحكومة اليمنية الاسرائيلية , سوف يسعي  نتنياهو واليمين الحاكم وقوي اليمين الامريكي الصهيوني علي الا تنكر الادارة الجديدة صفقة القرن وستفعل كل شيء من اجل ان تتبني ادارة بايدن الجديدة ما تطمح له اسرائيل وهو الاعتراف بالتغيير الاسرائيلي للضفة الغربية والمتمثل في ضم مستوطنات الضفة الغربية الي السيادة الاسرائيلية وانشاء متسوطنات جديدة في غور الاردن لتبقي السيادة الامنية الاسرائيلية لاسرائيل وحدها وبالتالي تعيق وتمنع اقامة دولة فلسطينية متوقعة تكون علي اتصال جغرافي مع المحيط العربي وخاصة الحدود الشرقية اي الاردن .

 لن تنام اسرائيل من الان فصاعدا ولن تراهن علي الادارة الامريكية  الجديدة وخاصة انها لم تفعل ذلك حتي في عهد ترمب الذي خدم اسرائيل برجال وضعهم الموساد الاسرائيلي في ادارته واستطاعت اسرائيل ان تحقق ما لم تحققه علي مدار عشر ادارات امريكية سابقة , وسيكون لديها من الخطط الخبيثة ما لم يتوقعه احد ,تغلغل في صفوف ادارة بايدن وتوظيف قوة اللوبي الصهيوني في الكونغرس لمنح الوقت لاسرائيل حتي تستكمل حكومة اليمين الاسرائيلي مشروعها الصهيوني في دولة يهودية كبري علي كل التراب الفلسطيني . ان لم يكن لدينا  كفلسطينين خطط مواجهة لهذا السلوك اليميني الاسرائيلي دون الارتهان الي سلوك بايدن وادارته اعتقد اننا سنجد انفسنا محبوسين في كانتونات فلسطينينة الخروج منها او الوصول لمحافظة فلسطينية اخري يتطلب تقبيل ايدي الامن الاسرائيلي سلفاً .