أساسُ العلمِ احترامُ المعلم

ربيع شكير

الحمد لله على تواتُـــــــــــــــــرِ آلائه في باطنٍ وظاهـــــــــــــــرِ ثم الصلاة والسلامُ أبــدا على النبي الهاشمي أحمــــــدا وآله وصحبه والتــــــابعـينْ وعلماءِ الدين طُراً أجمعينْ

وبعدُ؛ فلا ينالُ العلم ولا ينتفعُ به إلا بتعظيم العلم وأهله، وتعظيم المعلم وتوقيره، وانظر إلى فضل العلم وشرفه ورفعة مكانته كيف أن موسى  uوهو نبي الله سار إلى الخضر لتعلم منه، وانظر إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس t ، وهو ابن عم رسول الله r  قد أخذ بركاب زيد بن ثابت  tفقال له زيد t : تنح يا ابن عم رسول اللهr  ، فقال: إنا هكذا نفعل بكبرائنا وعلمائنا، ولو كان شيء أشرف من العلم أمر الله تعالى نبيه r أن يسأله المزيدَ منه كما أمر أن يستزيده من العلم؛ ﴿ وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا﴾[1]، ويقال: إن الشافعي رحمه الله عُوتب على تواضعه للعلماء فقال:

أهين لهم نفسي فهم يكرمونهــــــا ولن تكرم النفس التي لا تهينهــــــا

وقال بعضهم:

أكرم طبيبـــــــــــك إن أردت دواءه وكذا المعلم إن أردت تعلمـــــــــــــــــــا

إن المعلم والطبيب كلاهـــــــــــــــــــــــــــــا لا ينصحان إذا هما لم يكرمـــــــــــــــا

فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه واقنع بجهلك إن جفوت معلما

ومن أسس احترام المتعلم لمعلمه، ما يلي:

1.   البدء بالسلام عند القدوم، وعند الإنصراف.

وكن عالما إن السلام لسنة وردك فرض ليس ندبا بأوطد

2.   رد السلام على المعلم إذا ابتدأ المعلم التلاميذ بالسلام.

3.   استئذان التلميذ المعلم في كل أمر يريد فعله.

4.   تطبيق ما يقوله المعلم من نصائح وتوجيهات، والانقياد له، وعدم الخروج على رأيه وتدبيره.

5.   التواضع للمعلم واحترامه وتقديره وتوقيره وحبه وتبجيله، حال حضوره وغيابه، وإظهار ذلك له، وعدم ذكره حال حضوره أو غيابه إلا بالخير؛ قال الغزالي رحمه الله: لا ينال العلم إلا بالتواضع وإلقاء السمع.

6.   التزام الأدب حال التحدث مع المعلم، والإنصات إليه، وعدم رفع الصوت عليه، وعدم مقاطعته في الحديث؛ قال الشافعي رحمه الله: كنت أصفح الورقة بين يدي مالك صفحاً رفيقاً هيبة له، لئلا يسمع وقعها. وقال الربيع[2]: والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي؛ هيبة له.

7.   أن يصبر المتعلم على جفوة تصدر من معلمه؛ فإن ذلك أبقى للمودة، وأنفع للمتعلم في دنياه وآخرته.

8.   إذا مشى مع معلمه فعليه معرفة آداب المشي معه، فلا يتقدم عليه، ولايزاحمه، وليبتعد عن المعلم إذا كان معه أحد وكانا يتكلمان في أمر خاص.

9.   عدم إطلاق اللسان بالإيذاء، والسخرية والتنابز بالألقاب؛  ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾[3]. 

10. أن يلقى معلمه بوجه باسم طلق؛ امتثالاً وتحقيقاً لما جاء عن أبي ذر t قال: قال رسول الله r : تبسمك في وجه أخيك لك صدقة.

11. عدم السعي في التفريق بين التلاميذ بالنميمة وغيرها، وألا يتكلم على أحد منهم إلا بالخير، والسعي بالإصلاح بين المتشاحنين؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾[4].

12. أن يشكر معلمه على توجيهه إلى ما فيه فضيلة، وعلى توبيخه على ما فيه نقيصة أو كسل يعتريه، أو قصور يعانيه، أو غير ذلك مما في توجيهه إليه، ويعد ذلك من نعم الله تعالى عليه لاعتناء المعلم به.

13.الجلوس أما المعلم جلسة المتعلم المؤدب في جلسته؛ وفي حديث جبريل u المشهور القدوة الحسنة، فقد جاء جبريل u إلى النبي r ليسأله؛ ليعلم الأمة فجلس أمام النبي r جلسة المتعلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذي نفسه[5]. قال أحمد بن حنبل رحمه الله لخلف الأحمر رحمه الله: لا أقعد إلا بين يديك، أمرنا أن نتواضع لمن نتعلم منه.

والعلمُ يدخلُ قلب كل موفقٍ من غير أبوابٍ ولا استئذانِ

ويرده المحرومُ من خذلانـــــــــــــــــهِ لا تُشقنا اللهم بالحرمــانِ

والله الموفق، وصلى الله على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

[1] -سورة طه، الآية: 114.

[2] -الربيع بن سليمان المُرادي أبو محمد المصري، صاحب الإمام الشافعي وناقل علمه (ت 270هـ).

[3] -سورة الحجرات، الآية: 11.

[4] -سورة الحجرات، الآية: 10.

[5] -أخرجه مسلم (93)، كتاب الإيمان؛ باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان...