الإمارة حلوة الرضاع ، مُرّة الفِطام !

عبد الله عيسى السلامة

الإمارة هي الزعامة ، وقد تقاس عليها القيادة ، أو تشتقّ منها ، كما قد تقاس عليها أو تشتق منها : السيادة ، والسلطة ، والحكم ن ومشيخة القبيلة .. ونحو ذلك !

وقد ورد على لسان أحد الصالحين : أن آخر مايُنزع من قلوب القديسين أو الأبرار، هو حبّ الزعامة !

فعلام تدل تجارب الحياة ؟

نموذج :

حصل أحدهم في سورية ، على الشهادة الابتدائية (السَرتفيكا) ، وقد كانت في خمسينات القرن العشرين ، شهادة ذات قيمة ! فمنهاجها ثقيل ، ومَن يحصل عليها يحقّ له ، أن يكون معلماً في المدارس الابتدائية الحكومية !

وعمل الشاب معلّما ، في أواخر الخمسينات من القرن، ثم تسلّط حزب البعث على البلاد بانقلاب عسكري ، وصار للرفاق الحزبيين صولة وجولة ! وكان أحدهم يتأمّر على موظفي الدولة الرسميين ، مثل : المحافظ ، ومدير المنطقة ، ومدير الناحية ، وغيرهم!

فطلب الرفيق الحزبي المتزعّم في إحدى المدن ، وفيها إدارة المنطقة .. طلب من المعلم حامل الابتدائية ، أن يعمل مشرفاً على الأسواق ، بعد أن ينتمي إلى حزب البعث ! وكان له ذلك ! فعُيّن بما يشبه عمل المحتسب ، في سوق المدينة ! ومُنحت له سلطات واسعة ، في الأذى ، تحديداً ! أمّا النفع فبعيد عنه ، فلا احد يعطيه سلطة تنفع الناس !

وأَكل حزب البعث نفسّه ، مرّات كثيرة ، وذهبت سلطة الرفيق المذكور، وصار من المغضوب عليهم ، بعد ثلاث سنوات من حكم البعث !

وبعد نصف قرن ، تذكّر الرفيق المناضل ، عهده الماضي ، فقأل آسفاً ، على مايفعله حكّام سورية ، الذين خلفوا عهده : يوم كنّا نحن ، أين كان هؤلاء الناس !  

ولندع خيبة الرفيق المذكور، وننظر في خيبات الكبار، الذين سبقوه وواكبوه وأعقبوه .. فسنرى في صدور القوم ، أكداساً من الألم واللوعة ،على ماكانوا فيه ، وما آلوا إليه ، بعد تجريدهم من مناصبهم !