تأملات في القران الكريم ح447 سورة الانشقاق الشريفة

حيدر الحدراوي

للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الصادق عليه السلام : من قرأ هاتين السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلاة الفريضة والنافلة إذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت لم يحجبه الله من حاجة ولم يحجزه من الله حاجز ولم يزل وينظر الله إليه حتى يفرغ من حساب الناس .

بسم الله الرحمن الرحيم

إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ{1}

تستهل السورة الشريفة (  إِذَا السَّمَاء انشَقَّتْ ) , بالغمام , على كثير من الآراء , وذلك قوله عز من قائل : { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاء بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنزِيلاً }الفرقان25 .

( عن علي عليه السلام تنشق من المجرة ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" . 

وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ{2}

تستمر الآية الكريمة (  وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا ) , أذعنت وانقادت واطاعت لأمره جل وعلا لها بالانشقاق , (  وَحُقَّتْ ) , وحق لها ان تنقاد وتذعن وتطيع لأمره جل وعلا . 

وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ{3}

تستمر الآية الكريمة (  وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ ) , بسطت , بزوال جبالها وكل ما يرتفع على سطحها من جبال واكام .  

( عن النبي صلى الله عليه وآله قال تبدل الارض غير الارض والسماوات فيبسطها ويمدها مد الاديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .  

وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ{4}

تستمر الآية الكريمة (  وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا ) , والقت ما في جوفها من الكنوز والاموات , (  وَتَخَلَّتْ ) , حتى لم يبق شيء في جوفها , او تخلت عن كل شيء في باطنها .

وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ{5}

تضيف الآية الكريمة ( وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا ) , أذعنت وانقادت واطاعت لأمره جل وعلا لها في الالقاء والتخلي عما في جوفها بعد القاءه , (  وَحُقَّتْ ) , وحق لها ان تنقاد وتذعن وتطيع لأمره جل وعلا .   

يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ{6}

الآية الكريمة خاطبت عموم جنس الانسان (  يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً ) , جاهد في عملك , او ساع الى الله تعالى ولقاء جزاءه على اعمالك , (  فَمُلَاقِيهِ ) , ملاق جزاء عملك , الخير بالخير , والشر بالشر .

فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ{7}

تضيف الآية الكريمة (  فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ ) , صحيفة اعماله , وهو المؤمن .

فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً{8}

تستمر الآية الكريمة (  فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً ) , حسابا سهلا هينا , لا نقاش فيه .  

( عن الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل محاسب معذب فقال له قائل يا رسول الله فأين قول الله عز وجل فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال ذلك العرض يعني التصفح ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .   

وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً{9}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَيَنقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً ) , ويرجع الى اهله في الجنة فرحا مسرورا . 

وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ{10}

تستمر الآية الكريمة (  وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ ) , واما من اخذ صحيفة اعماله بيساره بعد ان غلت الى ظهره , فيأخذها من وراءه , وهو الكافر . 

فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً{11}

تضيف الآية الكريمة (  فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً ) , عندما يطلع على صحيفة اعماله , يسوئه ما فيها , فيدعو على نفسه بالثبور , او الهلاك .   

وَيَصْلَى سَعِيراً{12}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  وَيَصْلَى سَعِيراً ) , ويدخل النار المستعرة .

إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً{13}

تستمر الآية الكريمة (  إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً ) , انه كان في اهله وعشيرته في الدنيا مسرورا بهم وبما حاز ونال من المال والجاه . 

إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ{14}

تستمر الآية الكريمة مضيفة (  إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ) , انه ظن ان يرجع او يبعث بعد الموت . 

بَلَى إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً{15}

تضيف الآية الكريمة (  بَلَى ) , يرجع , (  إِنَّ رَبَّهُ كَانَ بِهِ بَصِيراً ) , يقرر النص المبارك بصره واطلاعه جل وعلا عليه , فلا اهمال له , بل يرجعه ويجازيه على اعماله .  

فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ{16}

تضمنت الآية الكريمة قسما (  فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ) , وهو الحمرة بعد غروب الشمس .

وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ{17}

تستمر الآية الكريمة وفيها قسمان :

1-    (  وَاللَّيْلِ ) : القسم الأول: بيانا لخطورته واهميته , غالبا ما يقسم جل وعلا بخلقه بيانا لعظمة ذلك الخلق او لأهميته ... الخ .

2-    (  وَمَا وَسَقَ ) : القسم الثاني: ما ستره وجمعه الليل  من الدواب والهوام , حيث ان هذه الهوام تنشط في الليل , رغم انها عمياء , الى كثير من الحكم الاخرى .  

وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ{18}

تستمر الآية الكريمة ويستمر القسم (  وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ ) , اجتمع وتمّ نوره , وذلك عندما يكون بدرا , في الليالي البيض . 

لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ{19}

تضمنت الآية الكريمة جواب القسم (  لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ ) , حالا بعد حال :

1-    حالا بعد حال وهو الموت ثم الحياة وما بعدها من أحوال القيامة . "تفسير الجلالين للسيوطي" .

2-    عن الصادق عليه السلام ( لتركبن طبقا عن طبق أي سير من كان قبلكم ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .   

3-    لتركبن سبيل من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة لا تخطون طريقهم ولا يخطي شبر بشبر وذراع بذراع وباع بباع حتى أن لو كان من قبلكم دخل حجر ضب لدخلتموه , قالوا اليهود والنصارى تعني يا رسول الله , قال فمن اعني لينقض عرى الاسلام عروة عروة فيكون أول ما تنقضون من دينكم الامانة وآخره الصلاة وقرئ لتركبن بالفتح على خطاب الانسان باعتبار اللفظ . "تفسير القمي" .   

فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{20}

تضيف الآية الكريمة (  فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) , فمال هؤلاء الكفار لا يؤمنون بعد كل تلك البينات والدلائل , أي مانع يمنعهم عن الايمان , بعد كل هذه الحجج والبراهين ! . 

وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ{21}

تستمر الآية الكريمة (  وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ ) , لا يخضعون رغم وضوح معانيه .  

مما يروى في سبب نزول الآية الكريمة , ان النبي صلى الله عليه وآله انه قرأ ذات يوم واسجد واقترب فسجد هو ومن معه من المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر فنزلت .

بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ{22}

تستمر الآية الكريمة (  بَلِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُكَذِّبُونَ ) , بالتوحيد والحق والبعث .  

وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ{23}

تضيف الآية الكريمة (  وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ ) , بما يضمرون في صدورهم من الكفر والنفاق والعداوة .

فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ{24}

تستمر الآية الكريمة (  فَبَشِّرْهُم ) , بشارة في محل استهزاء , (  بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) , مؤلم . 

إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ{25}

تستثني الآية الكريمة (  إِلَّا الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ) , المؤمنون , الذين قرنوا ايمانهم بالأعمال الصالحة , النافعة , (  لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ) , غير مقطوع عنهم , ولا ينقص منه شيء , او لا يمن به عليهم .