{جنيف 6 } تنتهي اليوم بلا نتائج... والمعارضة ترى فيها «تمريراً للوقت»

كارولين عاكوم ­

عادت المفاوضات السورية في جنيف إلى نقطة الصفر بعدما سحب المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا الورقة التي قّدمها في اليوم الأول والمتعلّ قة بـ«الآلية التشاورية» حول المسائل الدستورية والقانونية. وكانت اجتماعات اليوم الثالث التي عقدت أمس في «جنيف» «تقنية» وتكرارا لسابقاتها من دون أن تحمل أي جديد بانتظار التوصل إلى آلية مشتركة جديدة٬ بحسب ما قال أكثر من مصدر في «الهيئة العليا»٬ مستبعدين التوصل إلى أي نتائج في نهايتها اليوم. وبينما أشارت مصادر في «الهيئة» لـ«الشرق الأوسط»٬ إلى أن المبعوث الدولي أبلغ الوفد أن الموعد المحتمل للجولة المقبلة من المفاوضات ستكون في 20 من شهر رمضان٬ أعلن دي ميستورا في بيان له أنه كان قد أبلغ في وقت سابق من هذا الأسبوع٬ طرفي المفاوضات٬ بأنه يعتزم إقامة عملية تقنية لمعالجة المسائل الدستورية والقانونية في سياق المحادثات فيما بين السوريين. ولفت البيان إلى أنه وبعد أن أخذ المبعوث الخاص في الاعتبار الملاحظات التي تجاوزتها المناقشات والتي أثارتها ورقة داخلية للأمم المتحدة٬» اجتمع وفد المعارضة السورية٬ اليوم (أمس) مع خبراء من مكتب المبعوث الخاص٬ وهو جزء أولي من عملية عقد اجتماعات للخبراء بشأن المسائل القانونية والدستورية ذات الصلة بالمحادثات فيما بين السوريين».

وأشار البيان إلى أن مجلس الأمن يستمع في جلسة تعقد يوم الاثنين من دي ميستورا حول مباحثاته في جنيف مع الأطراف السورية. وعلمت «الشرق الأوسط»٬ أن المبعوث الدولي سيحيط المجلس علما بآخر المجريات عن طريق الفيديو وليس شخصيا.

ويوم أمس بحث وفد «الهيئة» في جنيف مع دي ميستورا الآليات الدستورية خلال المرحلة الانتقالية في جلسة عقدت عند الظهر٬ و«الحكم الانتقالي» في جلسة مسائية٬ كما التقى وفدا من «الهيئة» نائب وزير الخارجية الروسية غينادي غاتيلوف.

وقال رئيس وفد النظام إلى جنيف بشار الجعفري إن «ورقة دي ميستورا حول الآلية التشاورية على المسائل الدستورية أصبحت وراء ظهرنا»٬ بينما شدد المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط٬ على أن «الشعب السوري لا يريد مناقشة دساتير تكتب له في طهران وموسكو. وتقترح وثيقة دي ميستورا على تشكيل فريق من الناشطين في المجتمع المدني والتكنوقراط يتم تكليفهم تمهيد الطريق أمام إعداد دستور جديد.٬ وتنّص على «آلية تشاورية» تعمل على «رؤى قانونية محددة وكذلك ضمان عدم وجود فراغ دستوري أو قانوني في أي وقت خلال عملية الانتقال السياسي التي يتم التفاوض عليها».

وأوضح رياض نعسان آغا المتحدث باسم الهيئة العليا٬ لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الملاحظات التي وضعناها على الآلية التشاورية التي سبق أن قّدمناها في اليوم الأول٬ لا سيما حول الغموض التي يكتنفها٬ وضعت جانبا ولم يتم التطرق إليها٬ أمس٬ في الاجتماعات التي عقدت»٬ وفيما أشار إلى أن دي ميستورا لم يعلن رسميا عن إلغائه لـ«الآلية»٬ لفت إلى أن جوابه على الملاحظات كان: «إذا أردتم قد نعيد النظر بها». ورأى آغا أن كل اللقاءات التي عقدت وستعقد في اليوم الأخير من «جنيف» لم ولن تحمل أي جديد أو نتائج٬ وجميعها تحت عناوين قديمة جديدة٬ في وقت يحاول المبعوث الدولي التهّرب من البحث جديا في الانتقال السياسي بسبب رفض النظام لهذا الأمر٬ متسلّحا بفكرة «إن الدستور هو مفتاح الانتقال السياسي»٬ وأكد آغا: «نحن كنا ولا نزال نطالب ببحث الموضوعين معا٬ مضيفا: «وكأنه يحاول وضع العربة قبل الحصان٬ وهذا الأمر إذا بقي كذلك لن يوصل إلى أي نتيجة٬ ولم يكن هدف دي ميستورا من الدعوة إلى هذه الجولة إلا بهدف الرّد على مؤتمر آستانة الذي تدعمه روسيا والتأكيد على أن مسار جنيف لا يزال مستمرا».

من جهته٬ قال عضو وفد الهيئة في جنيف٬ العميد فاتح حسون٬ إّن الاجتماعات التي تحمل عنوان «تقنية» لبحث الإعلان الدستوري أو الانتقال السياسي»٬ لا تعدو كونها تكرارا لتلك التي عقدت في الجولات السابقة ولم تقدم أي جديد في هذه الجولة٬ مبديا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»٬ تخوفه من أن يتم الالتفاف مرة جديدة على «الآلية التشاورية» لإعادة طرحها٬ مضيفا: «لا نزال وكأننا في اليوم الأول من المفاوضات وما يحصل اليوم ليس إلا تمريرا للوقت بانتظار التوصل إلى آلية جديدة٬ مع حرصنا على طرح المواضيع الأساسية والأولوية بالنسبة إلينا وهي تلك المتعلقة بملف المعتقلين والسلاح الكيماوي وخطة التغيير الديموغرافي التي يعتمدها النظام».

وقال الجعفري٬ في مؤتمر صحافي عقده أمس في جنيف: «توصلنا إلى اتفاق بدأ بموجبه لقاء غير رسمي بخبراء من جهتنا ومن جهة الأمم المتحدة حول الدستور٬ واتفقنا على تسميته اجتماع الخبراء الدستوريين٬ وهدفه فقط الاتفاق على المبادئ الدستورية العامة». وأوضح: «طرحنا على المبعوث الأممي اجتماع الخبراء كبديل عن الآلية التشاورية التي رفضناها لأسباب كثيرة»٬ مشيرا إلى أن «الغرض من هذا الاجتماع هو بحث ورقة المبادئ الأساسية التي تتضمن في بنودها نقاطا مناسبة تصلح كمبادئ دستورية». ولفت الجعفري إلى «لم تتم بعد مناقشة أي سلة مع دي ميستورا»٬ مؤكدا في الوقت ذاته على «إن مسألة مشاركة دمشق في الاجتماعات حول الدستور لا علاقة لها بموضوع الحكومة الانتقالية في سوريا».

من جهته٬ قال سالم المسلط٬ إن «الجولة الحالية تمتد لمدة 4 أيام٬ وهذه مدة قصيرة ولا تكفي لمراجعة كاملة لورقة مثل هذه تتعلق بالدستور٬ تحتاج لمزيد من الشرح والتفسير». ورأى أن «بحث دستور دائم لسوريا له مكان آخر غير جنيف ونحن لا نريد ولا نقبل باتفاق يتم تحت مظلة إيران وروسيا». وطالب المسلط بـ«جولات متواصلة لمفاوضات جنيف٬ كأن تجري 4 جولات خلال شهرين٬ تكون كل جولة منها على مدى 15 يوماً٬ لبحث ملف من الملفات الأربعة». ونوه إلى أنه «لو أنجزت (هيئة الحكم الانتقالي)٬ فإن ذلك سيشجع الجميع لبحث كل الملفات المتعلقة بالدستور والانتخابات ومكافحة الإرهاب (...) نحن نريد أن ننجز تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات كاملة دون وجود الأسد٬ لا في المرحلة الانتقالية ولا في مستقبل سوريا».

* رد الهيئة العليا التفاوضية على «الآلية التشاورية»

في رّدها على «الآلية التشاورية» بعد دراستها وضعت الهيئة ملاحظات من ثماني نقاط أساسية وقّدمتها إلى دي ميستورا٬ مؤكدة فيها على التزامها بـ«العملية السياسية التي دعت إليها الأمم المتحدة بهدف التنفيذ الكامل لبيان جنيف 30 يونيو (حزيران) ٬2012 والذي أيده قرار مجلس الأمن 2118 لعام ٬2013 وذلك وفقاً لما ورد في الفقرة 1 من قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015.«

كذلك ذّكرت الهيئة «بالفقرة الثانية من قرار مجلس الأمن 2254 .والذي دعا الأمين العام ومبعوثه الدولي الخاص إلى سوريا بدعوة ممثلي المعارضة والنظام إلى الدخول في مفاوضات رسمية بشأن عملية انتقال سياسي عملاً ببيان جنيف».

وذّكرت «الهيئة العليا» في بيانها بأن «الفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن 2254 قد نصت بشكل واضح على خريطة طريق وآليات عمل لتنفيذ بيان جنيف٬ خلال جدول زمني محدد٬ وضمن تراتبية محددة». ولذا فإن «نقطة البداية كما نص عليها قرار مجلس الأمن 2254 وقرار مجلس الأمن ٬2118 هي في تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي تمارس كافة الصلاحيات التنفيذية في الدولة».

وأّكد بيان «الهيئة العليا» على أن من أولويات السياسة الآن الوقف الفوري لهذه الجرائم التي يرتكبها النظام والإسراع بتقديم مرتكبيها إلى المحاكمة٬ طبقاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة»٬ مشددا على أهمية تنفيذ الفقرات 12 و13 و14 من قرار مجلس الأمن 2254 باعتبارها التزامات قانونية مفروضة غير قابلة للتفاوض»٬ ودعا إلى «تفعيل الآليات القانونية المتضمنة في قرارات مجلس الأمن من أجل حماية السوريين من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها قوات النظام وحلفائها من القوات الطائفية التابعة لإيران وقوات الحرس الثوري الإيراني والقوات التابعة للاتحاد الروسي».