توحيد المعارضة السورية.. بداية النهاية لنظام الأسد

مايكل ويس

توحيد المعارضة السورية..

بداية النهاية لنظام الأسد

مايكل ويس ـ فورين أفيرزـ

يعتبر توحد المعارضة الثورية السورية المسلحة هو الخطوة الأولى على طريق وقف المذابح الدموية للشعب السوري وهي الخطوة الأساسية للقوى الغربية بما في ذلك فرنسا والولايات المتحدة إذا ما أرادت أن تحمي الشعب السوري والإسراع في القضاء على نظام الاسد. وحتى الآن هناك علامات على التقدم بهذا الصدد، فمع تبني المجلس الوطني السوري لخيار التدخل العسكري الأجنبي، فمع تقريبه لكافة الفصائل للمقاومة الثورية والتي تم التواصل معها منذ أشهر، فهناك احتمالية كبرى من أن مختلف الفصائل السياسية والعسكرية للمعارضة أن يتم توحيدها، حتى لو كان ذلك فقط بناء على رغبتهم المشتركة في وقف المذابح الدموية التي يرتكبها نظام الأسد. وإذا ما حدث ذلك، إذن هناك مسار للتدخل الغربي في سوريا وفرض مناطق الحظر، بالرغم من أن ذلك سيتطلب دبلوماسية خلاقة ونشطة ليس فقط بين القوى الغربية ولكن أيضًا مع الحكومات العربية التي أظهرت تباينًا بينها حتى الآن.

ومثل هذا التدخل بحاجة إلى أن يبدأ بإنشاء منطقة آمنة مساحتها 4.25 ميل مربع حول مدينة جسر الشغور شمال غرب البلاد، حيث ارتكب فيها النظام مذبحة كبرى في يونيو الماضي وتبلغ في تلك المدينة مشاعر الغضب ضد الأسد أعلى مستوياتها. وطبقًا لقرب المدينة إلى تركيا، فإن الحساسية الجيوسياسية لوجود دولة غربية تغزو دولة ذات غالبية مسلمة، وحقيقة أن تركيا بالفعل تستضيف الجيش السوري الحر وتسهل عمله، تجعلان من أنقرة الخيار الاستراتيجي لتوفير الغطاء الأرضي لتدعيم تلك المنطقة الآمنة.

والصورة الأكثر نجاعة للتطبيق القانوني للمناطق الآمنة سيكون عبر قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولكن روسيا لن تغامر بخسارة تحالفها مع الأسد، مما يجعل الحصول على موافقة الكرملين الروسي على استصدار قرار من مجلس الأن سيكون من غير الحتمل. والمسار الآخر المتاح في ذلك الوقت سيكون قرار "الاتحاد من أجل السلام" الذي يصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي يسمح باتخاذ "تدابير جماعية" و"استخدام القوات المسلحة" في الصراعات الأجنبية. فهذا الإجراء دشنته الولايات المتحدة عام 1950 للقضاء على الفيتو المتكرر للاتحاد السوفيتي آنذاك في مجلس الأمن ضد الرد العسكري الغربي على أزمة كوريا، وهذا الإجراء الذي لم يستخدم سوى مرة واحدة في التاريخ يتطلب غالبية الثلثين في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وحشد مثل ذلك الدعم الحاشد من أجل التدخل العسكري ربما يكون صعبًا، ولكن من المؤكد أنه ليس خارج الحسابات. ففي نوفمبر الماضي قامت الجمعية العامة بما لم يستطع مجلس الأمن أن يقوم به ومررت قرارًا غير ملزم ـ بمجرد أن دعمته الدول العربية والدول ذات الغالبية المسلمة ـ تدين فيه نظام الأسد على عنفه. وإذا ما استمرت الأزمة في سوريا في التصعيد، فربما يكون هناك بالفعل إجماعًا أخلاقيًا وسياسيًا للوصول إلى "الاتحاد من أجل السلام" من أجل فرض مناطق آمنة.

فإنشاء منطقة آمنة في وسط منطقة المقاومة سوف يوفر مأوى لللاجئين الداخليين، والذين يقدر أعدادهم الآن بمئات الآلاف. كما أنها يمكن أن تعمل أيضًا بوصفها قاعدة للثوار، والذين يعملون الآن بصورة عامة من تركيا، بالإضافة إلى أن تصبح بمثابة مركز الاتصالات لإذاعة سوريا الحرة التي تبث إلى بقية أنحاء البلاد. فالجيش السوري الحر والسرايا المستقلة الاخرى قد أنشأوا بالفعل نقاط تفتيش ومناطق عازلة داخل العمق السوري، والتي عملت كخط نجاة للمتظاهرين في حمص وفي المناطق الأخرى. فوجود مقار رئيسية لوجيستية ومحصنة ووجود إمداد مستمر للمعدات والسلاح، فإن الثوار حينئذ يمكن أن يصبح لهم "بنغازي" أخرى في سوريا، والتي يمكن أن تصبح قاعدة يستطيعون من خلالها قتال النظام السوري في دمشق بصورة أكثر فاعلية.

وأي تدخل سوف يكون بحاجة إلى إنشاء منطقة حظر طيران لحماية جسر الشغور، فقد استخدمت القوات السورية في السابق المروحيات المقاتلة في هجماتها السابقة على المدينة، ولدى النظام السوري أنظمة صواريخ أرض جو من تصميم سوفيتي قديم متمركز بطول الحدود الغربية للبلاد قادرة على إسقاط الطائرات المقاتلة. ولكن على الرغم من ذلك فإن قوات الجيوش الغربية ربما تستطيع أن تحصل على التفوق الجوي بسهولة نسبية. فالأسطول السادس للولايات المتحدة يمكن أيضًا أن ينشئ بسهولة حظر بحري، مصاحب لدعم جوي يمكن أن يأتي من قواعد بريطانيا في قبرص. والسؤال هو إذا ما كان الناتو يمكن أن يشارك، وبخاصة بالوضع في الاعتبار أن سكرتيره العام أندرياس راسموسن كان معارضًا لتدخل الناتو في سوريا منذ عدة أشهر. فإذا ما شارك الناتو فإنه يمكن أن يرفض منطقة حظر طيران مشابهة لتلك التي كانت في ليبيا من قاعدته في إنجرليك التركية. وحتى إذا ما رفض الناتو تلك المهمة، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لديها التقنية والقوة الجوية للإبقاء على سماء سوريا خالية من الطيران السوري إذا تطلب الأمر ذلك.

والتحدي الجسيم للتدخل العسكري ربما لن يأتي من الأنظمة الدفاعية التقليدية لنظام الأسد، ولكن من الجماعات المتحالفة مع النظام، مثل حزب الله، وحزب العمال الكردستاني، والقوات العراقية الموالية لإيران وفيالق الحرس الثوري الإيراني، والعملاء المجندين أو المرافقين مع الفرقة المدرعة الرابعة للأسد. ففي أعقاب التدخل العسكري الأجنبي، فإن تلك المجموعات يمكن أن تلجأ لى الهجمات الإرهابية لجعل سوريا جبهة أمامية لحرب جديدة بالوكالة. فالقاعدة في بلاد الرافدين يمكن أيضًا أن تصبح القاعدة في سوريا إذا ما شعرت بوجود فرصة لزعزعة قوى شرق أوسطية أخرى، وبخاصة في أعقاب الانسحاب العسكري الأمريكي من العراق. كما أنه من المحتمل أيضًا أن تتدفق ميليشيات سنية أو شيعية إلى سوريا وتحول الانتفاضة السورية إلى صراع طائفي مفتوح. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأسد يمكن أن يرد بضربات خارج حدوده، ففي مايو الماضي قام بإرسال اللاجئين الفلسطينيين إلى هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل لإلهاء الداخل والخارج عما يحدث في بلاده، وربما يطلق صواريخ على إسرائيل إذا ما شعر بالحصار يضيق حول رقبته.

وهذه المخاطر كلها يمكن أن تضير بالقوات الأجنبية التي تحاول أن تحمي المدنيين السوريين وتساعد المعارضة ضد نظام الأسد. ولا شك هناك أنه من أجل تلك الأسباب وأسباب أخرى، فإن التدخل العسكري في سوريا يجب أن يكون الملجأ الأخير. ولكن دمشق استطاعت أن تحبط أي جهود حقيقية للإصلاح أو التفاوض، فقد أثبتت بعثة مراقبي الجامعة العربي أنها بلا فائدة، فقد ذبح الآلاف وتم تعذيب آلاف آخرين باستخدام طرق سادية في التعذيب. وعندما تنهار دولة عدد سكانها 23 مليونا وتدخل في حالة فوضى، فكم عدد الأرامل والأيتام والمهجرين سيكون لدينا قبل أن تصبح سوريا دولة فاشلة فعليًا؟ فكلما أعطى العالم مزيدًا من الوقت للأسد، كلما استهزأ من مبدأ "مسئولية الحماية" الدولية، وستكون الإجابة الغربية على الأبرياء المضطهدين في سوريا هي: نتمنى لكم الحظ الأفضل، ويتم تركهم إلى مصيرهم المظلم.